خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٣

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥٧٥

علم من طريقتهما من عدم الاعتناء بغير الأخبار القطعية ، وعدّهما من القدماء أيضا خلاف مصطلحهم ، من عدّهم من تأخر عن شيخ الطائفة من المتأخرين ، ولو سلّم ما ذكره رحمه‌الله فلا يوجب طعن واحد أو أكثر في بعض أخبار الكافي وهنا في القرائن السابقة لاحتمال غفلته عنها ، أو عدم فهمه منها ما فهمناه منها والأول أظهر ، فإن تراكم السير والتتبع والنظر والاطلاع وطول التفحص طبقا عن طبق ، أورث ظهور قرائن كثيرة ، أوجبت دخول كثير من الضعاف في الحسان والصحاح وهكذا.

كما لا يخفى على من وقف على ما ذكره المجلسيان في هذا المقام ، وجملة ممّن كان في طبقتهما إلى الأستاذ الأكبر والعلامة الطباطبائي رحمهم‌الله فيما ذكراه ـ في التعليقة والرجال ـ ونظر إلى ما حققوه ، ثم نظر إلى الذين سبقوهم ، إلى العلامة ـ وما بنوا عليه في الجرح والتعديل ـ فإنه يجد تصديق ما ذكرناه ، ولا يتوحش عمّا حققناه.

قال الفاضل الخبير المولى الحاج محمّد بن علي الأردبيلي في كتاب جامع الرواة ورافع الاشتباهات : وبسبب نسختي هذه يمكن أن يصير قريبا من اثنى عشر ألف حديث أو أكثر من الأخبار التي كانت بحسب المشهور بين علمائنا (رضوان الله عليهم) مجهولة ، أو ضعيفة ، أو مرسله ، معلومة الحال وصحيحة لعناية الله تبارك وتعالى ، وتوجّه سيّدنا محمّد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) (١) ، انتهى.

ومراده من العدد المذكور ، الأخبار المودعة في الكتب الأربعة ، وإن لاحظنا ما ذكره في أخبار سائر الكتب المعتمدة الشائعة ، كان العدد أضعافا مضاعفة.

__________________

(١) جامع الرواة ١ : ٦.

٥٠١

الخامسة : ما في الرسالة من أن الكليني قد أكثر في الكافي من الرواية عن غير المعصوم عليه‌السلام في أول كتاب الإرث (١).

وقال في كتاب الديات في باب وجوه القتل : علي بن إبراهيم قال : وجوه القتل على ثلاثة أضرب (٢). إلى آخر ما قال ، ولم يورد في ذلك الكتاب حديثا آخر.

وفي باب شهادة الصبيان : عن أبي أيوب قال : سمعت إسماعيل بن جعفر عليه‌السلام (٣). إلى آخره.

وأكثر أيضا في أصول الكافي من الرواية عن غير المعصوم : منه ما ذكره في مولد الحسين عليه‌السلام من حكاية الأسد الذي دعته فضّة إلى حراسة جسده عليه‌السلام.

وما ذكره في مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام عن أسيد بن صفوان (٤) ، والحكايتان مشهورتان إلى غير ذلك (٥) ، انتهى.

والجواب : إنّ هذه شبهة على قوله رحمه‌الله عن الصادقين عليهم‌السلام لا على قوله رحمه‌الله بالآثار الصحيحة ، فنقل خبر أو كلام عن غيرهم عليهم‌السلام لا ينافي بناؤه ، ونقله الآثار الصحيحة عنهم في أمور الدين ، كما لو ذكر معنى كلمة من الخبر لغة أو عرفا ، عن نفسه أو عن غيرهم ، بعد نقل خبر فيها ، ومن ذلك ذكره تواريخ ولادة الحجج عليهم‌السلام ووفاتهم عليهم‌السلام في صدر أبواب مواليدهم من نفسه ، من غير استناده

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٠ ، ٧٥.

(٢) الكافي ٧ : ٢٧٦.

(٣) الكافي ٧ : ٣٨٨ / ١.

(٤) أصول الكافي ١ : ٣٧٨ / ٤ ، ٣٨٧ / ذيل الحديث السابع.

(٥) رسالة اجتهاد الاخبار : مخطوط ، ورقة : ١٧٠ / أ.

٥٠٢

إلى أحد ، بل ومنه الحكايتان اللتان أشار إليهما ، فإنّهما محسوبتان من المعاجز التي تنقل عن غيرهم غالبا ، وكلّ ذلك غير داخل في أمور الدين التي سأل عنها السائل.

بل ومنه ما ذكره في أول الإرث ، عن نفسه ، وعن يونس (١) ، فإنّها كلّيات استخرجها من الكتاب والسنة ، التي نقلها في أبواب كتاب الإرث ، وعليها شواهد منها ، وبها يسهل فهمنا كما لا يخفى على من راجعها ، ولا يورث ذلك نقضا في قوله عن الصادقين عليهم‌السلام.

وكذلك ما ذكره عن علي بن إبراهيم في وجوه القتل (٢) ، فإنه نتيجة ما رواه قبل هذا الباب ، وما رواه بعده في أبواب كتاب الديات ، ذكره لسهولة الحفظ ، وليس في كلام عليّ ما لم يرو هو شاهد في تلك الأبواب.

وأمّا رواية أبي أيوب الخزاز ، عن إسماعيل (٣) فظاهر أن أبا أيوب الثقة صاحب الأصل الجليل ، الذي قالوا فيه : كبير المنزلة ، ويروي عنه الأجلاّء كيونس (٤) ، وصفوان (٥) ، وابن أبي عمير (٦) ، وعلي بن الحكم (٧) ، وحسين بن عثمان (٨) ، وغيرهم ، لم يكن ليسأل عن إسماعيل حكما شرعيا ، إلاّ بعد علمه بأنه لا يقول في الجواب إلاّ ما سمعه عن أبيه عليه‌السلام وإلاّ فعدم حجيّة

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٠ باب وجوه الفرائض ، ٧٢ باب بيان الفرائض في الكتاب ، ٨٣ باب العلة في ان السهام لا تكون أكثر من ستة ، وهو من كلام يونس بن عبد الرحمن.

(٢) الكافي ٧ : ٢٧٦.

(٣) الكافي ٧ : ٣٨٨ / ١ باب شهادة الصبيان.

(٤) الكافي ٧ : ٣٨٨ / ١.

(٥) الكافي ٦ : ١٣٦ / ١.

(٦) تفسير القمي ١ : ٢٠٥ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٢٩ / ٨٩ ، الكافي ٤ : ٢٩١ / ٣.

(٧) أصول الكافي ٢ : ١٠٦ / ١٣.

(٨) أصول الكافي ١ : ١٧٢ / ٢ وفيه : عن أبي أيوب.

٥٠٣

قول غير الإمام من البداهة بمكان لم يكن ليخفى على مثله ، ورواية يونس عنه ذلك أيضا يؤيد ذلك ، وعلى فرض عدم ظهور ذلك ، أو عدم حجيّته لعدم استناده إلى اللفظ ، لا بحث على ثقة الإسلام إن علم أو وثق بذلك ، فأخرج الخبر من غير تمويه وتدليس ، يأخذه من يعتمد على ذلك ، ويترك من لا يرى فيه حجّة ، وما وجد في الكتاب من أمثال ذلك (١) فهو من هذا الباب.

ويظهر من [كلام] الصدوق في الفقيه أن بناءهم كان على ذلك ، فإنه ذكر فيه رواية أبان ، عن الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يرث من دار أمرته أو أرضها من التربة شيئا؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟

فقال : «يرثها وترثه من كلّ شيء ترك وتركت».

قال الشيخ مصنّف هذا الكتاب : هذا إذا كان لها منه ولد ، فأمّا إذا لم يكن لها منه ولد ، فلا ترث من الأصول إلاّ قيمتها ، وتصديق ذلك ما رواه : محمّد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة : في النساء إذا كان لهن ولد ، أعطين من الرباع (٢) ، انتهى.

انظر كيف خصّص الخبر الصحيح بقول ابن أذينة ، فلولا علمه واعتقاده بأنه كلام المعصوم عليه‌السلام لما خصّص الخبر ، بل الأخبار الكثيرة به ، وتبعه على ذلك الشيخ في النهاية (٣) وجماعة ، وتمام الكلام في محلّه.

وبالجملة فقد كفانا مؤنة ردّ هذه الشبهات ، إعراض صاحبها وهو

__________________

(١) كروايته عن أبي أيوب النحوي ، والنضر بن سويد ، وإدريس بن عبد الله الأودي ، والفضيل ابن يسار ، وأبي حمزة ، وإسحاق بن عمار ، وإبراهيم بن أبي البلاد وغيرهم ممن ذكر في معجم رجال الحديث ١ : ٨٩ ، فراجع.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٥٢ / ٨١٢ ـ ٨١٣.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٤٢.

٥٠٤

الأستاذ الأكبر (طاب ثراه) عنها ، كما عرفت من كلامه في الفوائد والتعليقة (١) ، ويظهر منه ، ومن مواضع من الرسالة أن غرضه منها إبطال دعوى قطعيّة أخبار الكافي ، لا ما نحن بصدد إثباته ، فلاحظ وتأمّل.

وينبغي التنبيه على أمور :

الأول : في اللؤلؤة : قال بعض مشايخنا المتأخرين : أمّا الكافي فجميع أحاديثه حصرت في : ستّة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا.

والصحيح منها باصطلاح من تأخّر ؛ خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثا.

والحسن : مائة وأربعة وأربعون حديثا.

والموثق : مائة حديث وألف حديث وثمانية عشر حديثا.

والقوي منها : اثنان وثلاثمائة حديث.

والضعيف منها : أربعمائة وتسعة آلاف وخمسة وثمانون حديثا (٢) ، انتهى.

والظاهر أن المراد من القوي ، ما كان بعض رجال سنده أو كلّه الممدوح من غير الإمامي ، ولم يكن فيه من يضعف الحديث ، وله إطلاق آخر يطلب من محلّه (٣) ، وعلى ما ذكره فأكثر من نصف أخبار الكافي ضعيف لا يجوز العمل به ، إلاّ بعد الانجبار ، وأين هذا من كونه أجلّ كتب الشيعة ، ومؤلفه أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، ولم يكن في كتاب تكليف الشلمغاني المردود المعاصر له خبر

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال : ٦ ، والفوائد الحائرية : ١٢٥ ، الفائدة : ٢٢.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.

(٣) يطلق الخبر القوي على ما كانت رواته من الإمامية ، وكان بعضهم مسكوتا عنه مدحا أو قدحا.

أو على من كان كذلك مع مدحهم مدحا خفيفا أقل من مدح رواة الحديث الحسن ، أو أقل من مدح رواة الحديث الموثق. ولكل من هذه الإطلاقات اسم خاص به.

انظر : مقباس الهداية ١ : ١٧٦.

٥٠٥

مردود إلاّ اثنان كما تقدم ، فلاحظ وتأمّل.

وقال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله بعد ذكر الحديث النبوي المشهور : ـ إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها ـ ما لفظه : وما ذكره ابن الأثير وغيره من أهل الخلاف ، من أن الكليني هو المجدد لمذهب الإمامية في المائة الثالثة (١) ، من الحق الذي أظهره الله على لسانهم وأنطقهم به ، ومن نظر كتاب الكافي الذي صنّفه هذا الإمام (طاب ثراه) وتدبّر فيه ، تبيّن له صدق ذلك ، وعلم أنه مصداق هذا الحديث ، فإنه كتاب جليل عظيم النفع ، عديم النظير ، فائق على جميع كتب الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط والتهذيب ، وجمعه للأصول والفروع ، واشتماله على أكثر الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ، وقد اتفق تصنيفه في الغيبة الصغرى بين أظهر السفراء في مدة عشرين سنة ، كما صرح به النجاشي (٢) ، وقد ضبطت أخباره في ستّة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا ، وجدت ذلك منقولا عن خطّ العلامة.

وقال الشهيد في الذكرى : إن ما في الكافي يزيد على ما في مجموع الصحاح الست للجمهور ، وعدّة كتب الكافي اثنان وثلاثون (٣) ، انتهى.

قلت : أمّا صحيح البخاري وهو أصح الست عندهم ، فقال الحافظ ابن حجر كما في كشف الظنون : جميع أحاديثه بالمكرّر سوى المعلّقات والمتابعات ، على ما حرّرته وأتقنته : سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعون حديثا ، والخالص من ذلك بلا تكرير : ألفا حديث وستمائة وحديثان ، وإذا ضمّ

__________________

(١) جامع الأصول ١١ : ٣٢٣.

(٢) رجال النجاشي : ٣٧٧ / ١٠٢٦.

(٣) رجال السيد بحر العلوم ٣ : ٣٣٠ ، وانظر : الذكرى : ٦.

٥٠٦

إليه المتون المعلّقة المرفوعة وهي : مائة وخمسون حديثا ، صار مجموع الخالص : ألفي حديث وسبعمائة وواحد وستين حديثا (١).

وأما صحيح مسلم ففي كشف الظنون : روي عن مسلم أن كتابه : أربعة آلاف حديث دون المكررات ، وبالمكررّات سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا (٢).

وأمّا سنن أبي داود السجستاني ففيه : أنه قال في أوله : وجمعت في كتابي هذا : أربعة آلاف حديثا وثمانية أحاديث (٣) من الصحيح وما يشبهه وما يقاربه (٤) ، انتهى.

ولا يحضرني عدد أخبار الباقي (٥).

الثاني : كثيرا ما يقول الكليني رحمه‌الله في كتابه الكافي : عدة من أصحابنا ، عن فلان ، وهو يريد رجالا بأعيانهم فمنها ما تبين أساميهم ، وهي ما تكررت في الأسانيد ، ومنها ما لم تبين ، وهي في مواضع معدودة.

__________________

(١) كشف الظنون ١ : ٥٤٤.

(٢) كشف الظنون ١ : ٥٥٦.

(٣) كذا ، وفي سنن أبي داود ١ : ١٦ من المقدمة ان كتابه يشتمل على ثمانمائة حديث وأربعة آلاف حديث ، فلاحظ.

(٤) كشف الظنون ٢ : ١٠٠٤.

(٥) اخبار الباقي كالآتي :

١ ـ موطإ مالك يحتوي علي : خمسمائة حديث.

٢ ـ صحيح الترمذي يحتوي على : خمسة آلاف حديث.

٣ ـ سنن ابن ماجة يحتوي على : أربعة آلاف وثلاثمائة وواحد وأربعين حديثا.

٤ ـ مجتبى النسائي (يقرب من سنن ابن ماجة).

على ان أهم هذه الكتب عندهم هي خمسة (البخاري ، مسلم ، أبو داود ، الترمذي ، النسائي).

انظر : اضواء على السنة المحمدية : ٣١٩.

٥٠٧

فمن القسم الأول : العدة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، والعدة ، عن أحمد بن محمّد بن خالد (١) ، والعدة ، عن سهل بن زياد (٢).

أما الأولى فقال الشيخ النجاشي في ترجمته : وقال أبو جعفر الكليني : كل ما كان في كتابي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى فهم :

محمّد بن يحيى ، وعلي بن موسى الكميذاني ، وداود بن كورة ، وعلي (٣)

__________________

(١) وحديث على ظهر الاستبصار الذي كتبه الشيخ جعفر بن علي بن جعفر المشهدي عن نسخة خط المصنف ، والكاتب والد محمّد بن جعفر المشهدي صاحب مزار محمد بن المشهدي ، وقد فرغ عن كتابته سنة ٥٧٣ وصورة المكتوب على ظهره هذه :

وجدت بخط الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي : سألت الشيخ السعيد أبي عبد الله محمّد ابن محمد بن النعمان الحارثي رضي‌الله‌عنه وأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري رضي‌الله‌عنه ، عن قول الكليني : عدة من أصحابنا في كتاب الكافي ورواياته؟

فقالا : كلّما كان عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى فإنّما هو : محمد بن يحيى ، وعلي بن موسى الكميذاني ـ يعني : القمي ، لأنّه اسم قم بالفارسية ـ وداود بن كورة ، وأحمد بن إدريس ، وعلي بن إبراهيم.

وكلّ ما كان عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فهم : علي بن إبراهيم ، وعلي بن محمد ماجيلويه ، ومحمد بن عبد الله الحميري ، ومحمّد بن جعفر ، وعلي بن الحسين. انتهى.

والنسخة عند الشيخ هادي كاشف الغطاء.

الجاني آقا بزرگ.

(٢) روى الكليني في فروع الكافي عن العدة عن أحمد بن محمد بن عيسى في ستمائة وخمسة وستين موردا ، وعن عدة أحمد بن محمد بن خالد في أربعمائة وثلاثة وستين موردا ، وعن عدة سهل بن زياد في تسعمائة وخمسة موارد.

انظر : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي الفروع : ٣٩٩ ـ ٤١٢.

(٣) ولآقا بزرك أيضا :

الموجود في النجاشي : [٦٧] : أحمد بن إدريس ، وكذا في الخلاصة : [١٦ / ١٤] مطابقا لما وجد بخط شيخ الطائفة [انظر فهرست الشيخ : ٢٦ / ٧١] فهذا اللفظ غلط الكاتب.

كذا في الأصل ، والصحيح ما في المصادر وما ذكره الشيخ آقا بزرك.

٥٠٨

ابن إدريس ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم ، وكذا نقله العلامة عنه قدس‌سره في الخلاصة (١).

وأمّا الثانية : ففي الخلاصة عنه : وكلمات ذكرت في كتابي هذا عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فهم : علي بن إبراهيم ، وأحمد ابن عبد الله بن أمية ، وعلي بن محمّد بن عبد الله بن أذينة ، وعلي بن الحسين السعدآبادي (٢) ، انتهى.

وفي الكافي في الباب التاسع من كتاب العتق : عدّة من أصحابنا (على ابن إبراهيم ، ومحمّد بن جعفر ، ومحمّد بن يحيى ، وعلي بن محمّد بن عبد الله القمي ، وأحمد بن عبد الله ، وعلي بن الحسين) جميعا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى. إلى آخره ، هكذا في جملة من النسخ ، وفي بعضها عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان (٣). إلى آخره.

وأمّا الثالثة : ففي الخلاصة : عنه رحمه‌الله أنه قال : وكلّما ذكرت في كتابي المشار إليه ، عن سهل بن زياد فهم : علي بن محمّد بن إبراهيم [بن] علان ، ومحمّد بن أبي عبد الله ، ومحمّد بن الحسن ، ومحمّد بن عقيل الكليني ، انتهى (٤).

وقد أطال الأصحاب الكلام في هؤلاء العدد في تشخيصهم ، وتمييز ما أبهم منهم ، وفي جرحهم وتعديلهم ، بل أفرد له جماعة بالتأليف ولا أرى كثير

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٦٧ ، وانظر خلاصة العلاّمة : ٢٧١.

(٢) رجال العلامة : ٢٧٢ ، وانظر : طبقات اعلام الشيعة ـ القرن الرابع : ٣٠ حيث ورد فيه أن لفظي : (أمية) و (أذينة) مصحفان عن (ابنه) و (بنته) أي : ابن ابنه في الأول ، وابن بنته في الثاني ، والضمير في كلاهما يعود إلى البرقي ، فراجع.

(٣) الكافي ٦ : ١٨٣ / ٥ ، وفيه بدون ذكر أسماء العدّة.

(٤) رجال العلاّمة : ٢٧١ ـ ٢٧٢.

٥٠٩

فائدة فيه لخصوص المقام ، وإن كان فيه بعض الفوائد ، ووجه عدم الفائدة واضح.

أما أولا فلما أوضحناه من الوثوق والاطمئنان بتمام أخباره ، ومن جهة القرائن الداخلية خصوصا بهذا الصنف من أخباره الذي قد أكثر منه.

وأما ثانيا : فلأنهم قديما وحديثا ، إذا رأوا في كلام أحد من العلماء : عند الأصحاب ، أو عند أصحابنا ، أو قال بعض أصحابنا ، ونظائر ذلك ، لا يشكّون في أنّ المراد بهم الفقهاء العدول ، والعلماء الثقات الذين يحتج بقولهم في مقام تحصيل الإجماع أو الشهرة أو غير ذلك ، نعم لم يختصوا ذلك بالإمامية بل يطلقون الأصحاب على سائر فرق الشيعة ، الذين هم في الفروع كالإمامية ، كالواقفية والفطحية وأضرابهما ، لا الزيدية الذين صاروا عيالا لأبي حنيفة في الفروع.

فمن ذلك قول الشيخ في التهذيب في شرح قول المفيد رحمه‌الله : ومن طلّق صبيّة لم تبلغ المحيض ، فعدّتها ثلاثة أشهر ، قال : والذي ذكرناه هو مذهب معاوية بن حكيم من متقدمي فقهاء أصحابنا ، وجميع فقهائنا المتأخرين (١). إلى آخره.

وصرح الكشي : بأن معاوية بن حكيم عالم عادل من الفطحية (٢).

ومن ذلك قوله فيه في باب الخلع : الذي أعتمده في هذا الباب وأفتي به ، أنّ المختلعة لا بد فيها من أن تتبع بالطلاق ، وهو مذهب جعفر بن محمّد ابن سماعة ، والحسن بن سماعة ، وعلي بن رباط ، وابن حذيفة ، من المتقدمين ، ومذهب علي بن الحسين ، من المتأخرين. فأمّا الباقون من فقهاء أصحابنا

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٨ : ١٣٨ ، ذيل الحديث : ٤٨١.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

٥١٠

المتقدمين. فلست أعرف لهم فتيا في العمل به. إلى أن قال : واستدل من ذهب من أصحابنا المتقدمين على صحّة ما ذهبنا إليه (١). إلى آخره.

وقال في اللمعة في طلاق العدة : وقد قال بعض الأصحاب : إن هذا الطلاق لا يحتاج إلى محلّل بعد الثلاث (٢). إلى آخره ، والمراد به عبد الله بن بكير الفطحي ، كما صرّح به في الروضة (٣).

وقال في الخلاصة : إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني تغلب ، أبو يعقوب الصيرفي ، كان شيخا من أصحابنا ، ثقة ، روى عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام وكان فطحيا (٤) ، إلى غير ذلك من موارد استعمالهم هذه الكلمة في غير الإمامية ، إلاّ أنّهم يريدون منه في جميع المواضع : العالم الفقيه الثقة الثبت ، الذي يحتج بقوله ويعتمد على روايته ، كما هو ظاهر على من أمعن النظر إلى تلك الموارد.

فكيف صارت هذه الكلمة في كلام ثقة الإسلام غير دالة على توثيق الجماعة ، فضلا عن فقاهتهم؟ وما العلّة في إخراج مصطلحة عن مصطلحهم (٥)؟ بل لم يرضوا بوثاقة واحد من العدة من كلامه ، حتى توصلوا لها بما ذكر في ترجمته ، كلّ ذلك خارج عن جادة الإنصاف.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٨ : ٩٧ ، ذيل الحديثين : ٣٢٨ و ٣٢٩.

(٢) اللمعة الدمشقية : ٢٠٩.

(٣) الروضة البهية : ٦ / ٣٨.

(٤) رجال العلامة : ٢٠٠ / ١.

(٥) ما ذكره المصنف «قدس‌سره» من توجيه بشأن العدة لا يلزم الناظر لها القول بصحتها جميعا لسببين :

الأول : فيما يتعلق بمسألة الوثوق بتمام أخبار الكافي والتنازع فيه ، والذي عليه قسم من العلماء ـ حتى قبل تصنيف الحديث ـ هو رد بعض أخباره كما يظهر من الصدوق في الفقيه ، والطوسي في التهذيبين. بل لم ينص الكليني رحمه‌الله ، ولا غيره على ان ورود الرواة في أسانيد

٥١١

قال المحقق السيد محسن الكاظمي في عدته بعد ذكر عدد الكليني : ورجال هذه العدد منهم المشاهير ، كالعطار ، وابن إدريس ، وعلي بن إبراهيم ، وفيهم من قد يخفى حاله وفيهم من لا نعرفه ، وإن كان في نفسه معروفا ، وما كان الكليني ليتناول عن مجهول ، وناهيك في حسن حالهم كثيرة تناول مثل الكليني عنهم.

وقال في موضع آخر في عداد القرائن الدالة على التوثيق : كقول الثقة : حدثني الثقة ، أو غير واحد من أصحابنا ، أو جماعة من أصحابنا ، لبعد أن لا يكون ثقة في جماعة يروي عنهم الثقة ، ويتناول ولا سيّما مثل المحمدين الثلاثة (رضي الله عنهم) (١) انتهى.

وأمّا ثالثا : فلأنّهم في هذا المقام من مشايخ الإجازة ، إذ لا شبهة أن الكليني رحمه‌الله أخذ هذه الأخبار التي رواها بتوسط تلك العدد من كتب ابن عيسى ، وابن البرقي ، وسهل ، وقالوا : يعرف كون الرجل شيخا للإجازة بأمور : كالنص عليه ، فيكون شيخ إجازة بالنسبة إلى الأصول المعروفة ، أو الكتب المشهورة ، كما نصّوا على سهل ، والوشاء والحسين بن الحسن بن أبان ، وغيرهم.

وقول الشيخ : وطريقي إلى ما أخذته من كلمات فلان عن فلان ، وأما إذا قال : طريقي إليه فلان فلا ، لأنه قد يكون من حفظه.

__________________

الكافي تعد شهادة منه في تعديلهم فضلا عن مدحهم ، ولهذا اخضع المفيد وتلميذه شيخ الطائفة بعض رواته إلى ميزان الجرح والتعديل كما يظهر من تتبع مؤلفاتهم.

الثاني : كون العدة على قسمين :

أحدهما مصرح برواته ـ كما تقدم ـ والآخر مجهول لا تعرف رواته. والأمثلة التي ساقها المصنف ليس في أحدها جهالة حال من نسبت إليهم الفتيا ، حيث عرفت أسماؤهم ، وهذا خلاف ما موجود في العدة المجهولة التي لم يصرح الكليني ولا غيره من العلماء برواتها.

(١) العدّة للكاظمي : ٤٤.

٥١٢

ورواية الشيخ عمّن يعلم أنه لم يشاهده ، فيكون أخذه من كتابه ، كما قاله الشيخ في آخر التهذيب والاستبصار (١).

والعلم بأنه ليس صاحب كتاب أصلا : كأحمد بن الوليد ، وأحمد بن العطار ، وهذه الأمور تشتبه على غير الممارس المتتبع ، وإلاّ فقد يكون شيخ إجازة بالنسبة إلى كتاب أو أزيد ، وراويا بالنسبة إلى غيرها ، كما هو الشأن بالنسبة إلى الحسين بن الحسن بن أبان بالنسبة إلى كتب الحسين بن سعيد ، وكما هو الشأن بالنسبة إلى الوشاء بالنسبة إلى أحمد بن محمّد بن عيسى بالنسبة إلى كتاب أبان الأحمر ، والعلاء بن رزين القلاء ، وظاهر أن المقام داخل في الأمر الثاني ، وقول الكليني : كلما ذكرت في كتابي هذا (٢). ، بمنزلة ما ذكره الصدوق في المشيخة فلاحظ.

ثم إن كون الرجل من مشايخ الإجازة ، إمّا من أمارات الوثاقة كما عليه جمع من المحققين.

قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته : ما كان العلماء وحملة الأخبار لا سيّما الأجلاء ، ومن يتحاشى في الرواية عن غير الثقات ، فضلا عن الاستجازة ليطلبوا الإجازة في روايتها ، إلاّ من شيخ الطائفة وفقيهها ومحدثها وثقتها ، ومن يسكنون إليه ويعتمدون عليه.

وبالجملة فلشيخ الإجازة مقام ليس للراوي ، ومن هنا قال المحقق البحراني ، فيما حكى الأستاذ : وإن مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة (٣). وعن صاحب المعراج : لا ينبغي أن يرتاب في عدالتهم (٤). وعن

__________________

(١) مشيخة التهذيب ١٠ : ٤ ، والاستبصار ٤ : ٣٠٥.

(٢) انظر رجال النجاشي : ٣٧٨ / ١٠٢٦.

(٣) تعليقة البهبهاني : ٩ / الفائدة الثالثة.

(٤) انظر تعليقة البهبهاني : ٢٨٤.

٥١٣

الشهيد الثاني : إن مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم (١) ، ولذلك صحّح العلامة وغيره كثيرا من الأخبار ، مع وقوع من لم يوثقه أهل الرجال من مشايخ الإجازة في السند. إلى أن قال : وبالجملة فالتعديل بهذه الطريقة طريقة كثير من المتأخرين ، كما قال صاحب المعراج (٢) ، انتهى (٣).

وقال المحقق الشيخ محمّد في شرح الإستبصار : عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ (٤) ، أو كونه شيخا للإجازة يخرجه عن وجوب النظر في حاله لتصحيح السند ، فلا يضر ضعفه أو جهالته بصحته إذا سلم غيره من رجاله.

وفي منتهى المقال : قال جماعة : إن مشايخ الإجازة لا تضر مجهوليتهم ، لأن أحاديثهم مأخوذة من الأصول المعلومة ، وذكرهم لمجرد اتصال السند أو للتيمن ، ويظهر من بعضهم التفصيل بينهم ، فمن كان منهم شيخ إجازة بالنسبة إلى كتاب أو كتب لم يثبت انتسابها إلى مؤلّفها من غير إخباره ، فلا بدّ من وثاقته عند المجاز له ، فإن الإجازة كما قيل : إخبار إجمالي بأمور مضبوطة ، مأمون عليها من التحريف والغلط ، فيكون ضامنا صحّة ما أجازه ، فلا يعتمد عليه إلاّ بعد وثاقته (٥) انتهى.

وفيه نظر ، ومن كان منهم شيخ إجازة بالنسبة إلى ما ثبت انتسابه إلى مؤلّفه بالتواتر أو الشياع أو البينة أو غيرها ، فلا يحتاج إلى وثاقته ، وعلى التقادير لا نحتاج إلى النظر إلى حال المشايخ المتقدمة أصحاب العدد ، أمّا على القول الأول والثاني فظاهر ، وكذا على الثالث ، لكون ابن عيسى ، والبرقي ، وسهل ،

__________________

(١) دراية الشهيد : ٦٩.

(٢) معراج الكمال ١٢٦ ، كذلك حكاه البهبهاني في تعليقته : ٩.

(٣) عدة الكاظمي : ٢٢.

(٤) استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار : مخطوط ، وحكاه أيضا البهبهاني في تعليقته : ٩.

(٥) منتهى المقال : ١٣.

٥١٤

من المشايخ المعروفين والمؤلفين المشهورين ، الذين لم يكن تخفى مؤلفاتهم على مثل الكليني مع قرب عصره من عصرهم ، وكثرة الرواة عنهم ، وهذا ظاهر للناقد البصير.

وممّا ذكرنا يظهر وجه عمل شيخ الطائفة في التهذيب والاستبصار ، فإنه رحمه‌الله كثيرا ما يطعن في السند عند التعارض ، ويضعف بعض رجاله ، ولكن كلّما ذكر من القدح إنّما هو في رجال أرباب الكتب التي نقل منها ، ولم يقدح أبدا في رجال أوائل السند وطريقه إليها ممّن ذكره في المشيخة والفهرست ، فزعم بعضهم أن ذلك لكون الأصول والكتب عنده مشهورة بل متواترة ، وإنّما يذكر الأسانيد لمجرّد اتصال السند ، ونحن لا ننكر ذلك ، ولكن الظاهر أن الوجه هو ما تقدم عن العدة المؤيّد بما شرحناه في حال النجاشي (١) فلاحظ.

وأمّا رابعا : فلأن الغرض إن كان تصحيح السند من جهتهم ، فيكفي وجود محمّد بن يحيى ، وعلي بن إبراهيم ، وأحمد بن إدريس في عدّة ابن عيسى ، وعلي بن إبراهيم ، ومحمّد بن يحيى ـ على ما في بعض نسخ الكافي ـ [في] عدّة البرقي.

وأمّا عدّة سهل : فعلى المشهور من ضعفه لا ثمرة لوجود الثقة في العدة إلاّ في موارد نادرة ذكر فيها مع سهل ثقة آخر ، فلا يضرّ ضعفه كما في باب مدمن الخمر من كتاب الأشربة ، حيث روى : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، ويعقوب بن يزيد (٢) ، وفي باب ما يلزم من يحفر البئر فيقع فيها المارّة : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر. إلى آخره ، ثم قال : سهل وابن أبي نجران جميعا ، عن ابن أبي نصر (٣). إلى آخره ، وعلى ما هو

__________________

(١) تقدم في الفائدة الثالثة ، صحيفة : ٥٠٤.

(٢) الكافي ٦ : ٤٠٥ / ٩.

(٣) الكافي ٧ : ٣٥٠ / ٥ و ٦.

٥١٥

الحقّ وفاقا للمحققين من توثيقه ، فيكفي وجود محمّد بن الحسن في العدة بناء على كونه الصفار على ما ذكره جماعة ، وإن كان لي فيه نظر.

أمّا الأول : فقال السيد الأيد (١) المحقق الأسترآبادي في رجاله في ذكر عدّة سهل : والظاهر أن محمّد بن أبي عبد الله هو محمّد بن جعفر الأسدي الثقة ، وإن محمّد بن الحسن هو الصفار (٢). إلى آخره.

وقال المحقق الكاظمي في عدته : ومحمد بن الحسن الظاهر أنه الصفار الثقة الجليل ، فإن الكليني ممّن يروي عنه (٣).

وقال العالم الجليل السيد محمّد باقر الجيلاني الأصفهاني ـ الملقب بحجّة الإسلام ـ في رسالته في العدة ، في شرح كلام الفاضل الأسترآبادي ما لفظه : وأما كون المراد بمحمّد بن الحسن هو الصفار فلكونه في طبقة ثقة الإسلام ، وعمّر بعد موته بتسع أو ثمان وثلاثين سنة ، لأن النجاشي والعلامة قالا : إن محمّد بن الحسن هذا مات في سنة تسعين ومائتين (٤) ، وقد تقدم أن موت ثقة الإسلام في سنة تسع أو ثمان وعشرين وثلاثمائة.

وأيضا أن رواية ثقة الإسلام ، عن محمّد بن الحسن في أول سند الكافي أكثر من أن تحصى ، ولم يقيّده في شيء من المواضع ، ويظهر من عدم تقييده في موضع بقيد أنه واحد ، وهو إمّا الصفار أو غيره ، والغير الذي يحتمل ذلك هو

__________________

(١) الأيد : بتسكين الياء ، القوة ، والرجل الأيد : بتشديد الياء ، الرجل القوي ، ويريد بقوله : السيد الأيد ، أي : السيد البارع في التحقيق والتأليف.

لسان العرب : أيّد.

(٢) منهج المقال : ٤٠١ ، الفائدة الاولى من الخاتمة.

(٣) العدة للكاظمي : ٤٦ / ب.

(٤) رجال النجاشي : ٣٥٤ / ٩٤٨ ، رجال العلامة : ١٥٧ / ١١٢.

٥١٦

الذي يروي عنه الكشي ، وهو : محمّد بن الحسن البرناني (١) ونحوه ممّن كان في طبقته ، ويبعد في الغاية أن يقتصر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن البرناني مع مجهولية حاله ولم يرو عن الصفار الذي هو من أعاظم المحدثين والعلماء وكتبه معروفة مثل بصائر الدرجات ونحوه؟!

وأيضا قد أكثر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد ابن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق.

منه [ما] في باب قلّة عدد المؤمنين من الأصول ، حيث قال : محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق (٢).

ومنه ما في باب الخضاب من كتاب الزي والتجمل من الفروع ، قال : علي بن محمّد بن بندار ومحمد بن الحسن ، عن إبراهيم بن إسحاق (٣).

ومنه ما في باب النبيذ من كتاب الأشربة ، قال : محمّد بن الحسن وعلي ابن محمّد بن بندار جميعا ، عن إبراهيم بن إسحاق (٤).

وإبراهيم بن إسحاق هذا هو : إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، للتصريح به في كثير من المواضع ، وقد ذكر شيخ الطائفة في الفهرست في ترجمة إبراهيم هذا أنّ محمّد بن الحسن الصفار يروي عنه ، حيث قال بعد أن أورد جملة من كتبه ما هذا لفظه : أخبرنا بها أبو الحسين بن أبي جيد القمي ، عن محمّد بن الحسن ابن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ،

__________________

(١) اختلفت النسخ في ضبط لقبه ، ففي بعضها (البراثي) نسبة إلى براثا ، قرية ببغداد فيها جامع براثا المعروف ، وفي بعضها (البراني) ، وفي أخرى (البرتاني) وهو ما قاله الشيخ الطوسي في رجاله : ٥٠٩ / ٩٧ ، وفي أخرى (البرثاني) نسبة إلى قبيلة برثن.

انظر : تعليقة الأسترآبادي على رجال الكشي ١ : ١٢٢ / ٥٥.

(٢) أصول الكافي ٢ : ١٩٠ / ٤.

(٣) الكافي ٦ : ٤٨٢ / ١٢.

(٤) الكافي ٦ : ٤١٧ / ٧.

٥١٧

انتهى (١).

وأيضا أنّ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد الذي تكون وفاته بعد وفاة ثقة الإسلام بأربع عشر سنة لما في النجاشي : من أنّ محمّد بن الحسن بن الوليد مات في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة (٢) ، وقد مرّ عن النجاشي : أن وفاة ثقة الإسلام في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة (٣) ، يروي عن الصفار كما صرح به شيخ الطائفة في رجاله (٤) ، فرواية ثقة الإسلام عنه أولى (٥) ، انتهى كلامه زيد في إكرامه.

وهذه الوجوه كلّها مخدوشة كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

وأمّا الثاني : وهو عدم كون محمّد بن الحسن المذكور هو الصفار فلوجوه :

الأول : إنّا لم نجد رواية للصفار عن سهل بن زياد في كتاب بصائر الدرجات من أوله إلى آخره ، مع أنه مقصور على ذكر الفضائل ، وسهل مرمي بالغلو الذي لا منشأ له إلا ذكرها ، ومن البعيد أن يكون من رجاله ولا يروي عنه في كتابه ، وقد روى عنه ثقة الإسلام في أصول الكافي أخبارا كثيرة ، بل لا يحضرني روايته عنه في غير الكافي إلاّ رواية في التهذيب في باب المسنون من الصلوات ، وفي الفقيه في باب الرجل يوصي بوصيّة فينساها الوصي (٦).

__________________

(١) فهرست الطوسي : ٧ / ٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٨٣ / ١٠٤٢.

(٣) رجال النجاشي : ٣٧٧ / ١٠٢٦.

(٤) رجال الشيخ الطوسي : ٤٩٥ / ٢٧.

(٥) رسالة حجة الإسلام : ١٢١.

(٦) تهذيب الاحكام ٢ : ١٤٨ ، الفقيه ٤ : ١٦٢ / ٥٦٥. كما روى محمد بن الحسن الصفار عن سهل بن زياد في التوحيد للصدوق ٨٣ : ٢ ، ٩٧ : ٢ ، ٩٨ : ٢ ومن البعيد وقوع الاشتباه في جميع هذه الموارد.

٥١٨

ويؤيّد ذلك أنّ النجاشي ذكر في ترجمة سهل : أن له كتاب التوحيد ، رواه أبو الحسن العباس بن أحمد بن الفضل بن محمّد الهاشمي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الآدمي ، وله كتاب النوادر أخبرناه محمد بن محمّد ، قال : حدثنا جعفر ابن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، ورواه عنه جماعة (١) انتهى.

فلو كان الصفار من الجماعة لقدّمه على علي بن محمّد كما هو المعهود من طريقته ، والمناسب لجلالة قدر الصفار ومثله ما في مشيخة التهذيب قال : وما ذكرته عن سهل بن زياد : فقد رويته بهذه الأسانيد : عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا : منهم علي ابن محمّد وغيره ، عن سهل بن زياد (٢) ، فلو كان الصفار لكان الأولى تخصيصه بالذكر.

الثاني : أنهم ذكروا ترجمة الصفار وذكروا كتبه والطرق إليها وليس فيها ثقة الإسلام ، فلو كان ممّن يروي عنه بلا واسطة لقدّموه في المقام على غيره ، ولو مع ملاحظة علوّ الإسناد الذي كان يدعوهم إلى عدم ذكر الجليل أحيانا لبعد الطريق معه.

ففي النجاشي بعد ذكر كتبه : أخبرنا بكتبه كلّها ما خلا بصائر الدرجات : أبو الحسين علي بن أحمد بن محمّد بن طاهر الأشعري القمي ، قال : حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عنه بها.

وأخبرنا أبو عبد الله بن شاذان قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عنه بجميع كتبه وببصائر الدرجات (٣).

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠.

(٢) تهذيب الاحكام ١٠ : ٥٤ ، من المشيخة.

(٣) رجال النجاشي : ٣٥٤ / ٩٤٨.

٥١٩

وقال الشيخ في الفهرست في ترجمته : أخبرنا : جماعة ، عن محمّد بن علي ابن الحسين : عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن رجاله ، قال : وأخبرنا : الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفار (١).

وذكر مثله في مشيخة التهذيب (٢) ، وأنت خبير بأن الشيخ والنجاشي يرويان عن المفيد وأقرانه عن جعفر بن قولويه وأضرابه عن ثقة الإسلام (٣) ، فلو كان هو ممن يروي عن الصفار لكان أولى بالذكر من غيره مع عدم زيادة الواسطة فإنّها ثلاثة على كلّ حال.

نعم للشيخ سند عال إلى الصفار ذكره في الفهرست ، والمشيخة (٤) ، لا ربط له بالمقام.

الثالث : أنه ظهر من النجاشي ، والفهرست ، والمشيخة أن محمّد بن يحيى العطار يروي عن الصفار ، ووجدنا إخبارا في الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن. إلى آخره ، ووجدناها في البصائر كما في الكافي سندا ومتنا.

منها ما في باب التفويض إلى رسول الله ، وإلى الأئمة (صلوات الله عليهم) في أمر الدين : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن ، قال : وجدت في نوادر محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله (عليه

__________________

(١) الفهرست للشيخ الطوسي : ١٤٤ / ٦٢١.

(٢) تهذيب الأحكام ١٠ : ٧٣ ، من المشيخة.

(٣) فهرست الشيخ الطوسي : ١٣٥ / ٦٠١ ورجال النجاشي : ٣٧٧ / ١٠٢٦.

(٤) فهرست الشيخ الطوسي : ١٤٤ / ٦٢١ ، وتهذيب الاحكام ١٠ : ٥٩ و ٧٣ ، من المشيخة. والسند هو : ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عنه.

٥٢٠