تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

وغيرهم (١).

وحكي الثاني عن آخرين ، منهم : صاحب النقد (٢) ، وأستاده التستري (٣) .. وغيرهما (٤).

وحكي عن السيد الداماد (٥) رحمه اللّه التفصيل بين ما كان مختلفا فيه

__________________

(١) وحكاه عنه في شرح نقد الرجال (التكملة ١/١٧) وكذا عن استاذه المقدس الأردبيلي.

ومثل هذا ما ذهب إليه الوحيد البهبهاني في الفوائد الرجالية : ٥٥ ـ ٥٦ [الطبعة المحقّقة من المنهج ١/١٦٠ ـ ١٦٢] ، وكذا في طرائف المقال ٢/٣٥٢ ، ومستند الشيعة ١٩/٣٦٩ ، والمعراج للمحقّق البحراني : ٨٨ .. وغيرهم في غيرها ، كما وقد نسب إلى جمع آخرين.

قال في معالم الدين : ٢٠٨ : إذا عرفت هذا ؛ فاعلم أن وصف جماعة من الأصحاب كثيرا من الروايات بالصحة من هذا القبيل ؛ لأنّه في الحقيقة شهادة بتعديل رواتها وهو بمجرده غير كاف في جواز العمل بالحديث ، بل لا بدّ من مراجعة السند والنظر في حال الرواة ليؤمن من معارضة الجرح ، وهو مقتضى مقالة من ينكر حجية الظن الحاصل من الجرح والتعديل قبل الفحص].

(٢) نقد الرجال ؛ كما حكاه الكاظمي عنه في التكملة ، ويظهر من خاتمة كتابه النقد.

(٣) لاحظ : مقابس الأنوار : ٣ ـ ٤ (الطبعة الحجرية).

(٣) قال الكلباسي في حصيلة بحثه : إنّ مقتضى كلام من تقدم منه عدم جواز العمل بالجرح والتعديل في باب الرواة قبل الفحص ، كصاحب المعالم [صفحة : ٢٠٨] ، والمحقّق القمي [القوانين ١/٣٠٢ و ٤٧٧] والوالد الماجد ، كما عن العلاّمة في النهاية ، والشهيد الثاني في الدراية والفخري .. هو القول هنا أيضا بعدم جواز العمل بالتصحيح.

(٣) الرواشح السماوية (الراشحة الحادية عشر ـ في حكم الفقهاء بصحة حديث) : ٥٩ [الطبعة المحقّقة : ١٠٢] ، قال ـ بعد إنكاره حجية حكم مزكي مجتهد لآخر ـ : نعم ؛ إذا كان بعض

٢٠١

فلا يقبل ، وبين ما إذا كان غير مذكور في كتب الرجال ، أو كان مذكورا غير معلوم حاله ، فيقبل.

واستظهر بعضهم (١) رجوع ذلك إلى الأوّل ، وهو كذلك ؛ ضرورة أنّ مظهر الثمرة إنّما هو مجهول الحالة ، وأمّا المختلف فيه ، فلا معنى فيه للقبول تعبّدا بعد وضوح رجوع توثيقه إلى اجتهاد الموثّق ـ بالكسر ـ ، مضافا إلى أنّه لم يقل أحد في مقام الاختلاف في الرجل بتقديم المزكي صريحا ، فكيف بمثل هذه المسألة؟!

وفصّل رابع (٢) بين ما إذا كثر تصحيحاته فيفيد التوثيق لبعده في ذلك عن الغفلة [واطلاعه على سند آخر] (٣) وبين عدمها فلا يفيد ؛ لاحتمال الغفلة واحتمال

__________________

الرواة غير مذكور في كتب الرجال ، أو مذكور غير معلوم حاله ولا هو بمختلف في أمره لم يكن على البعد من الحق أن يعتبر ذلك الحكم من تلقائهم شهادة معتبرة في حقه ، والحاكي هو الشيخ الكاظمي في تكملة الرجال ١/١٨ بقوله : وفصل السيّد الداماد بين ما كان مختلفا فيه فلا يقبل وبين ما إذا كان غير مذكور في كتب الرجال .. إلى آخره.

وعليه ؛ فيمكن أن يكون التصحيح من العلاّمة وأمثاله بناء على ما ترجح عندهم في أمر كل من الرواة من جهة الاجتهاد ، فلا يكون حجة على مجتهد آخر ..

ومقتضى كلامه طاب رمسه ـ بل صريحه ـ هو عدم اعتبار التصحيح ولو بعد الفحص ، فتدبر.

(١) وهو الشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال ١/١٨.

(٢) عبّر عنه في التكملة ب‌ : بعض أعلام العصر.

(٣) الزيادة من التكملة.

٢٠٢

اطّلاعه على سند آخر.

وبنى صاحب التكملة (١) ذلك على أنّ توثيق المتأخرين هل هو مقبول أم لا؟ قال : ولم أعثر على خلاف في ذلك.

قلت : قبول توثيق المتأخّر العالم بأحوال الرجال لا شبهة فيه ، ولكن ذلك لا يثبت مدّعى أهل القول الأوّل (٢).

والذي يترجّح في النظر هو القول الثاني ؛ ضرورة أنّ احتمال اطلاعه في ذلك السند بالخصوص على ما يوجب ترتيب آثار الصحة على مجهول الحال ، ككون الراوي عنه ممّن أجمعت العصابة عليه .. أو نحو ذلك ، لا يوجب حكمه بكون الرجل ثقة ، أو موثقا ، أو حسنا ، إذا وقع في سند آخر ، فما دام احتمال خصوصية في ذلك السند قائما كيف يمكن الوثوق بالكليّة؟.

فإن قلت : إنا إذا عرفنا من مصطلحهم أنّ معنى الصحيح هو أن يكون جميع سلسلة السند عدولا إماميين كان معنى وصفه السند بالصحة أنّ جميع سلسلته ثقات ، وحينئذ فلا فرق بين أن ينص عليه بالخصوص وبين

__________________

(١) تكملة الرجال ١/١٨ ـ ١٩.

(٢) وعلى ما ذهب إليه جمع ـ ومنهم : السيد السند المحسن الكاظمي في عدّته ١/١٨١ ـ من التفصيل بين صورة الظن بالخلاف وغيرها ـ بوجوب الفحص في الأول وعدمه في الثاني ـ هو القول بالتفصيل هنا بين صورة الظن بعدم الصحة وغيرها ، بالجواز في الثاني دون الأوّل.

٢٠٣

أن يعمّم على وجه يعمّه صريحا ؛ فإنّ ذلك نظير ما إذا عدد أشخاصا ثمّ أطلق عليهم أنّهم ثقات. والظاهر الإجماع على قبول ذلك ؛ ولذا حكم غير واحد بوثاقة الحلبيّين كلّهم ، بقول النجاشي (١) : آل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا .. (٢) وكانوا جميعهم ثقات مرجوعا إلى ما يقولون.

فبعد التصريح بأنّ المراد بالصحيح ذلك ، فما الفرق بين الصورتين ..؟ وكذلك بالنسبة إلى التوثيق والتحسين.

قلت : لا نزاع لنا في كون العام الصريح كالخاص في القبول ، وإنّما نزاعنا في الصغرى من حيث منع قيام احتمال خصوصية في ذلك السند عن كون التصحيح صريحا في وثاقة كلّ فرد فرد من رجاله من حيث هو من دون خصوصية للمورد ، ولذا لو قامت قرينة يطمئنّ بها بفقد الخصوصية في ذلك السند لوافقنا الجماعة في القبول.

ولذا نقول : إنّ ما علّل به بعضهم المنع من أنّهم قد يطلقون الصحيح على الحديث المعمول به بين الطائفة ـ كما هو اصطلاح القدماء واتّفق من المتأخرين في

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٥٩ ـ ١٦٠ [طبعة الهند ـ أوفست الداوري ـ ، وصفحة : ٢٣٠ ـ ٢٣١ برقم (٦١٢) طبعة جماعة المدرسين ، و ٢/٣٧ ـ ٣٨ برقم (٦١٠) طبعة دار الأضواء في بيروت].

(٢) في المصدر ـ بطبعاته الثلاثة ـ هنا زيادة وهي : وروى جدهم أبو شعبة ، عن الحسن والحسين عليهما السلام.

٢٠٤

بعض المسائل الفقهية ـ وذلك يسلب الوثوق بكون التصحيح تعديلا لآحاد رجال السند بحيث يرتب على المجهول منهم آثار الصحة في سند آخر .. مردود ؛ بأنّ الشائع والمعروف المتداول ـ بحيث صار من شعار الطائفة ـ هو أنّه إذا أطلق الصحيح مجردا عن القرينة لا يراد ولا يحمل إلاّ على ذلك المصطلح عليه ، واستعماله في غيره بقرينة نادرا لا يقدح في ذلك عند الإطلاق ، ولم يدّع أحد انقلاب الاصطلاح في ذلك.

ألا ترى أنّ الأصل في الاطلاق الحقيقة ، وعند التجرد يحمل على المعنى الحقيقي بالإجماع مع أنّ استعمال المجاز قد كثر وشاع حتى قيل : إنّ أكثر اللغة مجازات ، ولم يخرجوا عن هذا الأصل فكيف بالشاذ النادر؟!.

وأيضا ، ألفاظ العموم حقيقة فيه وقد استعملت في الخصوص حتى ضرب مثلا (١) ، ولم يعدّه أحد قدحا في كونها عند التجرد تحمل على العموم ، وكذا سائر أهل الاصطلاحات من النحاة وغيرهم كثيرا ما يستعملون الألفاظ المصطلحة في غير المعنى الذي اصطلحوا عليه ولا يقدح ذلك في الاصطلاح ، كما لا يخفى (٢).

__________________

(١) حيث يقال : ما من عام إلاّ وقد خصّ.

(٢) ومن هنا ظهر ضعف ما ذكره الفاضل التستري في بعض حواشيه على التهذيب ـ كما حكاه الكلباسي في رسالته في الباب ١/٣٣٦ من رسائله الرجالية ـ : من أنّ حكم العلاّمة ـ مثلا ـ بصحة الرواية المشتملة على المجهول ممّا يدلّ على توثيقه ؛ إذ هو بمنزلة حكمه

٢٠٥

ثمّ لا يخفى عليك أنّهم صرّحوا بأنّ وصف شخص لسند بالضعف ليس جرحا لآحاد رجاله ، نظرا إلى احتمال أن يكون تضعيفه للسند لعدم عثوره على حال بعض رجاله ، فلا يكون حجّة على من اطّلع على وثاقة ذلك الرجل حتى يكون التوصيف المذكور جرحا معارضا للتعديل الصادر من غيره ، فتأمّل جيّدا (١).

* * *

__________________

ابتداء .. إذ إنّ الحكم بالتوثيق من باب الشهادة على قول ، بخلاف الحكم بصحة الرواية ؛ إذ هو من باب الاجتهاد ؛ لأنّه مبني على تمييز المشتركات.

(١) هذا ؛ وربّما يستدل على عدم اعتبار التصحيح ؛ بأنّ التصحيح ربّما يكون مبنيا على قرائن تقتض الوثوق والظن بالصدور مع عدم ثبوت عدالة جميع أجزاء السند ، فلا تثبت عدالة جميع أجزاء السند مع عدم اعتبار الظن المستند إلى القرائن ..

وأيضا ؛ بأنّ خلو الخلاصة عن التوثيق ينافي التصحيح من العلاّمة ـ مثلا ـ فلا اعتبار بالتصحيح ..

وبأنّه لا مجال لاعتبار التصحيح بناء على اعتبار العدد في التوثيق .. وفي الكل نظر.

أما الأوّل ؛ فلأنّ الكلام في التصحيح باصطلاح المتأخرين ، فلا بدّ من استناد التصحيح إلى العدالة ، مع أنّ التوثيق مبني على الظن غالبا مع اعتبار الظن الرجالي.

وأما الثاني ؛ فلعدم جريانه في تصحيح غير العلاّمة مع إنّه يمكن أن يكون الاطلاع على العدالة بعد الفراغ عن الخلاصة.

وأما الثالث ؛ فلأنّ الكلام في التصحيح من حيث إنّه هو ، وإلاّ فعلى القول باعتبار العدد في التوثيق يتأتي اعتبار العدد في التصحيح ، كما قاله الكلباسي في رسائله ١/٣٤١.

٢٠٦

الفائدة التاسعة عشرة (١)

إنّ من أهم ما ينبغي أن يبيّن في كتب الرجال ـ بل الذي دوّنت لأجله ـ بيان مذهب الرجل ، وعدالته ، وضبطه ، وطبقته ، وتمييزه عمّن يشاركه في الاسم والصفة .. ونحو ذلك ، ممّا له دخل في العمل بالحديث ، وقد بيّنا في المقام الأوّل من الجهة السادسة ـ من الفصل السادس ـ من مقباس الهداية (٢) جريان طريقتهم على بيان الثلاثة الأوّل بكلمة : (ثقة) ، فمتى أطلقوا

__________________

(١) نبّه على هذه الفائدة العلاّمة الوحيد البهبهاني رحمه اللّه في فوائده (الفائدة الثانية) ، وقد حكاه عن المحقّق الشيخ محمّد حفيد الشهيد الثاني ، وذكرها السيّد الداماد في الرواشح السماوية (الراشحة السابعة عشر) : ٦٧ [الطبعة المحقّقة : ١١٥] ، والكاظمي في تكملة الرجال ١/٢١ ، والأعرجي في عدّة الرجال ٢/١٨ ـ ٦٠ (الفائدة الخامسة) ، والحائري في منتهى المقال ١/٤٣ (المقدمة الخامسة) .. وغيرهم.

وعبارة الشيخ محمّد المحكية ـ التي هي الأصل في الباب ـ هي : إذا قال النجاشي : ثقة ولم يتعرض لفساد المذهب فظاهره أنّه عدل إمامي ؛ لأنّ ديدنه التعرّض للفساد ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، وهو ظاهر في عدمه ؛ لبعد وجوده مع عدم ظفره ؛ لشدة بذل جهده وزيادة معرفته .. وعليه جماعة من المحقّقين .. ثمّ علّق عليه الوحيد بالتعميم للنجاشي وغيره ، واستدل عليه بغير هذا ، وفيه ما لا يخفى.

(٢) مقباس الهداية ٢/١٣٧ ـ ١٤٨ [الطبعة المحقّقة الاولى].

٢٠٧

ذلك أرادوا أنّه إمامي عدل ضابط ، بل ذلك من المسلّمات في حقّ النجاشي ، كما مرّ.

ونزيد هنا أنّ عادة النجاشي أنّه لا يصف رجلا بكونه ثقة إلاّ إذا اجتمعت الصفات الثلاثة فيه (١). ومتى تفرّقت ، فإن كان غير إمامي ، ذكر مذهبه من كونه عاميا ، أو فطحيا ، أو واقفيا .. أو نحو ذلك ، وإن كان إماميا سكت عن بيانه ؛ فيعلم بهذا أنّ النجاشي متى سكت عن بيان مذهب الرجل علم كونه إماميا (٢).

__________________

(١) أعني : كونه إماميا ، عدلا ، ضابطا. وهي دعوى يصعب إحرازها مع عدم تصريحه بها ، بل ولا من أحد منهم خصوصا وهم يذكرون في أول كتبهم ما اصطلحوا عليه ، ولو كان كذلك لزم استعمال اللفظ في معنى متعدد في استعمال واحد ، وهو غير واقع ..

ولا شك أنّ هذه اللفظ تأتي في كلمات الرواة والأخبار بمعناها اللغوي ، وكذا في كلام غير الإماميّة من أعلام الرجال.

(٢) والعمدة هنا أنّ كتاب النجاشي موضوع لخصوص الإمامية ، وقد التزم أن يبين حسن الاعتقاد وفساده ـ وهذا ليس بمطرد فيه ؛ بمعنى إنّ الرواية المتعارفة المسلّمة أنّه إذا قال مثل النجاشي (ثقة) ولم يتعرض لفساد المذهب هو الحكم بكون الراوي عدلا إماميا ؛ أما لاستقراء سيرة الإماميين من أهل الرجال على التعرض لفساد المذهب دون حسنه ؛ أو لأنّ الظاهر التشيع ، والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ؛ أو لأنّهم وجدوا أنّهم اصطلحوا ذلك في الإمامي وإن اطلقوا على غيره مع القرينة ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل ، ومقتضاه عدم ثبوت الاصطلاح ، كما أفاده المولى الوحيد في تعليقته : ٥ ، ونقله غير واحد عنه.

٢٠٨

ويزداد ما ذكرناه وضوحا بملاحظة خطبة كتابه ؛ فإنّها صريحة في أنّ وضعه لأجل بيان المصنّفين من أصحابنا ، قال (١) رحمه اللّه : أمّا بعد ؛ فإنّي وقفت على ما ذكره السيد الشريف (٢) ـ أطال اللّه بقاه ، وأدام توفيقه ـ من تعيير قوم من مخالفينا أنّه لا سلف لكم ولا مصنّف .. وهذا قول من لا علم له بالناس ، ولا وقف على أخبارهم ، ولا عرف منازلهم وتاريخ أخبار أهل العلم ، ولا لقي أحدا فيعرف (٣) منه ، ولا حجّة علينا لمن لا يعلم ولا عرف .. وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته ؛ لعدم أكثر الكتب ، وإنّما ذكرت ذلك عذرا لمن (٤) وقع إليه كتاب لم أذكره. انتهى المهم من كلام النجاشي.

وهو كالصريح فيما ذكرناه ، ويأتي (٥) في ترجمة أحمد بن محمّد بن سعيد ـ الشهير ب‌ : ابن عقدة ـ عبارة النجاشي (٦) ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢ (طبعة الهند ، وصفحة : ٣ طبعة جماعة المدرسين ، و ١/٥٧ طبعة دار الأضواء ـ بيروت).

(٢) قيل : يريد به السيد المرتضى علم الهدى رحمه اللّه (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه‌).

(٣) في طبعة الهند : فتعرف.

(٤) في المصدر (بطبعاته الثلاثة) : إلى من.

(٥) تنقيح المقال ١/٨٥ ـ ٨٦ [الطبعة الحجرية ، الطبعة المحقّقة ٧/٣٢٥ ـ ٣٤٣ برقم (١٤٩٤)].

(٦) رجال النجاشي : ٦٨ ـ ٦٩ (طبعة الهند ، وصفحة : ٩٤ ـ ٩٥ برقم (٢٣٣) طبعة جماعة المدرسين ، و ١/٢٤٠ ـ ٢٤٢ برقم (٢٣١) دار الأضواء ـ بيروت).

٢٠٩

والفهرست (١) الصريحتان فيما عزيناه إليهما ، فالأصل فيمن ذكره أن يكون من أصحابنا إلاّ أن ينصّ بأنّه ليس كذلك ؛ لأنّ التعيير إنّما يرتفع بذكر أصحابنا وكتبهم لا بذكر من خالفنا من سائر الفرق الباطلة ، كالناووسية ، والزيدية ، والفطحية .. وغيرهم. ولو ذكر منهم وسكت عن حاله لكان ذلك تدليسا وجدالا بغير التي هي أحسن ، بل ربّما يزداد التعيير حينئذ.

ويبعد من مثل هذا الجليل ـ الذي كتابه قطب لمعرفة الرجال ـ أن يدلّس ؛ كيف ؛ ولو عثر على تدليس واحد منه لضرب به وجه الجدار؟! كيف ؛ وعند التعارض مع الشيخ رحمه اللّه ـ على جلالته ـ فقوله مقدّم؟!.

وذكر من هو غير أصحابنا نادرا ـ مع التصريح بمذهبه ـ لا يضر بذلك ، بل لعلّه ردّ على من عدّه إماميا ، كما نجد كثيرا ما يتعارض كلامه في ذلك مع غيره.

ويزداد ما ذكرناه وضوحا بالالتفات إلى أنّ النجاشي قد صرّح في عدّة من الرجال بالوقف ، وفي عدّة بالعامية ، حتى أنّه إذا شكّ في شخص قال : وليس بالمتحقّق لنا .. أو بنا .. كما في عبد الرحمن بن بدر بن زرعة أبي إدريس (٢) ،

__________________

(١) الفهرست للشيخ : ٢٨ ـ ٢٩ برقم ٧٦ (المكتبة المرتضوية ، وصفحة : ٥٢ ـ ٥٣ برقم ٨٦ المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ).

(٢) رجال النجاشي ٢/٥٠ ـ ٥١ برقم (٦٢٩) [في طبعة بيروت ، وفي طبعة جماعة المدرسين : ٢٣٨ برقم (٦٣١)].

٢١٠

وسليمان بن داود المنقري (١) .. وغيرهما ، فلاحظ وتدبّر (٢).

ثمّ إنّه بمثل ما استفدناه من مسلك النجاشي صرّح العلاّمة الطباطبائي قدّس سرّه في فوائده الرجالية (*) (٣) بالنسبة إلى كلام الشيخ رحمه اللّه في الفهرست مضافا إلى النجاشي رحمه اللّه ، حيث قال : الظاهر أنّ جميع ما ذكره الشيخ (٤) رحمه اللّه في الفهرست من الشيعة الإمامية إلاّ من نصّ عليه على خلاف ذلك من الرجال الزيدية ، والفطحية ، والواقفية .. وغيرهم ، كما يدلّ عليه

__________________

(١) رجال النجاشي ١/٤١٥ ـ ٤١٦ برقم (٤٨٦) [في طبعة بيروت ، وفي طبعة جماعة المدرسين : ١٨٤ ـ ١٨٥ برقم (٤٨٨)].

(٢) يبقى الكلام أن دخول الإمامية بنفسها في مدلول الثقة من باب الاصطلاح يقتضي التكرار بناء على دخول الإمامية في العدالة .. إذ لا فسق أعظم من عدم الإيمان ـ كما نقله فخر المحقّقين عن والده ، وأورده الشهيد في تعليقته على الخلاصة : ١٥ ، ومثله في الرواشح السماوية : ١١٥ (الراشحة ٣٦) .. وغيرها ـ وفيه ما لا يخفى ؛ إذ العدالة بالمعنى الأخص تجامع عدم الإيمان ولم تؤخذ الإمامية في تعريف العدالة من أحد إلاّ إذا قيل بالانصراف ، كما أنّ العدالة لفظ مشترك بين العامة والخاصة .. فتأمل جدا ، وفي الكل كلام ليس محلّه هنا.

(*) وصرح به المحقّق الداماد رحمه اللّه أيضا. [منه (قدّس سرّه)].

انظر : الرواشح السماوية (الراشحة السابعة عشر) : ٦٧ ـ ٦٨ [الحجرية ، وفي المحقّقة : ١١٥].

(٣) رجال السيّد بحر العلوم ٤/١١٤ ـ ١١٦ ذيل فائدة (١٠) ، ولاحظ : الرسائل الرجالية للكلباسي (رسالة في ثقة)١/٦١ ـ ٦٢.

(٤) في المصدر : من ذكر الشيخ.

٢١١

وضع هذا الكتاب ، فإنّه في فهرست كتب الإمامية ومصنفاتهم دون غيرهم من الفرق .. وكذا كتاب النجاشي ، فكلّ من ذكر له ترجمة في الكتابين فهو صحيح المذهب ، ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماء ، والاعتناء بشأنهم وشأن كتبهم ، وذكر الطريق إلى كتبهم ، وذكر من روى عنهم ومن رووا عنه.

ومن هذا يعلم أنّ إطلاق الجهالة على المذكورين في الفهرست ورجال النجاشي من دون توثيق ومدح خاص ليس على ما ينبغي ، وكذا الكلام فيمن ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، وما ذكره الشيخ الجليل [أبو الحسن علي بن] عبيد اللّه ابن بابويه في فهرسته ، وهذا ممّا ينبغي أن يلحظ فقد غفل عنه أكثر الناس ، فتأمّل. انتهى (١).

وما ذكره موجّه متين ، بعد ما تحقّق من حجيّة الظنون الرجالية ، ووضوح حصول الظن ممّا ذكره ، مضافا إلى ما سمعت من العلاّمة المذكور من صراحة عبارة الشيخ رحمه اللّه في أوّل الفهرست في قصره على تعداد كتب أصحابنا وطائفتنا دون غيرهم ، بل قد التزم بعض المحقّقين من أهل الفن في رجال الشيخ رحمه اللّه بمثل ما بنينا عليه في فهرسته ، وكتاب النجاشي ، حيث قال : إعلم أنّ الشيخ المفيد رحمه اللّه قال (٢) في باب ذكر إمامة جعفر ابن محمّد الصادق عليهما السلام : إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة

__________________

(١) أي ما جاء في الفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ٤/١١٦ ـ ١١٧.

(٢) الإرشاد ٢/١٧٩ [الطبعة المحققة ، وفي الطبعة الإسلامية : ٢٥٣] نقلا بالمعنى.

٢١٢

عنه من الثقات ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ فكانوا أربعة آلاف من أصحابه. انتهى.

ونحوه حكي عن ابن شهر آشوب (١) ، والطبرسي (٢) .. وغيرهما (٣).

ومن البيّن أنّ ما ذكره الشيخ رحمه اللّه في رجاله من أسماء أصحاب الحديث أقلّ قليل بالنسبة إلى العدد المذكور ، ويبعد كلّ البعد أن يذكر غير الإمامي ويترك الإمامي ، بل زاد هذا البعض على ذلك ، وقال : يبعد كلّ البعد أن يكون قد ذكر غير الثقات وترك الثقات ، فيغلب على الظن أنّ من ذكرهم الشيخ رحمه اللّه وابن عقدة هم الثقات ، وبذلك يصحّ كثير من أحاديثنا. وربّما يقوي هذا الظن أنّ رجال رسول اللّه

__________________

(١) المناقب لابن شهر آشوب ٤/٢٤٧ [طبعة قم ، وكذا في ٢/٣٢٤].

(٢) إعلام الورى : ٢٧٦ [الطبعة الإسلامية ـ طهران ، وفي المحقّقة : ٣٢٥].

(٣) كما قاله المولى الكني في توضيح المقال : ٤٧ ، والمحقّق الحلّي في المعتبر : ٥ [الحجرية] والشهيد الأول في الذكرى : ٦ [الحجرية] ، والعاملي في وصول الأخبار : ٤٠ ، للعلاّمة المستجاد من الإرشاد : ١٧٥ ، والسيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية ٤/٦٧ ، والخاقاني في رجاله : ٧٥ .. وغيرهم في غيرها.

وانظر ما ذكره السيّد الداماد في الراشحة التاسعة والعشرين : ٩٨ ـ ٩٩ ، والدربندي في القواميس : ٧٣ (خطيّة) ، والشيخ ياسين في معين النبيه : ١٥ ـ ١٦ (خطّية) ، والسيّد الخوئي في معجم رجال الحديث ١/٧٠.

وكذا ما جاء في تعاليقنا على مقباس الهداية ٣/٢٠ ـ ٢٢ [الطبعة المحقّقة الاولى] ، ومستدرك رقم [٢٠٢].

٢١٣

صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الراوين عنه في غاية الكثرة ، والشيخ رحمه اللّه لم يذكر في رجاله عشرهم ، فربّما يسبق إلى الذهن أنّه لم يذكر إلاّ الثقة منهم ، فتأمّل.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ ما ذكرناه من ظهور سكوت النجاشي والشيخ رحمه اللّه عن الغمز في مذهب الرجل في كونه إماميا إنّما هو في غير المعلوم كونه عاميا.

وأمّا المشاهير من العامة ؛ فسكوتهما عن الغمز في مذهبه لا يكشف عن بنائهما على كونه إماميا ، كما هو ظاهر لا يخفى على المتتبّع النيقد البصير.

وقد تكرّر من الشيخ رحمه اللّه (١) في رجاله ذكر مشاهير العامة ، كأبي حنيفة .. وأضرابه ؛ لمجرّد معاصرتهم للأئمة عليهم السلام ، وأخذهم عنهم عليهم السلام ، من دون إشارة إلى انحرافهم ولا غمز فيهم ، إحالة إلى الوضوح (٢) ، كما لا يخفى.

__________________

(١) كما جاء في رجال الشيخ الطوسي رحمه اللّه : ٣٢٥ برقم ٢٣ [الطبعة الحيدرية] ، قال : النعمان بن ثابت أبو حنيفة التيملي الكوفي مولاهم.

(٢) أو لكونه لم يأخذ على نفسه في رجاله بيان المدح والقدح فيه ، أو لأنّ محط نظره أولا هو بيان الطبقة لا التعديل والتفسيق ، أو بيان المذهب .. أو غير ذلك ، وإن جاء منه ذلك أحيانا ، كما هو واضح. إلاّ أن يقال ـ كما قيل ـ إنّ طريقة أهل الرجال وسيرتهم المستمرة التي كان أمرهم عليها من قديم الزمان ـ سواء كانوا من أصحابنا أو غيرهم أو من العامة ـ إنّهم لا يسكتون عن مذهب الرجل إلاّ فيمن ثبت عندهم موافقة مذهبه لمذهبهم ـ

٢١٤

تذييل

كثيرا ما يصفون الرجل بكونه صدوقا (١) ، بعد وصفه بالثقة والعدالة (٢).

__________________

واعتقادهم ، فإذا لم يذكروا من مذهبه شيئا ، فظاهرهم أنّهم يعتقدون كونه موافقا لهم في الاعتقاد. وعليه ؛ فباءهم على ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة لا على ذكر الموافقة إلاّ لداع ، كرفع توهم متوهم ، أو إنكار منكر ، أو لمخالطة الرجل مع العامة فيوهم كونه منهم .. أو غير ذلك.

(١) على سبيل التوصيف أو الإضافة : ومثله في : صادق ، وكذا : صادق اللهجة ، وأصدق لهجة ، أو يصدق علينا .. وأشباه ذلك راجعها في مستدركاتنا على مقباس الهداية.

(٢) وله نماذج كثيرة ؛ كما في ترجمة الريان بن الصلت الأشعري القمي ، حيث قال فيه الشيخ النجاشي في رجاله : ١٦٥ برقم ٤٢٧ إنّه : ثقة صدوق ، وأخذ منه العلاّمة في الخلاصة : ٧٠ برقم ١ ، وابن داود في رجاله : ١٥٤ برقم ٦١٢ .. ومثله في ترجمة حمّاد بن عيسى أبو محمّد الجهني البصري ، حيث قال العلاّمة في رجاله : ٥٦ برقم ٢ عنه : .. وكان ثقة في حديثه صدوقا ، وقد أخذه من النجاشي في رجاله : ١٤٢ برقم ٣٧٠ ، وكذا : سعيد بن أحمد بن موسى أبو القاسم الغرار [الغزاد] الكوفي ، حيث عبّر عنه النجاشي في رجاله : ١٨٠ برقم ٤٧٢ بذلك ، وقاله ابن داود في رجاله : ١٦٩ برقم ٦٧٥ ، والعلاّمة في الخلاصة : ٨٠ برقم ٤ ، ونظيره ما قيل في : ظريف بن ناصح ، حيث جاء في رجال النجاشي : ٢١٠ برقم ٥٥٢ ، ووصفه بالوصفين ، ومنه أخذ العلاّمة في الخلاصة

٢١٥

وقد أشكل الأمر في ذلك على بعض من لا تحصيل له ، من حيث إغناء بيان كونه ثقة عن بيان كونه صدوقا ؛ لأنّ الثقة لا يجوز أن يكون كاذبا غير صدوق!

ولكن الخبير الفطن لا يخفى عليه أنّ النكتة في إرداف الوصف بالوثاقة بالوصف بالصدق هي الإشارة إلى أنّ حصول العلم بخصوص هذا الأثر من آثار العدالة والوثاقة مضافا إلى العلم بالوثاقة ، لا أنّ صدقه من حيث الاندراج تحت عموم الوثاقة.

وتوضيح ذلك : أنّ العلم بالوثاقة قد يحصل بالوقوف على بعض المزايا والكفّ عن بعض المناهي ، فيستدلّ بما علم على الكلّية.

وقد يكون الفرد الذي يقع فيه الكلام معلوما بالخصوص لا بالانتقال إليه من فرد آخر ، فإرداف قولهم : ثقة ، بقولهم : صدوق ؛ لإفهام أنا علمنا بالتزامه بالصدق بالوقوف على غاية تحرّزه الكذب ، لا أنّا عرفنا صدقه من حيث عدالته المحرزة بتحرّزه عن الخيانة والغيبة .. ونحوهما.

والحاصل ؛ أنّ الملكة يستدلّ عليها بالآثار ، فمن ترى منه بالمعاشرة الكفّ عن جملة من المناهي دلّك ذلك على أنّ له ملكة تبعث على ترك باقي المحرمات

__________________

٩١ برقم ٢ ، وابن داود في رجاله : ١٩٢ برقم ٧٨٤ ، وورد مثل هذا في يعقوب بن إسحاق السكيت ، قال عنه النجاشي في رجاله : ٤٤٩ برقم ١٢١٤ : إنّه ثقة مصدقا (صدوقا) لا يطعن عليه .. إلى آخره.

وقيل : في يعقوب بن يزيد بن حمّاد الأنباري الأسلمي ، أبو يوسف الكاتب ، قاله العلاّمة في الخلاصة : ١٨٦ برقم ١ في حرف الياء ، وكذا ابن داود في رجاله : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ برقم ١٧٠٠ ، ولعلهما أخذاه من النجاشي في رجاله : ٤٥٠ برقم ١٢١٥.

٢١٦

والمناهي ، والإتيان بالواجبات.

وحينئذ ؛ فحيث كان من الممكن ابتناء شهادتهم بعدالته على إحراز اجتنابه الغيبة والبهتان والخيانة .. ونحوها والانتقال من ذلك إلى تحرّزه من الكذب نصّوا على كونه صدوقا للتنبيه على أن صدقه من الآثار المعلومة بنفسها لا أنّه ممّا انتقلوا إليه من غيره.

وأيضا ؛ فحيث إنّ كلمة (صدوق) مبالغة ، والمبالغة في الكميّة لا معنى لها هنا ؛ لأنّ العدالة ملزومة للصدق دائما ، فلا بدّ أن يراد بها المبالغة في الكيفية ، ومعناها زيادة التحرّز والضبط ، وهو أمر زائد على أصل التوثيق والتعديل ، كما لا يخفى.

وكذا جرت طريقة النجاشي على أنّه إن كان الرجل ممّن روى عنهم عليهم السلام ذكر [ه] وإن لم يطّلع على روايته عنهم عليهم السلام سكت ، فيعلم بهذا أنّه متى سكت عن بيان رواية الرجل عنهم عليهم السلام كان ممّن لم يطلع على روايته عنهم عليهم السلام.

وقد نبّه على ما ذكرنا السيد الداماد أيضا في محكي الرواشح (١) ، وقد تفطن لذلك ابن داود أيضا ، فكثيرا ما يقول : (لم)(جش) (٢) ، فينسب عدم روايته

__________________

(١) الرواشح السماوية : ٦٧ [الحجرية ، وفي المحقّقة : ١١٥].

(٢) كما جاء في أكثر من ترجمة من التراجم في رجال ابن داود ، منها في : آدم بن إسحاق بن آدم [صفحة : ٩ برقم (١)] ، وأبان بن عمر الأسدي [صفحة : ١٢ برقم (٨)] ، وإبراهيم بن

٢١٧

عنهم عليهم السلام إلى النجاشي ، فكثيرا ما ينقل عنه هذه العبارة ، ويعترض عليه بأنّه لم يوجد التصريح بعدم رواية الرجل عنهم عليهم السلام في كلام النجاشي ، ومن اطّلع على ما ذكرنا من طريقة النجاشي بان له سقوط مثل هذا الاعتراض.

نعم ؛ ربّما يقول ابن داود في حقّ رجل : إنّه لم يرو عنهم عليهم السلام ، من دون نسبته إلى النجاشي ، مع تصريح الشيخ رحمه اللّه .. أو غيره بروايته عن الإمام الفلاني عليه السلام ، فيصح حينئذ الاعتراض عليه بأنّ نسبة عدم الرواية عنهم عليهم السلام إلى الرجل من دون مراجعة من أثبت روايته عن إمام عليه السلام من الشيخ رحمه اللّه .. أو غيره ليست على ما ينبغي (١).

__________________

محمّد بن معروف أبو إسحاق المذاري [صفحة : ١٨ برقم (٢٤)] ، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلى العمي [صفحة : ٢١ برقم (٥٠)] ، وأحمد بن رباح السكوني [صفحة : ٢٨ برقم (٧٥)] .. وغيرها وغيرهم ، وقد عددتها فكانت (١٧٥) موردا لا غير ، فراجع.

(١) أقول : لقائل أن يقول : إنّ العرب وأهل العربية خاصة قد جروا على إنّهم إذا نسبوا شيئا إلى الخير والصلاح أضافوه إلى لفظة (صدق) ، كما يقال : (رجل صدق) يعني رجلا صالحا ، وليس المراد بالصدق هنا ما يقابل الكذب ، والصدق أعم من العدالة ، لجواز أن يكون الرجل صادقا وليس بعادل.

ويظهر من حاوي الأقوال ٢/١٧٢ في ترجمة محمّد بن أحمد برقم ٧١٢ ، ويحيى بن الحسن ٢/٣٨٨ برقم ٧٢١ هو القول بدلالة صدوق على العدالة .. ولا نعرف له وجها.

٢١٨

الفائدة العشرون (١)

إنّ حجيّة أخبار الآحاد عندنا لمّا كانت من باب بناء العقلاء الكاشف عن حكم العقل الموكول إليه طريق الإطاعة على الاعتماد على الخبر الموثوق به في أمور معاشهم ومعادهم ، وورد النص عن العسكري عليه السلام بالعمل بما روته بنو فضال دون ما رأوه (*) لزمنا القول بحجيّة

__________________

(١) عنون المسألة في الفائدة الرابعة من فوائد السيد الأعرجي الكاظمي ـ في عدّة الرجال ١/٩٨ ـ بشكل آخر ، حيث عقدها لتوجيه الأخذ بخبر غير العدل مع اتفاق الكلمة على اشتراط العدالة في العمل بالخبر الواحد ، وحكاه الشهيد في الدراية عن جمهور المحدثين والاصوليين ، بل حكى الشيخ الإجماع .. إلى آخر كلامه فلاحظه.

(*) يأتي ذكر هذا الخبر في مسند أحمد بن الحسن بن علي بن فضال. [منه (قدّس سرّه)]. انظر : تنقيح المقال ١/٥٥ ـ ٥٦ [من الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة المحقّقة ٥/٤٣٢ ـ ٤٣٨ برقم (٨٩٨)].

هذا ، ولقد جاء الخبر في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٣٩ (طبعة النجف الأشرف صفحة : ٢٥٤) ، ورواه في الوسائل ١٨/٧٢ ، وصفحة : ١٠٣ [الطبعة الإسلامية] ، وبحار الأنوار ٢/٢٥٢ ـ ٢٥٣ حديث ٧٢ ، بإسناده : .. سئل الشيخ أبو القاسم ابن روح عن كتب ابن أبي العزاقر (عزافر) بعد ما ذمّ وخرجت فيه اللعنة ، فقيل له : فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملئى؟ فقال : أقول فيها ما قاله أبو محمّد الحسن بن علي صلوات اللّه عليهما ، وقد سئل عن كتب بني فضال ، فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا

٢١٩

الخبر الموثق الذي هو في الاصطلاح : من كان ثقة غير إمامي ـ كما شرحناه في مقباس الهداية (١) ـ.

ولكن الغرض هنا بيان أنّ فساد العقيدة يمنع من العدالة المصطلحة ؛ لأنّها الملكة التي هي فوق صحة العقيدة ، فمتى ما نطقوا بفساد مذهب رجل كان ذلك قرينة على أنّهم يريدون بقولهم : (هو ثقة) في حقّه أنّه يوثق بحديثه لا أنّه عادل

__________________

منها ملئى؟ فقال عليه السلام : «خذوا بما رووا وذروا ما رأوا».

وفي بحار الأنوار ٥١/٣٥٨ ذيل حديث ٦ بيان جدير بالملاحظة.

ومن هنا قال الشيخ في العدّة ١/٣٨٠ ـ ٣٨١ : .. ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه .. ومن بعد هؤلاء بنو فضال وبنو سماعة والطاطريون .. وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه.

وذكرناه بمصادره في مقباس الهداية ٢/٢٦٦ ، و ٣/١٧٢ [الطبعة الاولى المحقّقة] ، فراجع.

قال المحدّث البحراني في كشكوله ١/١٤١ :

قد رواه جماعة من علماء الأعلام منهم أنّه سئل عليه السلام عن العمل بكتب بني فضال الذين هم من عمد الفطحية ، فقال : «خذوا بما رووه ودعوا ما رأوه» ، ثمّ قال : وفيه حجة واضحة على صحة العمل برواية غير الإمامي إذا لم تكن من متفرداته الباطلة ولا من مخترعاته العاطلة.

ثمّ قال : وهو موافق لما عليه أصحابنا المتقدمين ، وجملة من علمائنا المتأخرين ، وهو الحق الحقيق بالاتباع.

أقول : لا يفهم التقييد مع الاطلاق في الرواية ، وعلى القول بكونه ثقة ويصح الأخذ بروايته يعامل معه معاملة غيره ، فتدبر.

(١) مقباس الهداية ١/١٦٨ ، وصفحة : ١٨٧ ـ ١٨٨ [الطبعة الاولى المحقّقة].

٢٢٠