تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

سبحانه صمما إلى يوم القيامة (١).

وحلفوا عليهم السلام بأنّهم لو أقرّوا بما تقوله فيهم الغلاة ، لأخذتهم الأرض (٢).

وأنّهم ليسوا إلاّ عبيدا مملوكين لا يقدرون على شيء ضرا ولا نفعا (٣) ..

فجعلوا التحاشي العظيم عن القول فيهم بما ينافي رتبة المملوكية ، والعجز في جنب اللّه سبحانه ، وإظهار غاية المذلة له سبحانه ، شكر نعمة الرتبة العظيمة التي

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) : ٣٠٠ حديث ٥٣٨ ـ نقلا بالمعنى ـ وعنه في بحار الأنوار ٢٥/٢٩٤ حديث ٥٣.

(٢) لم أحصل على حديث في هذا الباب حسب تتبعي القاصر ؛ نعم أكثر من رواية عن إنّ سلمان قد عرض في قلبه عارض إن عند أمير المؤمنين عليه السلام الاسم الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض .. والمراد أهل السقيفة ومن تابعهم. لاحظ رجال الكشي : ١١ ، والاختصاص : ١٠ .. وغيرهما.

(٣) وقد جاء في الأخبار والأدعية كثيرا ، مثل دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المروي في بحار الأنوار ٩٥/١٤٧ ـ ١٤٨ ، والبلد الأمين : ٣٨٥ ، وجمال الاسبوع : ٤٨ و ١٦٠ و ٢٤٨ .. وغيرها كثير.

وروي عن صالح بن سهل أنّه قال : كنت أقول في الصادق عليه السلام ما تقول الغلاة ، فنظر إليّ فقال : «ويحك يا صالح! إنّا ـ واللّه ـ عبيد مخلوقون ، لنا ربّ نعبده وان لم نعبده عذّبنا ..» ، كما رواه ابن شهر آشوب في المناقب ٤/٢١٩ ، وعنه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٤٧/١٣٥ ، ولاحظ : علل الشرائع ١/٢٢٥. وبحث الغلاة وروايته في كتاب الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار ٤/٣٧٧ ـ ٣٨٧.

وما جاء في مقباس الهداية ٢/٤٠٢ ـ ٤١٧ [الطبعة المحقّقة الاولى] ، وكذا مستدركاته.

٣٨١

أنا لهم اللّه سبحانه إيّاها (١).

وحيث كانت عقول غالب الخلق قاصرة ، وكانوا يتوهّمون بمجرد رؤية خارق عادة منهم الربوبية أو الشراكة معه سبحانه فيهم ، وكان ترك المعجزات بالمرّة مذهبا لما فرضه اللّه سبحانه من حقوقهم ، ألجأهم الوقوع بين محذوري : ترك ما فرض عليهم ، والتمكّين ممّا يتوهّمه أهل العقول الضعيفة إلى الجمع بين الأمرين ، وحفظا للحقّين ، بإظهار المعاجز والكرامات في مقام الضرورة والاهتمام بإخفاءها عن أهل العقول الضعيفة الموجبة لوهمهم المزبور.

وقد دعى الإخفاء المذكور إلى تخطئه الناقلين للكرامات وتكذيبهم عند أهل العقول الضعيفة ، فأدّى ذلك إلى ما ترى في حقّ جمع من كبار أصحابهم وأهل الأسرار منهم ، فيلزم المجتهد التحري وبذل الجهد الأكيد في تمييز التكذيب عن جدّ منهم عن التكذيب الصوري ، حفظا لعقائد ضعفاء العقول من الاختلال ، واللّه الموفق والمعين.

__________________

(١) هناك جملة روايات عن أهل بيت العصمة والطهارة في ذم الغلاة وتفسيقهم ، بل هناك عدّة أحاديث مكفرة لهم وآمرة بالبراءة منهم ولعنهم ، وهي على ضربين : الروايات الذامة للفرقة بما هي ، والأخبار اللاعنة لبعض رجالاتهم والناهية عنهم .. وهي كثيرا جدا. ذكر غالبها الكشي في رجاله تحت رقم ٥٢٦ ـ ٥٣٠ و ٥٣٥ و ٩٠٨ ، وحديث ٩٩٤ ـ ٩٩٧ و ١٠٩١ ، ولاحظ : حديث ٥٣٣ و ٥٤٠ و ٥٥١ .. وغيرها.

لاحظ : مقباس الهداية ٢/٣٩٣ ـ ٤٠٢ [الطبعة المحقّقة الاولى].

٣٨٢

الفائدة الثلاثون

في فوائد متفرّقة مختصرة :

إحداها :

إنّا قد نبّهنا في الفائدة السابعة (١) على أنّ : انحراف الرجل أخبرا لا يقدح في رواياته التي رواها حال استقامته ، وشرحنا ذلك بما يلزم ملاحظته.

وحينئذ نقول : إنّ الرجل إذا روى رواية في حال انحرافه ، ثمّ استقام واعتدل ، وفصل بين استقامته وبين موته مقدار يمكن له فيه الغمز فيما رواه في زمان الانحراف ، كفى ذلك في قبول رواياته المذكورة ؛ لأنّ سكوته عنها ، وعدم بيانه لفسادها ، وتقريره العمل عليها .. شهادة بصحتها واعتبارها ومطابقتها الواقع ؛ ضرورة أنّه لو كان فيها خلل للزمه البيان ؛ وإلاّ لكان سكوته عنها تدليسا محرّما منافيا لاعتداله ، فحيث لم يبيّن سقوطها ، وأمضى العمل بها .. كفى ذلك في إلحاق ما رواه في زمان انحرافه بما رواه في زمان اهتدائه واستقامته واعتداله.

__________________

(١) صفحة : ٤٩١ من المجلّد الأوّل.

٣٨٣

الثانية :

إنّه قد أكثر ابن طاوس .. وغيره من علماء الرجال المناقشة في الأخبار الدالة على وثاقة أو مدح رواتها ، بعدم إمكان الأخذ بها ؛ لرجوع ذلك إلى تزكية النفس ، والشهادة في حقّ النفس ، فلا تقبل.

وقد بيّنا مرارا عديدة في طي التراجم أنّ الأخذ بأقوال علماء الرجال لمّا كان من باب الظن الثابت حجيته في الرجال ، والأغلب في الأخبار المشار إليها حصول الظن بصدورها من الإمام عليه السلام لغاية بعد أن يباهت الإمامي إمامه ، فيحصل منها الظن بالوثاقة ، أو حسن الحال ، فيكون الحجة هو الظن الحاصل منه لا نفس شهادته ، حتى تندرج في الشهادة للنفس الراجعة إلى الدعوى ، ولا تكون حجة لذلك.

وبنحو هذا أجبنا عمّا تداوله ابن طاوس والعلاّمة .. وغيرهما من المناقشة دائما في الروايات الواردة في تراجم الرجال بضعف السند ؛ فإنّ الاعتماد في الجرح والتعديل لمّا كان على الظن ـ دون الخبر من حيث هو خبر ـ وبعض الأخبار القاصرة سندا يفيد الظن بجرح أو تعديل ، نأخذ بما أفاد منها الظن بذلك ، بلا توقف.

٣٨٤

الثالثة :

إنّ الذي استفدته من سبر الخلاصة (١) ، وإعطاء النظر فيها

__________________

(١) لا بدّ من إعطاء صورة مجملة عن الخلاصة ـ وهو أحد الكتب الرجالية الثلاثة للعلاّمة رحمه اللّه ـ مع غنى مؤلفها ـ العلاّمة على الإطلاق ـ عن الترجمة .. فهو رحمه اللّه قد اقتصر فيها على ذكر قسمين من الرواة ، قال : وهم الذين اعتمد على روايتهم ، والذين أتوقف على العمل بنقلهم ؛ أما لضعفه أو لاختلاف الجماعة في توثيقه وضعفه ، أو لكونه مجهولا عندي.

ثمّ إنّه حيث قد رتب الخلاصة على قسمين : أحدهما فيمن اعتمد على روايته أو ترجّح عنده قبول قوله ، والآخر : فيمن ترك روايته أو توقف ـ كما قاله في مفتتح كتابه : ٣ ـ ويظهر من طريقته في القسم الأول أنّ من اعتمد عليه هو الثقة ، ومن ترجّح عنده هو : الحسن والموثق ، ومن اختلف فيه والراجح عنده القبول ، كما أفاده المولى الوحيد في تعليقته : ١٠ .. وغيره.

هذا ؛ ولا يخفى أنّ العلاّمة ربّما اعتمد توثيق ابن عقدة ومن ماثله بأن يحصل من كلامهم الرجحان لا أنّه يثبت منه العدالة .. وفيه كلام.

ثمّ ذكر في القسم الثاني من الخلاصة : ١٩٧ [وفي طبعة دار الفقاهة : ٣١٣] ما نصّه : .. وهذا القسم مختص بذكر الضعفاء ، ومن أرد قوله ، أو أقف فيه ..

وأول ما يؤخذ عليه طاب رمسه عدم التزامه دوما بذلك ؛ إذ ذكر كثيرين ممّن توقف في روايته في القسم الأوّل مثل : أحمد بن عمر الحلاّل [الخلاصة : ١٤ برقم (٤)] ، قال : فعندي توقف في قبول روايته لقوله هذا .. ومثله : بشر النبّال [الخلاصة : ٢٥ برقم (٤)] ، وكذا : بكر بن محمّد الأزدي [الخلاصة : ٢٦ برقم (٢)] واسامة بن زيد [الخلاصة : ٢٣ رقم (١)] .. وغيرهم. ـ

٣٨٥

__________________

ولاحظ التراجم المرقمة ب (٣٠) في باب الثاء ، و (٣٢) في باب الجيم ، و (٤٥) ، و (٦١) ، وفي باب الحاء (٦٨) ، وفي حرف الدال (٧٥) ، وفي حرف الزاي (٩١) ، وفي حرف الظاء (١٠٩) ، (١٢٤) ، وفي حرف العين (١٣٥) ، وفي حرف الكاف (١٤٢) ، (١٥٢) ، (١٥٨) ، (١٦٠) من حرف الميم .. وغيرهم في غيرها.

بل تجده قد ذكر ـ مثلا ـ عبد اللّه بن أبي زيد في القسم الأوّل ، وضعّفه في القسم الثاني [الخلاصة : ١٠٦ برقم (٢٣) ، وصفحة : ٢٣٦ برقم (١٣)].

ثمّ هو رحمه اللّه قد ذكر جماعة من الموثقين ممّن له عقائد فاسدة في القسم الثاني ، كما في عبادة بن زياد ، وغياث بن إبراهيم ، وغالب بن عثمان [الخلاصة : ٢٤٥ برقم (١٨) ، وصفحة : ٢٤٦ برقم (٢)] .. وغيرهم مع أنّه قد نصّ على توثيقهم ، بل الأخذ منهم ، كما لا يخفى.

وقد ذكر جمع منهم في القسم الأوّل مع كونهم من الواقفة أو الزيدية .. أو غيرهما من المذاهب الفاسدة ، وبنفس هذا يؤخذ عليه من ذكره بعض الموثقين من غير الإمامية في القسم الأوّل والثاني ، مع أنّه يأخذ في كلامهم ويحكم به.

ومن هنا قال الشهيد الثاني في تعليقته على خلاصة العلامة رحمهما اللّه المطبوعة ضمن مجموعة رسائل الشهيد الثاني ٢/٨٨٨ : وبالجملة ؛ فقد اشتمل القسم الأوّل على الصحيح والحسن والموثق والموقوف والضعيف ، فينبغي التثبت في ذلك والرجوع إلى ما هو الحق. ودافع العلاّمة المجلسي رحمه اللّه عنه في حاشيته على الخلاصة ، بأنّ المذكور في القسم الأول من يقبل قوله ويعتمد على روايته عند المصنف ـ وهو من عدا الضعيف ـ والقسم الثاني مختص بالضعيف الغير المقبول .. وما يتكرر في القسم الأول من قوله : والأرجح عندي قبول روايته .. يراد به كون الرجل بحيث يعد حديثه صحيحا .. وفيه ما لا يخفى حلا ونقضا مع عدم اختصاص رجال الصحيح بالرجال المذكورين في ترجمتهم حديث الترجيح ، إذ ذاك مقطوع العدم.

٣٨٦

حقه ، أمور (١) :

فمنها : أنّه لم تكن عنده نسخة الكشي ، وأنّ كلّما نقله عن الكشي فقد نقله عمّا نقله ابن طاوس.

ومنها : أنّ ديدنه ذكر عبارة النجاشي والفهرست ورجال الشيخ رحمهما اللّه من دون نسبة إليهما ، وربّما أخذ من كلّ منها شطرا.

ولذا قد اتّفق في كثير من الموارد تكرار في كلامه ، أو نقص .. وقد نبّهنا في طي التراجم على ما سها قلمه فيه ، واعتذرنا عن اشتباهاته بالعجلة في التصنيف (٢).

__________________

(١) سبق الحديث عن تصحيحات العلاّمة قدّس سرّه وتهافتها مع ما جاء منه في الخلاصة ، وما أورد عليه القوم ، وهذا بعضها.

(٢) كما يرشد إليه ما ذكره الشهيد الثاني في بعض تعليقاته على الخلاصة ، كما في ترجمة عبد اللّه بن ميمون [تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٥٢ النسخة المخطوطة ، وفي المطبوعة في ضمن مجموعة (رسائل الشهيد الثاني)٢/١٠٢٣ ، ولاحظ : رجال العلاّمة : ١٠٨ برقم ٢٩] : إنّ الذي اعتبرناه بالاستقراء من طريقة العلاّمة في الخلاصة أنّ ما يحكيه أولا من كتاب النجاشي ، ثم يعقبه بغيره إن اقتضى الحال ، وما ذكره في ترجمة عباس بن معروف [تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٥٦ ، ولاحظ رجال العلاّمة : ١١٨ برقم ٤] من المبالغة في متابعة الخلاصة لكتاب النجاشي ..

وما جاء في ترجمة الحسن بن محمّد بن الفضل [تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٧ ، ولاحظ : رجال العلاّمة : ٤٣ برقم ٣١ .. وغيرها. ـ

٣٨٧

__________________

لاحظ : نقد الرجال ١/٤٠٦ ـ ٤٠٧ برقم ١١٩٥ ، والخلاصة : ٦٠ برقم ٢ ، ورجال النجاشي : ١٤٧ برقم ٣٨٣.

وقال الشهيد ـ أيضا ـ في تعليقته على الخلاصة [صفحة : ٣٣ ، ولاحظ : رجال العلاّمة : ٦٤ برقم ٦] : إنّ المعلوم من طريقة العلاّمة في الخلاصة أنّه ينقل في كتابه لفظ النجاشي في جميع الأبواب ، ويزيد عليه ما يقبل الزيادة.

وقال طاب رمسه كما في تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٨ ، ولاحظ : خلاصة الأقوال : ٧ برقم ٢٥ أو التحرير الطاوسي : ٢٢ برقم ١١] ـ أيضا ـ في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس : إنّ الغالب من طريقة العلاّمة في الخلاصة متابعة السيد جمال الدين ابن طاوس حتى شاركه في كثير من الأوهام!

وذكر ولده في المنتقى [منتقى الجمان ١/١٨] أنّ العلاّمة كثير المتابعة للسيد ابن طاوس بحيث يغلب على الظن أنّه لم يتجاوز كتابه.

وفي النقد [نقد الرجال ١/٤٠٧ الطبعة المحققة في ترجمة حذيفة بن منصور] قال : إنّ العلاّمة كثيرا ما وثّق الرجل بمحض توثيق النجاشي وإن كان ضعّفه ابن الغضائري ، ولاحظ : الرسائل الرجالية للكلباسي ٢/٣٤٧ ـ ٣٥٧ (رسالة في النجاشي) حيث ذكر موارد أكثر وبتفصيل.

أقول : لقد أخذ على العلاّمة في الخلاصة متابعيته للنجاشي في أخطاءه ـ كما قيل ـ إذ هو وكثيرا ما يأخذ عنه ، ومن هنا قال الشهيد في تعليقته على الخلاصة : ٥٢ : إنّ الذي اعتبرناه بالاستقراء من طريقة المصنف إن ما يحكيه أولا من كتاب النجاشي ، ثم يعقبه بغيره إن اقتضى الحال.

وقال عند ترجمة رفاعة : والمعلوم من طريقة المصنف إن ينقل في كتابه لفظ النجاشي في جميع الأبواب ، ويزيد عليه ما يقبل الزيادة .. وغيرها من الشواهد على كون الخلاصة

٣٨٨

ومنها : أنّ ديدنه ثبت الاثني عشرية في القسم الأوّل ، وثّقوا أو مدحوا من دون توثيق ، وثبت غير الاثني عشري في القسم الثاني وإن وثّق.

ولازم ذلك حجية الحسنة عنده دون الموثّقة ؛ ضرورة عقده القسم الأوّل للمعتمدين والقسم الثاني لغير المعتمدين ، وعلى منواله جرى ابن داود ، غايته عنوان ابن داود جملة من الرجال في البابين جميعا ، كما نبّهنا على ذلك في مواردها.

ثمّ لا يخفى عليك كثرة ما في الخلاصة من المتنافيات ، فتراه أدرج جمعا من المرميّين بالفطحية ك‌ : علي بن أسباط (١) ، وعبد اللّه بن بكير (٢) .. وغيرهما في القسم الأوّل ، وأدرج جمعا من المرميّين بالفطحية أيضا ك‌ : أحمد بن الحسن بن فضّال (٣) في القسم الثاني وذلك تهافت بيّن ؛ فإنّ كون الرجل فطحيا ـ إن كان غير مناف للاعتماد عليه بعد توثيقهم إيّاه ـ لزم إثبات أحمد ونحوه أيضا في القسم الأوّل ، وإن كان منافيا لزم إثبات علي بن أسباط ونحوه أيضا في القسم الثاني ، فلا تذهل (٤).

__________________

مأخوذه من رجال النجاشي مع زيادة كلام منه أو من غيره أو الأعم .. ومن هنا جاء متابعة العلاّمة للنجاشي.

(١) الخلاصة : ٩٩ برقم ٣٨ (باب علي).

(٢) الخلاصة : ١٠٦ برقم ٢٤ (باب عبد اللّه).

(٣) الخلاصة : ٢٠٣ برقم ١٠ (باب أحمد) من القسم الثاني.

(٤) أقول : لا بأس بأن نلحق بالمقام ديدن ابن داود في رجاله وما يرد عليه ، حيث الأمر

٣٨٩

__________________

فيه اشكل ؛ إذ قال [رجال ابن داود : ٢٢٥] في أول الجزء الثاني من رجاله [صفحة : ٢٢٥] : .. فأنّي لما أنهيت الجزء الأول من كتاب الرجال المختص بالموثقين والمهملين وجب أن أتبعه بالجزء الثاني المختص بالمجروحين والمجهولين .. والاشكال في قصده ب (المهمل) هو المذكور رجاليا بدون مدح وقدح .. أي مجهول الحال فهو يدخل في المجهول بناء على عمومه لمجهول الحال ومتروك الذكر في الرجال ، أو مع العموم لمجهول العين .. أي من لم يذكر في الأسانيد وفي الرجال .. وهو بعيد ولا يوجّه ذكره على حده. وإن كان المقصود منه من كان ممدوحا بغير التوثيق فهو ينافي ما جاء في أول كتابه من كونه في ذكر الممدوحين ومن لم يضعفه الأصحاب .. إذ مقتضى المقابلة هناك كون المقصود بالمدح الأعم من التوثيق ..

إلاّ أن يقال : إنّ المقصود بالمدح فيه هو التوثيق ؛ بقرينة عبارته المذكورة في أول الجزء الثاني من كتابه ..

وقد يراد من المهمل ما كان متروك الذكر في الرجال ، والمقصود بالمجهول : مجهول الحال .. ومع هذا لا يكون هناك وجه لذكر المهمل في القسم الأول وذكر المجهول في القسم الثاني .. ولا فرق بينهما في الاعتبار .. واحتمل فيه الاشتباه هنا ، وهو منه كثير ، كما في أكثر رموزه وكثير من استنتاجاته ..

واحتمل الشيخ أبو علي الحائري في منتهى المقال [٢/٤١٨] بسبب رداءة خطه كثرة الاشتباه من نساخ رجاله [لاحظ : الرسائل الرجالية للكلباسي ٤/١٠٠ ـ ١٠٩] ..

ذكر السيد السند في نقد الرجال [نقد الرجال ٢/١٧٢ برقم ١٧٢٤ ، و ٣/١٢٤ برقم ٣١٤٥ ، و ١/٢٧٩ برقم ٧١٩ ، ولاحظ : رجال ابن داود : ٢٣٦ برقم ١١٠ ، وصفحة : ١١٥ برقم ٨٢٨ ، وصفحة : ٢٣٣ برقم ٧٧ ، وخلاصة الأقوال : ٢١٩ برقم ٦ ، وصفحة : ١١١ برقم ٤٣ ، وصفحة : ٢٠٨ برقم ٣] أنّ ابن داود كثير الأخذ من العلاّمة كما في ترجمة

٣٩٠

الرابعة (١) :

إنّه كثيرا ما يوجد مطلب واحد في حاوي الجزائري (٢) ، وحواشي المحقّق الشيخ محمّد نجل الشهيد الثاني على المنهج جميعا من دون تغيير للعبارة بوجه ؛ فيقطع الناظر بأخذ أحدهما ذلك من الآخر.

وزعم بعض الفضلاء أخذ الفاضل الجزائري رحمه اللّه ذلك من المحقّق الشيخ محمّد رحمه اللّه ، وذلك ناش من عدم التعمّق [في تاريخهما] (٣) ؛ فإنّ الشيخ محمّدا من تلامذة الميرزا صاحب المنهج ، كما عبّر عنه كثيرا في حواشيه ب‌ : الأستاذ. [بل نفس تعليقه على المنهج يكشف عن تأخره عنه ولو رتبة] والميرزا من علماء

__________________

حميد بن شعيب ، وعبد اللّه بن العلاء ، وبشر بن الربيع .. إذ إنّ دأب ابن داود الأخذ من العلاّمة من دون إظهار المأخذ.

(١) هذه الفائدة عين ما جاء في ذيل ترجمة الشيخ عبد النبي الجزائري في خاتمة مقباس الهداية ٤/٣٧ ـ ٣٩ برقم (٢٧) [من الطبعة المحقّقة الاولى] ، فراجع.

(٢) هو : كتاب حاوي الأقوال في معرفة الرجال للشيخ عبد النبي بن الشيخ سعد الدين الجزائري الغروي (المتوفّي سنة ١٠٢١ ه‌ في شيراز) ، كما أرخه الشيخ البهائي في بعض فوائده المطبوعة في أوّل كتابنا هذا تنقيح المقال ، وقد ترك فيه المجاهيل ، بعد أن قسم الرجال إلى أربعة أقسام : الصحاح ، والموثقين ، والحسان ، والضعاف .. ابتدأه وختمه بفوائد جيدة ، وطبع أخيرا محقّقا في أربع مجلّدات.

(٣) الزيادة من خاتمة المقباس ، وكذا كلّ ما بين المعقوفين هنا.

٣٩١

ما بعد الألف ؛ لأنّ تاريخ ختم المنهج سنة ألف وستّ وثمانين ، والجزائري زمانه في حدود الألف ، فقد فرغ من كتابه المبسوط في الإمامة في سنة ألف وثلاث عشرة.

وأيضا ؛ هو من تلامذة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي أستاد الشهيد الثاني رحمه اللّه [الذي هو] ، جدّ الشيخ محمّد المذكور ، فلا بدّ وأن يكون المحقّق الشيخ محمّد رحمه اللّه قد أخذ ذلك من الفاضل الجزائري لتأخّر زمانه عنه بكثير [دون العكس].

الخامسة :

إنّه قد نقل عن ابن نمير في موارد توثيق بعض الرجال ؛ وأصحابنا تارة قبلوه ـ كما في خالد بن عبد الرحمن أبي الهيثم العطار (١) ، حيث عدّ العلاّمة (٢) وابن داود (٣) الرجل في القسم والباب الأوّل ونقلوا توثيق ابن نمير ـ وتارة ردّوه نظرا إلى أنّ ابن نمير زيدي ، وعدم العلم بمراده من كلمة (الثقة) ولا تثبت بقوله الوثاقة (٤).

__________________

(١) تنقيح المقال ١/٣٩٢ ـ ٣٩٣ (من الطبعة الحجرية).

(٢) خلاصة العلاّمة : ٦٦ برقم ١١.

(٣) رجال ابن داود : ٨٧ برقم ٥٥٥.

(٤) قد سلف في الفائدة الثانية والعشرين لذكر جمع من أصحاب الجرح والتعديل من

٣٩٢

والذي يقتضيه التحقيق أنّه إن قامت قرينة قوية انضمّت إلى توثيق ابن نمير وأثبتت وثاقة المشهود له ـ كما ارتكبنا ذلك في خالد المزبور (١) ـ وإلاّ فلكون ابن نمير موثّقا نعتبر توثيقه مدحا معتدّا به ـ في حقّ من وثّقه ـ مدرجا له في الحسان بعد إحراز كونه إماميّا بالتنصيص ، أو بظاهر عدم غمز النجاشي والشيخ في مذهبه ، كما ارتكبنا مثله في خالد الصفّار (٢) ،

__________________

القدماء ـ ومنهم : ابن نما هذا ـ بعد إن كان هذا من توثيق غير الإمامي.

وقد حكى السيّد بحر العلوم رحمه اللّه في فوائده الرجالية ٤/١٥١ عن رجال الوسائل ـ ولم نجده فيه وإن أحال عليه في الهامش سهوا ـ قوله : ابن نمير ؛ هو : عبد اللّه ابنه محمّد ، وهما من علماء العامة.

وفي تقريب التهذيب ١/٤٥٧ برقم ٦٩٨ ، وصفحة : ٥٤٢ برقم (٣٦٧٩) : عبد اللّه بن نمير ـ بنون ، مصغّرا ـ الهمداني أبو هشام الكوفي ، صاحب حديث ، من أهل السنة من كبار التاسعة ، مات سنة تسع وتسعين [بعد المائتين] ، وله أربع وثمان.

وقال ـ أيضا ـ ٢/١٨٠ برقم ٤١٩ [وفي الطبعة المحقّقة ٢/١٠٠ برقم (١٦٠٧٣)] : محمّد بن عبد اللّه بن نمير الهمداني ـ بسكون الميم ـ الكوفي أبو عبد الرحمن ثقة ، حافظ ، فاضل ، من العاشرة ، مات سنة أربع وثلاثين [بعد المائتين].

قال الفاضل الأسترآبادي في باب الكنى من منهج المقال : ٣٩٨ (في الطبعة الحجرية) تحت عنوان : ابن النمير .. إلى أن قال : .. وإنّما ذكرتهما ؛ لأنّ العلاّمة في مواضع يروي عن ابن عقدة عنه [كذا] التوثيق ونحوه فينبغي معرفته.

(١) تنقيح المقال ١/٣٩٣ ـ ٣٩٤ (من الطبعة الحجرية).

(٢) لا يوجد بهذا الاسم في الرواة ـ حسب علمنا ـ ومراده قدّس سرّه لعلّه : العطار ، وهو : ـ

٣٩٣

فتدبّر جيّدا (١).

__________________

خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم العطار ، الذي ترجمه في تنقيح المقال ٣/٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، وقد سلف وذكر فيه كلام ابن نمير ، فلاحظ.

وراجع ترجمة : حرث بن غضنين ـ كما نقله العلاّمة في خلاصة الأقوال : ٥٥ برقم ١٣ .. وغيره.

(١) هذه الفائدة صغرى قاعدة كبرويه في أن اصطلاح (الثقة) هل يختص بكلمات الإمامين من أهل الرجال أو يطرد في كلمات غيرهم كابن عقدة وابن فضال وابن حجر والذهبي .. وغيرهم. الظاهر الأوّل ، إذ أنّ من قال بتطرق الاصطلاح إنّما قال به في كلمات الإماميين من أرباب تدوين الرجال فلا يتعدى إلى غيرهم ، خصوصا إذا كان التوثيق بغير التدوين ، كما لو كان في جواب السؤال ، لكن يتجه القول بثبوت العدالة لو قلنا بثبوتها فيما لو قيل : (ثقة عند العامة).

وبعبارة اخرى : أنّ كثيرا ما يقع (ثقة) في كلام غير الإمامي توثيقا للإمامي أو غيره ، فهل مثل هذا التوثيق معتبر أم لا؟

ومن توثيق غير الإمامي للإمامي .. توثيق علي بن الحسن بن فضال لمحمّد بن إسماعيل ابن بزيع ، ومسمع .. وتوثيق الحسن بن علي بن فضال لداود بن فرقد .. وجمع آخرين. وكذا توثيق ابن عقدة للحسن والحسين بني علوان .. وغيره ، وكذا توثيق ابن حجر لإسماعيل بن أبان وحبيش ، وتوثيق الذهبي لأنس بن عياض ..

وقد حكى في غاية المأمول ـ كما في الفوائد الطوسية : ٩ ـ عن شيخنا البهائي في بعض تحقيقاته ـ كما في مشرق الشمسين : ٦٨ ـ قبول تزكية غير الإمامي للإمامي إذا كان عدلا ، تعويلا على أنّ الفضل ما شهدت به الأعداء ، وعدم قبول الجرح من غير الإمامي وإن كان الجارح ثقة ..

٣٩٤

السادسة :

إنّه لا يخفى عليك أنّه عادة الشيخ رحمه اللّه في رجاله إلى باب رجال الكاظم عليه السلام الاقتصار على اسم الرجل وطرفا من نسبه ، ولا يوثق إلاّ نادرا. وأمّا من باب رجال الكاظم عليه السّلام فكثيرا ما يتعرّض للجرح والتعديل ، فتفطّن.

السابعة :

إنّ الشيخ الحرّ العاملي رحمه اللّه رام في فوائده الطوسية (١) ، توثيق جملة من رواة الحديث بدليل سوفسطائي قشري.

قال رحمه اللّه : فائدة مهمة (٢) : اعلم أنّ الموجود من الرجال في كتاب الرجال لميرزا محمّد بن علي الأسترآبادي رحمهما اللّه ـ وهو أحسن كتب الرجال وأجمعها ـ سبعة آلاف إلاّ خمسين (*) ، لكن فيها (٣) تكرار في الأسماء قليل ، وفي الكنى والألقاب كثير ؛ حيث يذكر الرجل باسمه ، ثم (٤) كنيته ، ثمّ لقبه.

__________________

(١) الفوائد الطوسية : ٢٣١ ـ ٢٣٣ ، فائدة (٥٢).

(٢) لا توجد كلمة : مهمة ، في المصدر المطبوع.

(*) غرضه كون عدد الفصول الأربعة ـ أعني الأسماء ، والكنى ، والألقاب ، وأسماء النساء ـ هذا المقدار ، وإلاّ فعدد أسماء الفصل الأوّل ستة آلاف وخمسة وعشرون أسما. [منه (قدّس سرّه)].

(٣) كذا في الأصل والمصدر ، والظاهر : فيه.

(٤) أخذ (ثمّ) من المصدر ، وفي المتن : من ، بدلا من : ثم .. ولا وجه لها.

٣٩٥

والموجود فيه من أصحاب الصادق عليه السلام (١) [من] أسماء مصنّفات الرواة المذكورين ستة آلاف وستمائة كتاب وزيادة يسيرة ، وقد أشاروا إلى وجود غيرها من مصنّفات المذكورين لم يذكروه لكثرته ، أو لعدم وصوله إليهم ووقوفهم عليه ، والموجود فيه من أصحاب الصادق عليه السلام ألفان وثمانمائة وزيادة يسيرة [وهم من جملة السبعة آلاف ، وليس الرواة وخواص الأئمّة عليهم السلام منحصرين في المذكورين ؛ لأنّ غرض أصحاب الرجال ضبط أسماء المصنفين غالبا] (٢). والباعث على هذا الضبط أنّ الشيخ المفيد رحمه اللّه قال في الإرشاد (٣) : إنّ أصحاب الحديث نقلوا (٤) أسماء الرواة عنه من الثقات ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ وكانوا أربعة آلاف [رجل] (٥) ، ونحو العبارتين

__________________

(١) لا يوجد في الفوائد الطوسية المطبوعة ، قوله : أصحاب الصادق عليه السلام.

(٢) ما بين المعقوفين سقط ، وجاء في المصدر.

(٣) الإرشاد للشيخ المفيد : ٢٧٠ باب أحوال الإمام الصادق عليه السلام [١/١٧٩ تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام].

(٤) نقل في الفوائد الطوسية عبارة الإرشاد إلاّ أنّ في أولها سقط ، وهو : كان الصادق عليه السلام أعظم إخوته قدرا .. إلى أن قال : وإنّ الأصحاب نقلوا .. وفي الإرشاد (المحقّقة) : قد جمعوا.

(٥) في المصدر هنا زيادة : رجلا ، ثمّ في عبارة المصنف سقط قطعا يعرف من قوله بعد هذا : ونحو العبارتين ، وهو : وقد ذكر مثل ذلك ابن شهر آشوب في المناقب ، ووثق الأربعة آلاف ..

٣٩٦

عبارة الطبرسي في إعلام الورى (١) ، إلاّ أنّه مدح الأربعة آلاف مدحا جليلا .. واللاّزم من هذه العبارات توثيق جميع المذكورين في كتب رجالنا من أصحاب الصادق عليه السلام إلاّ من نصّ (٢) على ضعفه.

بل ربّما يقال بالتعارض فيمن نصّ (٣) على ضعفه بين التوثيق والتضعيف ، ولم أجد من علمائنا من تفطن لذلك .. لكن يحصل الشك من حيث إنّ الأربعة آلاف غير منصوص على أعيانهم في عبارة المفيد ، وابن شهر آشوب ، والطبرسي ، فلعلّهم غير المذكورين في كتب الرجال ، أو بعضهم من المذكورين وبعضهم من غيرهم ، ولا يخفى بعد احتمال المغايرة على من تتبّع كتب الرجال.

__________________

انظر : المناقب لابن شهرآشوب ٤/٢٤٧ طبعة قم [وفي الطبعة الاولى ٣/٣٧٢ ـ ٣٧٣] .. وعنه في بحار الأنوار ٤٧/٢٧ ـ ٢٩ حديث ٢٨ ، قال : ينقل عنه [أي الإمام الصادق عليه السلام] من العلوم ما لا ينقل عن أحد ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ وكانوا أربعة الآف رجل.

وقد سلف الحديث عن الاصول الأربعمائة في مقباس الهداية ٣/٢٠ [الطبعة المحقّقة الاولى] .. ومواطن اخر ؛ وبيان ذلك أنّ ابن عقدة صنّف كتاب الرجال فيمن روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ثمّ عدّدهم فيه .. إلى آخر كلامه ، فراجع. وقريب منه في كتاب المحقق الحلي المعتبر : ٥.

(١) إعلام الورى : ٢٤٨ [المحقّقة : ٣٢٥ ، وفي طبعة المكتبة العلمية (طهران) : ٢٧٦ ـ ٢٧٧].

(٢) في المصدر : نصه ، وهو خلاف الظاهر.

(٣) لا يوجد : نص ، في الفوائد الطوسية المطبوعة ، ولا يتم الكلام إلاّ بها.

٣٩٧

وقد اختلفوا في جواز توثيق غير المعيّن ؛ إلاّ أنّ ابن شهر آشوب في المناقب صرّح بأنّ الجماعة الموثّقين ـ أعني الأربعة آلاف ـ هم الذين ذكرهم ابن عقدة في كتاب الرجال ، فصاروا معيّنين ، ومنهم جماعة مذكورون في كتاب النجاشي .. وغيره من أصحاب الصادق عليه السلام وقع التصريح بأنّ ابن عقدة ذكرهم في كتاب الرجال ، وحالهم ـ على ما وصل إلينا ـ غير معلوم ، لكنّهم داخلون في التوثيق المذكور ، كما عرفت.

وذكر العلاّمة رحمه اللّه في الخلاصة (١) ـ في ترجمة أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، ما هذا لفظه ـ : له كتب ، ذكرناها في كتابنا الكبير ، منها : كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل ، [و] أخرج فيه لكلّ واحد الحديث (٢) الذي رواه. انتهى.

وهو يوافق عبارة ابن شهر آشوب (٣) في عددهم ، وهذه فائدة جليلة ، من لاحظها عرف توثيق الأربعة آلاف المشار إليهم ومدحهم وجلالتهم ، فلا تغفل ، واللّه الموفّق.

ثمّ قال : وقد ورد عنها (٤) روايات كثيرة وأحاديث متعدّدة عن الأئمّة

__________________

(١) الخلاصة (رجال العلاّمة) : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ (القسم الثاني) برقم ١٣.

(٢) في الفوائد الطوسية : أخرج لكل الحديث .. وفي الخلاصة : لكل رجل الحديث.

(٣) في المصدر : رواية ابن شهر آشوب.

(٤) كذا ، وفي المصدر : عندنا ، ولعلّه أظهر.

٣٩٨

عليهم السلام في مدح أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام بطريق العموم والإطلاق ، وفي الثناء عليهم ، والعمل بكتبهم ورواياتهم ، والرجوع إليهم. ولعلّ هذه الأحاديث المشار إليها هي مستند الشيخ المفيد وابن شهر آشوب في توثيق الأربعة آلاف ، ومستند الشيخ الطبرسي رحمه اللّه في مدحهم والثناء عليهم مع ما بلغهم من آثارهم وأخبارهم.

وقريب من توثيق الأربعة آلاف ومدحهم ـ بل أوضح وأنفع وأشمل ـ توثيق الشهيد الثاني رحمه اللّه في شرح دراية الحديث (١) في بحث عدالة الراوي لجميع علمائنا ورواتنا الذين كانوا في زمان الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه وجميع من تأخّر عنه إلى زمان الشهيد الثاني رحمه اللّه ، وذكر أنّه [قد] شاع وذاع وتواتر من أحوالهم ما هو أعلى مرتبة من التوثيق ، فلا يحتاج أحد منهم إلى نصّ على عدالته ولا تصريح بتوثيقه .. وهو كلام جيّد جدّا.

وبالتتبع والنقل يعلم أنّه قد وقع التسامح في نقل الحديث في زمان الأئمّة عليهم السلام من بعض الرواة ، بل وضعوا الأحاديث ولم يقع شيء من ذلك [من أحد علماء الإمامية] (٢) في زمان الغيبة ، وقد ورد عندنا أحاديث كثيرة عن الأئمّة عليهم السلام في مدح علماء الشيعة ورواتهم الموجودين في زمان الغيبة ، والثناء عليهم ، والأمر بالرجوع إلى رواياتهم ، والعمل بأحاديثهم ، وتفضيلهم

__________________

(١) الدراية : ٦٥ [تحقيق البقال ٢/٣٤].

(٢) ما بين المعقوفين مزيد من المصدر.

٣٩٩

على أصحاب الأئمّة عليهم السلام (١) ؛ ولعلّ هذه الأحاديث هي مستند الشهيد الثاني رحمه اللّه ، مضافا إلى ما ذكره من الشياع والتواتر ، فلا تغفل عن هاتين الفائدتين الجليلتين اللتين (٢) توافق فيهما العقل والنقل ، واللّه العالم (٣).

هذا كلام الشيخ الحرّ رحمه اللّه بطوله في فوائده الطوسية.

وأقول : أمّا ما أفاده أخيرا ـ وهو غناء مشايخ الإجازة عن التوثيق ـ فمتين.

وقد أذعنّا به تبعا للمشايخ العظام ، وأوضحناه في الفائدة الرابعة (٤).

وأمّا ما أفاده أوّلا ؛ فغريب في الغاية ، وكيف يمكن البناء على وثاقة المعيّنين الموجودين في الأخبار بمجرّد الشهادات التي نقلها مع العلم بأنّ جمعا كثيرا منهم ضعفاء ، فهو من شبهة الكثير (٥) في الكثير من المحصور الذي أثبتنا في الاصول (٦)

__________________

(١) في الفوائد الطوسية : وإنّهم أعظم الناس إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأنّهم آمنوا بسواد على بياض .. وهذه الأحاديث يصلح أن تكون مستند .. إلى آخره ، ولا توجد كلمة : (ولعل) الآتية.

(٢) في المصدر : الذين ، بدلا من : اللتين ، وهو غلط.

(٣) في المصدر : واللّه اعلم.

(٤) الفائدة الرابعة من هذا الكتاب : ٤٥٣ ـ ٤٧١ من المجلد الأوّل.

(٥) هي ما كان المردد بين الامور غير المحصورة أفراد كثيرة نسبة مجموعها إلى المشتبهات ، كنسبة الشيء إلى الامور المحصورة.

(٦) وهو كتابه رحمه اللّه في الاصول : مطارح الأفهام في مباني الأحكام ، تحدّثنا عنه في مخزن المعاني : ١٦٠. ولاحظ : نهاية الأفكار ٣/٣٣٥ ، ومنتقى الاصول ٥/١٤٧ .. وغيرهما.

٤٠٠