خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٣

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥٧٥

وقال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين : ومنها جميع مصنفات ومرويّات الشيخ الامام السعيد المحقق حبر العلماء والفقهاء ، فخر الملّة والحق والدين ، أبي عبد الله محمّد بن إدريس الحلّي الربعي برد الله مضجعه ، وشكر له سعيه ، بالأسانيد المتقدمة إلى الشيخ الفقيه محمد بن نما بحق روايته عنه بالقراءة وغيرها ، فإنه أشهر تلامذته (١).

وقال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة : وعن المشايخ الثلاثة ـ يعني نجيب الدين ابن نما ، والسيد فخار ، والسيد محيي الدين أبي حامد ـ جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة المحقق فخر الدين أبي عبد الله محمّد بن إدريس الحلّي (٢). إلى غير ذلك مما لا حاجة إلى نقله بعد وضوح حاله.

والشيخ تقي الدين بن داود لظنّه أن الإعراض عن أخبار الآحاد إعراض عن أخبار أهل البيت عليهم‌السلام وهو قادح في العدالة بل الايمان ، أدرجه في الضعفاء ، ومع ذلك قال : محمد بن إدريس العجلي الحلّي كان شيخ الفقهاء بالحلّة ، متقنا في العلوم ، كثير التصانيف لكنّه أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم‌السلام بالكليّة (٣) ، وفيه ما لا يخفى ، وقد رأيت من مؤلفاته مختصر تفسير التبيان للشيخ أبي جعفر الطوسي ، والظاهر أنه غير كتابه التعليقات الذي هو حواش وإيرادات عليه.

وينبغي التنبيه هنا على أمرين :

الأول : في مجموعة الشهيد ، ونقله في البحار أيضا عن خطّه أنه قال : قال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الإمامي العجلي : بلغت الحلم سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وتوفي إلى رحمة الله ورضوانه سنة ثمان وسبعين

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٨ : ٧٣.

(٢) بحار الأنوار ١٠٨ : ١٥٨.

(٣) رجال بن دواد : ٢٦٩ / ٤٢٩.

٤١

وخمسمائة (١).

والظاهر أنّ كلمة سبعين مصحفّة من تسعين ، وكثيرا يصحّف أحدهما بالأخرى كتصحيف السبع بالتسع وبالعكس ، ولهذا يصرّحون كثيرا ما في أمثال هذه المقامات بقولهم بتقديم السين أو التاء ، والشاهد على ما استظهرناه أمور :

منها : قوله في كتاب الصلح : من السرائر : فيما لو أخرج الإنسان من داره روشنا إلى طريق المسلمين ـ بعد نقل القولين فيه ما لفظه ـ وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي ، لأن المسلمين من عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يومنا هذا وهو سنة سبع وثمانين وخمسمائة لم يتناكروا (٢). إلى آخره.

ومنها : قوله رحمه‌الله في كتاب المواريث في مسألة الحبوة : والأول من الأقوال هو الظاهر المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به ، وفتاويهم ـ في عصرنا هذا ، وهو سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ـ عليه بلا اختلاف بينهم (٣).

ومنها : قوله في كتاب المزارعة ـ بعد نقل القول ـ : بأن كل من كان البذر منه وجب عليه الزكاة ، قال : والقائل بهذا القول السيد العلوي أبو المكارم ابن زهرة الحلبي شاهدته ، ورأيته ، وكاتبته ، وكاتبني. إلى أن قال : فما رجع ولا غيرها في كتابه ، ومات رحمه‌الله وهو على ما قاله (٤). إلى آخره.

ومر أنّ السيد توفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة (٥).

ومنها : ما قاله تلميذه الأجل السيد فخار في كتاب الحجّة ما لفظه : من ذلك ما أخبرني به شيخنا السعيد أبو عبد الله محمّد بن إدريس (رضي الله) عنه

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٧ : ١٩ ، ومجموعة الشهيد : ٢٢٨.

(٢) السرائر : ١٧٠.

(٣) السرائر : ٤٠١.

(٤) السرائر : ٢٦٥.

(٥) تقدم في صفحة : ٨.

٤٢

في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

قال : أخبرني الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي ، عن الحسين بن طحال المقدادي ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد الطوسي ، عن والده. إلى آخره.

وهذا أول أحاديث هذا الكتاب الشريف.

ومنها : ما في اللؤلؤة نقلا عن الرسالة المشهورة للكفعمي في وفيات العلماء بعد ذكر تاريخ بلوغه كما ذكر.

قال : ووجدت بخط ولده صالح ، توفي والدي محمّد بن إدريس رحمه‌الله يوم الجمعة وقت الظهر ثامن عشر شوال سنة ثمان وتسعين وخمسمائة فيكون عمره تقريبا خمسة وخمسين سنة (١). انتهى ، وهذا واضح بحمد الله تعالى.

الثاني : كثيرا ما يعبر ابن إدريس عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بالجدّ ، كالسيد علي بن طاوس ، ولم أتحقق كيفيّة اتصاله إليه ، وما ذكره جملة من المتأخرين في ترجمته مضافا إلى كونه مجرّد الخرص والتخمين غير مستند إلى مأخذ متين ، معدود من المحالات العادية.

ففي الرياض ـ في الفصل الأول من الخاتمة ـ : بنت المسعود بن الورّام ، جدّة ابن إدريس الحلّي من طرف أمّه ، كانت فاضلة عالمة صالحة ، وقد مرّ في ترجمة ابن إدريس أنّ أم ابن إدريس بنت الشيخ الطوسي ، وأمّها بنت المسعود ابن ورّام ، وكانت أمّ ابن إدريس فيها الفضل والصلاح ، وقد أجازها وأختها بعض العلماء (٢).

وقال أيضا : بنتا الشيخ الطوسي ، قد كانتا عالمتين فاضلتين ، وكانت

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : لم نعثر عليه فيه.

(٢) تقدم في الجزء الثاني صفحة : ٤٥٧ ، ترجمة السيد رضي الدين علي بن طاوس.

٤٣

إحديهما أمّ ابن إدريس كما (١) سبق ، وقد أجازها بعض العلماء ، ولعلّ المجيز أخوها أبو علي ابن الشيخ الطوسي ، أو والدهما الشيخ الطوسي (٢) ، انتهى.

وفي اللؤلؤة ـ في ترجمة السيدين أبي القاسم رضي الدين علي وأبي الفضائل جمال الدين أحمد ابني طاوس ـ : وهما أخوان من أب وأمّ ، وأمهما على ما ذكره بعض علمائنا : بنت الشيخ مسعود الورّام بن أبي الفوارس بن فراس بن حمدان ، وأمّ أمّهما بنت الطوسي ، وأجاز لها ولأختها أم الشيخ محمّد بن إدريس جميع مصنّفاته ، ومصنّفات الأصحاب.

أقول : ويؤيّده تصريح السيد رضي الدين رضي‌الله‌عنه عند ذكر الشيخ الطوسي بلفظ : جدّي ، وكذا عند ذكر الشيخ ورّام وهو أكثر كثيرا في كلامه (٣) انتهى.

وزاد بعضهم نغمة أخرى ، ففي الروضات ـ نقلا عن صاحب صحيفة الصفا في ترجمته ـ يروي عن خاله الشيخ أبي علي الطوسي ، وعن جدّه لأمه الشيخ الطوسي ، وعن أمّ أمّه بنت الشيخ مسعود بن ورّام ، وعربي بن مسافر العبادي ، وأبي المكارم حمزة الحسيني (٤). انتهى.

وفي الروضة البهيّة للسيد العالم المعاصر طاب ثراه : ويروي عن خاله أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، عن جدّه لأمه أبي جعفر الطوسي شيخ الطائفة ، وأمّ أمّه زوجة الشيخ بنت مسعود ورّام كانت فاضلة صالحة (٥).

__________________

(١) تقدم في الجزء الثاني صفحة : ٤٥٧.

(٢) رياض العلماء ٥ : ٤٠٧.

(٣) لؤلؤة البحرين : ٢٣٥ ـ ٢٣٧ / ٨٤ ـ ٨٥.

(٤) روضات الجنات ٦ : ٢٧٧ ، هذا وأضاف فيه روايته عن الحسن بن رطبة السوراوي ، فلاحظ.

(٥) الروضة البهيّة : غير متوفر لدينا.

٤٤

وهذه الكلمات كلّها منحرفة عن الطريقة ، صادرة من غير رويّة ، وقد أشرنا في ترجمة السيد علي بن طاوس إلى عدم إمكان ذلك ، وانّ بين ولادة ابن إدريس ووفاة الشيخ ثلاثة وثمانون سنة ، فكيف يمكن أن تكون أمّه بنته؟ ثم كيف يروي عنه أو يروي عن ولده أبي علي ولم يدركه أحد من معاصريه؟ بل المعهود روايته عنه بواسطة وبواسطتين.

وذكر أبو علي في أول أماليه : أنه سمع عن والده السعيد سنة خمس وخمسين وأربعمائة (١) ، وبين هذا السماع وولادة ابن إدريس قريب من تسعين سنة.

وبالجملة فاللّوازم الباطلة على هذه الكلمات أزيد من أن تحصى ، مع أنه تضييع للوقت ، والمسعود الورّام أو مسعود بن ورّام الموجود فيها غير مذكور في كلمات أحد من الأقدمين ، ولا يبعد انه وقع تحريف في النقل ، وأن الأصل المسعودي ، وهو علي بن الحسين المسعودي صاحب المروج ، وإثبات الوصيّة.

قال العالم النحرير آغا محمّد علي صاحب المقامع ، في حواشيه على نقد الرجال ، بعد نقل كلام عن رياض العلماء (٢) من تعجبه من عدم ذكر الشيخ في الفهرست والرجال ـ المسعودي مع انه جدّه من طرف أمّه كما يقال ، واعترض عليه بأن الشيخ ذكره في الفهرست (٣). إلى أن قال : وإنه ليس بجدّ للشيخ ، بل الذي رأيته في كلام غيره أنه جدّ الشيخ أبي علي ولد الشيخ ، وأن ابن إدريس سبط المسعودي. إلى أن قال رحمه‌الله : وأمّا كونه جدا لابن الشيخ ورّام ابن إدريس ، فالظاهر أنه سهو واضح ، بل غلط فاضح ، ثم بسط القول بما لا عائدة في نقله ، والمقصود استظهار ما ادّعيناه من الاشتباه ، فلاحظ.

__________________

(١) أمالي الشيخ ٢ : ٣ ، وفيه سنة السماع : ٤٥٦.

(٢) رياض العلماء ٣ : ٤٢٨ ، وردت ترجمته هنا ولكن لم يرد فيها ما أورد من إشكال.

(٣) فهرست الشيخ : ١٩٣ / ٨٨٠.

٤٥

وهذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة :

١ ـ منهم : الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي ، وقد مرّ في مشايخ الشيخ ورّام (١).

٢ ـ ومنهم : الشيخ عربي بن مسافر العبادي ، وقد مرّ أيضا (٢).

٣ ـ ومنهم : السيد أبو المكارم ، صاحب الغنية (٣).

٤ ـ ومنهم : الشيخ الحسين بن رطبة ، وقد مرّ ذكر طرقهما (٤) أيضا.

٥ ـ ومنهم : الفقيه عبد الله بن جعفر الدوريستي.

عن جدّه أبي جعفر محمّد بن موسى.

عن جدّه أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي ، كذا في إجازة السيد محمّد بن الحسن العلوي للسيّد شمس الدين محمّد بن جمال الدين محمّد ابن أبي المعالي ، أستاذ الشهيد (٥).

٦ ـ ومنهم : السيد شرف شاه (٦).

عن أبي الفتوح المفسّر الرازي ، الآتي ذكره (٧).

ه ـ الشيخ أبو الفضل بن الحسين الحلي الأجدب (٨) رحمه‌الله ، قرأ عليه

__________________

(١) تقدم في صفحة : ٢٦.

(٢) تقدم في صفحة : ٦.

(٣) تقدم في صفحة : ٨.

(٤) تقدم في صفحة : ٧.

(٥) حكاها في البحار ١٠٧ : ١٥٥.

(٦) ذكر في المشجرة للشيخ ابن إدريس الحلّي ثلاث مشايخ وهم :

١ ـ الشيخ عربي بن مسافر.

٢ ـ والشيخ حسين بن رطبة.

٣ ـ وعبد الحميد بن التقي ، ولم يذكره هنا.

(٧) يأتي في صفحة : ٧٢.

(٨) من مشايخ فخار بن معد بن فخار الموسوي.

٤٦

سنة ٥٩٥ ، كما صرّح به في كتاب الحجّة.

عن الشريف أبي الفتح محمّد بن محمّد بن الجعفرية العلوية ، الطوسي الحسيني الحائري ، كذا وصفه فيه ، وقد تقدم في مشايخ محمّد بن المشهدي صاحب المزار (١).

و ـ السيد الصالح النقيب أبو منصور الحسن بن معيّة العلوي الحسني.

عن الشيخ الفقيه أبي محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد الدوريستي ، المتقدم ذكره (٢).

ز ـ السيد النقيب أبو جعفر يحيى بن محمّد بن أبي زيد العلوي الحسني ، النقيب البصري.

عن والده أبي طالب محمّد بن محمّد بن أبي زيد ، النقيب الحسن البصري.

عن تاج الشرف محمّد بن محمّد بن أبي الغنائم ـ المعروف بابن السخطة ـ العلوي الحسيني البصري النقيب.

عن الشريف الشيخ الامام العالم أبي الحسن نجم الدين علي بن محمّد الصوفي العلوي العمري ، النسابة الشجري ، المعروف ، صاحب كتاب المجدي في أنساب الطالبيين.

ح ـ الشريف النقيب أبو طالب محمّد بن الحسن بن محمّد بن معيّة العلوي الحسيني.

ط ـ أبو العزّ محمّد بن علي الفويقي.

قال في كتاب الحجّة : أخبرني مشايخي أبو عبد الله محمّد بن إدريس ،

__________________

(١) تقدم في صفحة : ٢٨.

(٢) تقدم في صفحة : ٢٧.

٤٧

وأبو الفضل شاذان بن جبرئيل ، وأبو العز محمّد بن علي الفويقي رضوان الله عليهم ، بأسانيدهم إلى الشيخ المفيد رحمه‌الله (١).

ى ـ والده الجليل ، قال في الكتاب المذكور : إنّ أبي معد بن فخار بن أحمد العلوي الموسوي حدثني ، قال : أخبرني النقيب أبو يعلى محمّد بن علي بن حمزة الاقسيسى العلوي الحسيني ـ وهو يومئذ نقيب علينا بالحائر المقدس على ساكنها السلام ـ بإسناده إلى الواقدي (٢).

يا ـ العالم الأجل رضي الدين أبو منصور عميد الرؤساء هبة الله بن حامد ابن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب الحلّي ، اللغوي ، الإمام الفقيه ، الفاضل الجامع ، الأديب الكامل ، المعروف بعميد الرؤساء ، صاحب كتاب الكعب ، المنقول قوله في بحث الوضوء عند مسألة الكعب (٣) : والمعوّل عليه عندنا والمقبول عند العامة.

قال السيوطي في الطبقات بعد ترجمته بما ذكرنا في ترجمة القطب الرازي :

قال ياقوت : هو أديب فاضل ، نحوي شاعر ، شيخ وقته ، ومتصدر

__________________

(١) كتاب الحجة : (ايمان أبي طالب) : ٢٩٧.

(٢) كتاب الحجة : (ايمان أبي طالب) : ٣٢٤.

(٣) كتب الشيخ الطهراني صاحب الذريعة قدس‌سره في هامش نسخته الحجريّة ما يلي :

قال الشهيد في الذكرى في المسألة ما لفظه : قال العلاّمة اللغوي عميد الرؤساء في كتابه : الكعب : هاتان العقدتان في أسفل الساقين. إلى قوله : وأكثر ـ يعني عميد الرؤساء ـ في الشواهد على انّ الكعب هو الناشز في سواء ظهور القدم.

أقول : ظاهره انّه ليس الكتاب في خصوص الكعب ، بل لعلّه كتاب في اللغة استشهد الشهيد بقوله في معنى الكعب ، ولذا ذكر في وصفه العلاّمة اللغوي قال في كتابه : الكعب كذا. فتأمّل. لمحرره.

والظاهر انّ الشهيد سبق وإن ذكر كتاب عميد الرؤساء في الذكرى ، وهنا قال في كتابه إشارة له ، وفيه عرف الكعب ب. إلى آخره.

٤٨

بلده ، أخذ عنه أهل تلك البلاد الأدب ، وأخذ هو عن أبي الحسن علي بن عبد الرحيم الرقي المعروف بابن العصار وغيره ، وله نظم ونثر ، وكان يلقب بوجه الدريبة ، وسمع المقامات من ابن النقوّر ، وروى [عنه] (١) مات سنة عشر وستمائة (٢). انتهى.

وفي الأمل : كان فاضلا جليلا ، له كتب ، يروي عنه السيد فخار (٣).

وفي الرياض : ـ نقلا عن خط ابن العلقمي الوزير على بعض نسخ المصباح هكذا ـ كاتبه رضي الدين عميد الرؤساء أبو منصور هبة الله بن حامد ابن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب اللغوي الحلي ، صاحب أبي محمّد عبد الله ابن أحمد بن الخشاب ، وأبي الحسن عبد الرحيم الرقي السلمي رضى الله عنهم أجمعين ، وكان رحمه‌الله تعالى من الأخيار الصلحاء المتعبدين ، ومن أبناء الكتاب المعروفين ، وكان آخر قراءتي عليه في سنة تسع وستمائة ، وفيها مات بعد أن تجاوز الثمانين (٤) انتهى. ونقله الشهيد أيضا في مجموعته (٥).

وقال المحقق الداماد في شرح الصحيفة السجادية : ولفظ حدّثنا في هذا الطريق لعميد الدين ، وعمود المذهب ، عميد الرؤساء ، فهو الذي روى الصحيفة الكريمة عن السيد الأجل بهاء الشرف ، وهذه صورة خط شيخنا المحقق الشهيد قدس الله تعالى لطيفته على نسخته التي عورضت بنسخة ابن السكون ، وعليها ـ أعني على النسخة التي بخط ابن السكون ـ خط عميد الدين عميد الرؤساء رحمهم‌الله تعالى قراءة ، قرأها على السيد الأجل النقيب

__________________

(١) في الحجريّة : ابن الثفور ، والذي أثبتناه وما بين المعقوفين من المعجم.

(٢) معجم الأدباء ١٩ : ٢٦٤ / ١٠١ ، بغية الوعاة ٢ : ٣٢٢ / ٢٠٨٨.

(٣) أمل الآمل ٢ : ٣٤٢ / ١٠٥٣.

(٤) رياض العلماء ٥ : ٣٠٨.

(٥) مجموعة الشهيد : ٢١٥.

٤٩

الأوحد العالم جلال الدين عماد الإسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد ابن الحسن بن معيّة أدام الله علوّه قراءة صحيحة مهذبّة ، ورؤيتها له عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن رجاله المسمّين في باطن هذه الورقة ، وأجزت روايتها عنّي حسبما وقفته عليه ، وحددته له ، وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستمائة (١). انتهى.

وأنكر عليه شيخنا البهائي ، وزعم أن اللفظ المذكور لابن السكون الآتي ، ويأتي الكلام فيه (٢).

ثم أن المذكور في الأمل وغيره أنه من جملة السادة ، واستشكل في الرياض بعدم تبين ذلك من كلام ابن العلقمي والسيوطي ، قال : ويحتمل الاشتباه في ذلك بالسيد عميد الرؤساء الآخر (٣). انتهى.

وامّا الآخر : فهو عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي ، الذي يروي عن الشيخ المفيد بواسطة واحدة ، ويؤيد عدم السيادة كلام المحقق صاحب المعالم حيث قال في الإجازة الكبيرة : ويروي ـ يعني العلامة ـ عن والده ، عن السيد فخار ، عن الشيخ أبي الحسين يحيى بن بطريق والشيخ الامام الضابط البارع عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب جميع كتبهما وروايتهما (٤). انتهى.

وقد ظهر من تضاعيف كلماتنا أنه يروي عن العميد المذكور أبو جعفر القاسم بن الحسن بن معيّة والد السيد تاج الدين ، والسيد العلامة عبد الله بن

__________________

(١) شرح الصحيفة : لم نعثر عليه.

(٢) يأتي في صفحة : ٥٢.

(٣) رياض العلماء ٥ : ٣٠٨.

(٤) انظر بحار الأنوار ١٠٩ : ٢٧.

٥٠

زهرة الحلبي ، والوزير مؤيد الدين ابن العلقمي تلميذه ، والسيد فخار وغيرهم.

وأمّا هو فيروي : عن السيد الأجل بهاء الشرف نجم الدين أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن علي بن محمّد بن عمر بن يحيى بن الحسين النسابة (١) بن أحمد بن المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام السجاد عليه‌السلام ، المذكور في أوّل النسخ المعروفة من الصحيفة الكاملة ، وقد روى عنه خلق كثير غير عميد الرؤساء كابن السكون (٢) ، والشريف الأجل نظام الشرف أبو الحسن (٣) بن العريضي العلوي ، وجعفر بن علي (٤) والد محمّد المشهدي ، والشيخ هبة الله بن نما (٥) ، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة (٦) ، والشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي (٧) ، والشريف أبو الفتح بن الجعفرية (٨) ، والشيخ سالم بن قباروية (٩) ، والشيخ عربي بن مسافر (١٠) وغيرهم ، ومرّ ذكر الطرق إليهم.

يب ـ الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد ابن السكون الحلّي ، الفاضل العالم ، العابد الورع ، النحوي اللغوي ، الشاعر

__________________

(١) النسابة ظاهرا. (منه قدس‌سره)

(٢) تأتي ترجمته في نفس الصفحة.

(٣) تقدم في صفحة : ٢٦.

(٤) تقدم في صفحة : ٢٧.

(٥) تقدم في صفحة : ١٨.

(٦) تقدم في صفحة : ٢٧.

(٧) تقدم في صفحة : ٢٨.

(٨) تقدم في صفحة : ٢٨.

(٩) تقدم في صفحة : ٢٨.

(١٠) تقدم في صفحة : ٦.

٥١

العالم ، الفقيه المعروف بابن السكون ، وهو الشيخ الثقة من علمائنا. كذا في الرياض (١). وذكره السيوطي في الطبقات (٢) ، وبالغ في مدحه ، وقد مرّ كلامه في ترجمة القطب الرازي (٣).

وذكر جماعة عن الشيخ البهائي أنه القائل في أوّل الصحيفة : حدثنا.

وأنكر عليه المحقق الداماد ، فقال : وأمّا النسخة التي بخط علي بن السكون رحمه‌الله تعالى فطريق الاسناد فيها على هذه الصورة : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن إسماعيل بن أشناس البزاز قراءة عليه ، فأقر به ، قال : أخبرنا أبو المفضل محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني. إلى آخر ما في الكتاب (٤). انتهى.

ولا ثمرة علمية في تشخيص القائل. وما ذكراه من الترجيح غير معلوم ، والعميد وابن السكون كلاهما في طبقة واحدة ، وكلاهما من تلامذة ابن العصّار اللغوي. وسند الصحيفة ينتهي إلى نسخة شيخنا الشهيد ، وهو يرويها عن السيد تاج الدين محمّد بن قاسم بن معيّة ، عن والده ، وهو يرويها عن كليهما ، وكذا سائر طرق الشهيد المنتهية إلى ابن نما ، والسيد فخار ، والسيد عبد الله بن زهرة الحلبي ، فكلّهم يروونها عن كليهما ، وكلاهما يروونها عن السيد بهاء الشرف.

هذا ، وقال السيد الداماد : ويروي السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي ـ تلميذ ابن إدريس ـ الصحيفة عن ابن السكون ، وعميد الرؤساء المذكورين ، وكان في نسخة الصحيفة لابن السكون اختلافات مع النسخ

__________________

(١) رياض العلماء ٤ : ٢٤١.

(٢) بغية الوعاة ٢ : ١٩٩ / ١٧٨٤.

(٣) تقدم في الجزء الثاني صفحة : ٣٨٨.

(٤) رياض السالكين ١ : ٥٤.

٥٢

المشهورة ، وقد ضبط علماؤنا ـ قدس الله أسرارهم ـ جميع اختلافات نسخها نقلا عن خطّه الذي وجده الشيخ علي بن أحمد المعروف بالسديدي. وكذلك له اختلافات نسخ المصباح الكبير ، والمصباح الصغير ، كلاهما للشيخ الطوسي. وقد ضبط جماعة من الأصحاب هذه الاختلافات أيضا ، نقلا من النسخة التي كانت بخطّه فيهما ، جزاهم الله خيرا. انتهى.

يج ـ السيد السعيد الفقيه أبو محمّد قريش بن السبيع بن مهنّا بن السبيع العلوي الحسيني المدني.

في الرياض : فاضل عالم ، جليل محدث رضي‌الله‌عنه ، وقد يعبّر عنه اختصارا : بقريش بن مهنّا ، وله من المؤلفات كتاب فضل العقيق والتختّم به ، ينقل عنه ابن طاوس في كتاب أمان الأخطار (١) ، وفلاح السائل (٢).

وفي الرياض : ونسب إليه السيد حسين بن مساعد ـ في كتاب تحفة الأبرار ـ كتاب المختار من كتاب الطبقات لابن سعد ، ومن كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ (٣).

عن الفقيه الحسين بن رطبة.

عن أبي علي الطوسي.

الخامس : من مشايخ أبي القاسم نجم الدين المحقق : السيد مجد الدين علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسن ابن عيسى بن محمّد بن عيسى بن علي العريضي ـ صاحب المسائل عن أخيه الكاظم عليه‌السلام ـ ابن جعفر الصادق عليه‌السلام ، المعروف بالسيد مجد

__________________

(١) الأمان من الأخطار : ٥١ ـ ٥٢.

(٢) فلاح السائل : لم نعثر عليه فيه.

(٣) رياض العلماء ٤ : ٣٩٤.

٥٣

الدين العريضي.

في الأمل : السيد مجد الدين علي بن الحسن بن إبراهيم الحلبي العريضي ، فاضل جليل ، من مشايخ المحقق (١).

عن ابن المولى.

عن الحسين بن رطبة.

عن الشيخ أبي علي.

عن والده أبي جعفر الطوسي ، كذا في الإجازة الكبيرة لصاحب المعالم ، نقلا عن خط الشهيد (٢).

ثم نقل عن خطّه في موضع آخر هذا الطريق بدون واسطة ابن المولى.

قال (رحمه‌الله) :

ثم (إنّ الشهيد رحمه‌الله نقل هذا الطريق من خط المحقق رحمه‌الله وأشار إلى مخالفته لما كتبه في ذلك الموضع الآخر من توسط ابن المولى بين السيد مجد الدين وابن رطبة ، ولم يتعرض لترجيح شيء من الأمرين ، والظاهر ترجيح عدم الواسطة.

أمّا أولا : فلأن ترك الواسطة مأخوذ من خط المحقق رحمه‌الله كما ذكره ، ولم يعلم مأخذ إثباتها.

وأمّا ثانيا : فلأن الواسطة هناك مذكورة بين الشيخ سديد الدين بن محفوظ وبين ابن رطبة ، وسنذكر ما ينافي ذلك نقلا من خط المحقق رحمه‌الله.

وأمّا ثالثا : فلأن الشهيد رحمه‌الله ذكر بعد حكاية الطريق المذكور أن السيد مجد الدين العريضي يروي عن أبي طالب حمزة بن محمّد بن احمد بن

__________________

(١) أمل الآمل ٢ : ١٧٨ / ٥٣٧.

(٢) انظر بحار الأنوار ١٠٩ : ٣٦.

٥٤

شهريار الخازن ، عن أبي علي ، عن والده. وفي هذا قرينة على تقدم روايته ، فان ابن شهريار هذا من طبقة ابن رطبة (١). انتهى.

ولم أجد لابن المولى المذكور ذكرا في غير هذا المقام ، ولعلّ الفاحص عن حاله يجد له ترجمة.

السادس : الشيخ المتكلم ، الفقيه البارع ، سديد الدين سالم بن محفوظ ، الذي مر ذكره الشريف في مشايخ رضي الدين علي بن طاوس (٢).

١ ـ عن نجيب الدين يحيى جدّ المحقق ، كما تقدم (٣).

٢ ـ وعن ابن رطبة.

قال صاحب المعالم : وجدت بخط الشيخ السعيد المحقق نجم الملّة والدين أبي القاسم جعفر بن سعيد في جملة إجازة ذكر فيها أنّ المجاز له قرأ عليه جزء من كتاب المبسوط للشيخ أبي جعفر ثم قال : وأجزت له رواية ذلك عنّي ، عن الفقيه سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة.

عن أبي علي بن رطبة.

عن أبي علي الحسن بن محمّد.

عن والده محمّد بن الحسن الطوسي رحمه‌الله (٤). انتهى.

وهذا ما وعده سابقا من نقله عن خط المحقق مما ينافي ما وجده بخط الشهيد ، من رواية المحقق ، عن سديد الدين ، عن ابن المولى ـ كالسيد مجد الدين العريضي عنه ـ عن ابن رطبة ، فتأمل ، فإنه لا منافاة بين رواية سديد الدين عن ابن رطبة تارة بلا واسطة ، واخرى معها.

__________________

(١) انظر بحار الأنوار ١٠٩ : ٣٦.

(٢) تقدم في الجزء الثاني صفحة : ٤٦٤.

(٣) تقدم في صفحة : ٤٧٤ حجري.

(٤) بحار الأنوار ١٠٩ : ٣٨.

٥٥

السابع : الشيخ الصالح تاج الدين الحسن بن علي الدربي.

في الأمل : عالم جليل القدر (١).

وفي الرياض : من أجلة العلماء ، وقدوة الفقهاء ، ومن مشايخ المحقق والسيد رضي الدين علي بن طاوس (٢).

ووصفه الشهيد في الأربعين بقوله : الامام تاج الدين الحسن الدربي (٣).

وما في آخر الوسائل من قوله : ويروي العلامة كتاب كفاية الأثر للخزاز ، عن السيد رضي الدين علي بن طاوس ، عن الشيخ تاج الدين حسن بن «السندي» (٤) من سهو قلمه ، أو قلم الناسخ.

ويروي هذا الشيخ عن جماعة.

أ ـ الشيخ عربي بن مسافر (٥).

ب ـ ابن شهريار الخازن ، وقد سبق ذكرهما (٦).

ج ـ الشيخ محمّد بن عبد الله البحراني الشيباني ، ذكره في الرياض (٧) ، ولم أجد له ترجمة.

د ـ فخر الشيعة ، وتاج الشريعة ، أفضل الأوائل ، والبحر المتلاطم الزخار الذي ليس له ساحل ، محيي آثار المناقب والفضائل ، رشيد الملّة

__________________

(١) أمل الآمل ٢ : ٦٥ / ١٧٧.

(٢) رياض العلماء ١ : ١٨٤.

(٣) الأربعين حديثا : ٤.

(٤) وسائل الشيعة ٢٠ : ٥٥.

(٥) تقدم في صفحة : ٦.

ذكر في المشجرة الشيخ تاج الدين الحسن بن علي الدربي من مشايخ المحقق ولم يذكر له شيخا سوى الشيخ عربي بن مسافر ورشيد الدين ابن شهرآشوب.

(٦) تقدم في صفحة : ٢٨.

(٧) رياض العلماء ١ : ٢٢٣.

٥٦

والدين ، شمس الإسلام والمسلمين ، أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي المازندراني ، الفقيه المحدث ، المفسر المحقق ، الأديب البارع ، الجامع لفنون الفضائل ، صاحب كتاب المناقب الذي هو من نفائس كتب الإماميّة.

قال العالم الجليل علي بن يونس العاملي في كتابه الصراط المستقيم : صنّف الحسين بن جبير (١) كتابا سمّاه نخب المناقب لآل أبي طالب ، اختصره من كتاب الشيخ محمّد بن شهرآشوب.

قال : سمعت بعض الأصحاب يقول : وزنت من كتاب ابن شهرآشوب جزءا فكان تسعة أرطال.

قال ابن جبير في خطبة نخب المناقب : فكّرت في كثرة ما جمع ، وأنه ربّما يؤدي عظم حجمه إلى العجز عن نقله ، بل ربّما أدى إلى ترك النظر فيه والتصفح لجميعه ، لا سيّما مع سقوط الاهتمام في طلب العلم ، فأومى إلى ذكر الرجال وأدخل الروايات بعضها في بعض. فمن أراد الإسناد والرجال فعليه بكتاب ابن شهرآشوب المذكور ، فإنه وضعها في ذلك المسطور ، والموجب لتركها خوف السّآمة من جملتها ، ولأن الطاعن في الخبر يمكنه الطعن في رجاله إلاّ ما اتفق عليه الفريقان ، أو اختص به المخالف من العرفان ، أو تلقّته الأمّة بالقبول (٢).

إلى آخر كلامه الظاهر ، بل الناص على كون المناقب الشائع الدائر في هذه الأعصار وقبلها ، بل في عصر المجلسي ، ليس هو الأصل ، بل هو مختصر منه ، اختصره ابن جبير أو غيره ، فان الموجود لا يزيد على أربعين ألف بيت.

__________________

(١) في الصراط المستقيم : ابن جبر.

(٢) الصراط المستقيم ١ : ١١.

٥٧

وأمّا عدّ المجلسي والشيخ الحرّ في البحار والوسائل وإثبات الهداة وغيرهم من مأخذ مجاميعهم المناقب لابن شهرآشوب ففيه مسامحة لا يخفى على المتدرب في هذا الفن.

وابن جبير المذكور ـ صاحب نخب المناقب المذكور ، ونهج الإيمان ، الذي ذكر في ديباجته انه جمعه بعد الوقوف على ألف كتاب ، كما ذكره الكفعمي في بعض مجاميعه وغيرهما ـ فاضل عالم ، كامل جليل ، يروي عن ابن شهرآشوب ـ كما في الرياض (١) ـ بواسطة واحدة.

وليعلم أن الموجود من المناقب في أحوال الأئمة عليهم‌السلام إلى العسكري عليه‌السلام ، ولم نعثر على أحوال الحجة عليه‌السلام منه ، ولا نقله من تقدمنا من سدنة الأخبار كالمجلسي ، والشيخ الحرّ ، وأمثالهما. وربّما يتوهم أنه لم يوفق لذكر أحواله عليه‌السلام إلاّ أنه قال في معالم العلماء في ترجمة المفيد رحمه‌الله : إنه لقبه به صاحب الزمان عليه‌السلام ، قال : وقد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب (٢) ، والظاهر أنه كتبه في جملة أحواله عليه‌السلام ، فهذا الباب سقط من هذا الكتاب. والله العالم.

ولابن شهرآشوب مؤلفات حسنة غير المناقب ، اعتمد عليها الأصحاب ، وعندنا منها كتاب متشابه القرآن ، أهداه شيخنا الحرّ إلى العلامة المجلسي ، وفي ظهر الكتاب خطهما ، وهو كتاب عجيب ينبئ عن طول باعه ، وكثرة تبحره ، وكفاه فخرا إذعان فحول أعلام أهل السنة بجلالة قدره ، وعلوّ مقامه.

قال صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات : محمّد بن علي بن

__________________

(١) رياض العلماء ٢ : ٣٩.

(٢) معالم العلماء ١١٣ / ٧٦٥.

٥٨

شهرآشوب ـ الثانية سين مهملة ـ أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين الشيعي ، أحد شيوخ الشيعة ، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ، ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو ، ووعظ على المنبر أيام المقتفى ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه ، وكان بهيّ المنظر ، حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح المحاورة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجد ، لا يكون إلاّ على وضوء ، أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيرا ، توفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة (١).

وقال الفيروزآبادي في كتاب البلغة في تراجم أئمة النحو واللّغة : محمّد ابن علي بن شهرآشوب أبو جعفر المازندراني رشيد الدين الشيعي ، بلغ النهاية في أصول الشيعة ، تقدم في علم القرآن واللّغة والنحو ووعظ أيام المقتفى فأعجبه وخلع عليه ، وكان واسع العلم ، كثير العبادة ، دائم الوضوء ، له كتاب الفصول في النحو ، وكتاب المكنون والمخزون ، وكتاب أسباب نزول القرآن ، وكتاب متشابه القرآن ، وكتاب الأعلام والطرائق في الحدود والحقائق ، وكتاب الجديدة ، جمع فيها فوائد وفرائد جمّة ، عاش مائة سنة إلاّ عشرة أشهر ، مات سنة ٥٨٨ ثمان وثمانين وخمسمائة (٢).

وذكره السيوطي في طبقات النحاة (٣) ، كما تقدم في ترجمة القطب الرازي (٤).

وقال شمس الدين محمّد بن علي بن أحمد الداودي المالكي تلميذ عبد الرحمن السيوطي في طبقات المفسرين : محمّد بن علي بن شهرآشوب بن أبي

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٤ : ١٦٤.

(٢) البلغة للفيروزآبادي : لم نعثر عليه ولعلّه مخطوط.

(٣) بغية الوعاة ١ : ١٨١ / ٣٠٤.

(٤) تقدم في الجزء الثاني صفحة : ٣٨٨.

٥٩

نصر أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين ، أحد شيوخ الشيعة ، اشتغل بالحديث ، ولقي الرجال ، ثم تفقّه وبلغ النهاية في فقه أهل مذهبه ، ونبغ في الأصول حتى صار رحله ، ثم تقدم في علم القرآن والقراءات والتفسير والنحو ، وكان إمام عصره ، وواحد دهره ، أحسن الجمع والتأليف ، وغلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه ، وتعليقات الحديث ورجاله ومراسيله ، ومتّفقه ومتفرقه. إلى غير ذلك من أنواعه ، واسع العلم ، كثير الفنون ، مات في شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

قال ابن أبي طي : ما زال الناس بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطّة الحنبلي وابن بطّة الشيعي حتى قدم الرشيد فقال : ابن بطّة الحنبلي بالفتح ، والشيعي ـ بالضم ـ (١). انتهى.

قلت : وهذه التراجم الثلاث من كتاب عبقات الأنوار لعلامة عصره ، وفريد دهره المولى الأجلّ المعاصر مولوي مير حامد حسين الهندي طاب ثراه ، وجعل الجنّة محلّه ومثواه.

وهذا الحبر القمقام يروي عن جماعة من المشايخ العظام ، يعسر علينا إحصاؤهم ، فلنقتصر بذكر بعض الأعلام.

الأول : الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج المعروف ، المعوّل عليه عند أصحابنا.

قال تلميذه في معالم العلماء : شيخي أحمد بن أبي طالب الطبرسي ، له الكافي في الفقه حسن ، والاحتجاج ، ومفاخر الطالبيّة ، وتاريخ الأئمة ،

__________________

(١) طبقات المفسرين ٢ : ٢٠١.

٦٠