تنقيح المقال - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-383-6
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٦٠

الأجدع ـ بالدال المهملة ، بعد الجيم (١) ، والدال المهملة (٢) ـ ابن أشدّ (٣).

وأبو سخيلة (٤) ـ بضم السين ، والخاء المعجمة ـ.

و (٥) عاصم بن طريف ـ بفتح الطاء (٦) ـ.

وميسرة (٧) ـ بالسين المهملة بعد الياء المنقطة تحتها نقطتين ـ.

__________________

(١) في الخلاصة : بالجيم والدال المهملة.

(٢) كذا ، ولا معنى ل‌ : والدال المهملة ، ولم ترد في الخلاصة ، ولعلّها : والعين المهملة.

(٣) كذا ، وفي الخلاصة ـ وحاوي الأقوال عنه ـ : ابن أسد ، وفي رجال البرقي : بن راشد.

لاحظ : تنقيح المقال (باب الكنى)٣/٣٢ (من الطبعة الحجرية) ولا يعرف له اسم ، إلاّ أنّ تكون كنيته اسمه.

(٤) الذي يظهر من كلام البرقي رحمه اللّه أنّ اسمه هو : عاصم بن ظريف.

انظر تنقيح المقال ٣/١٦ (من الطبعة الحجرية) ، وقارن به ٢/١١٣ منها ، وعليه فتكون الواو الآتية زائدة.

(٥) كذا ، والظاهر كون الواو زائدة ، بل هو كذلك قطعا ، لعدم وروده في رجال البرقي والخلاصة ـ طبعة دار الفقاهة ـ .. وغيره ، نعم جاء كذلك في حاوي الأقوال.

(٦) كذا ، والصحيح أنّه بالظاء المؤلفة.

(٧) وهو متعدد في الرجال ، ذكر منهم المصنف رحمه اللّه في موسوعته جمعا ٣/٢٦٤ ـ ٢٦٥ (الطبعة الحجرية) ، والمحتمل منهم هنا اثنان ، هما :

ميسرة بن المسيب بن حري (حزن) أبو سعيد ؛ الذي قيل أنّه أوصى له أمير المؤمنين (ع).

وميسرة مولى كندة .. وكلاهما مجهول الحال ، فلاحظ.

١٠١

وربيعة بن علي (١).

وأبو إسحاق ، يروي عنه (٢).

فهذا ما أردت إثباته ممّا قاله البرقي (٣) ، انتهى ما في الخلاصة (٤).

__________________

(١) لاحظ : تنقيح المقال ١/٤٢٨ (من الطبعة الحجرية) ، ولم يوثقه هناك ولم يشر لما هنا ، فلاحظ.

(٢) في الخلاصة : روى عنه ، والكلام أصله للشيخ رحمه اللّه في رجاله : ٤١ برقم ٧ ، عند ترجمته للرجل وعدّه من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.

(٣) رجال البرقي : ٤ ـ ٧.

(٤) الخلاصة : ١٩٥ ـ ١٩٦ [الطبعة الحيدرية ، وفي طبعة دار الفقاهة : ٣٠٧ ـ ٣١٠].

وعلّق عليه الشيخ الجزائري في حاوي الأقوال ٣/١٦١ بقوله : وأقول : لا يخفى أنّ بعض المذكورين قد ذكروا أيضا في أبوابهم ، ولا يخفى أنّ بعضهم مجهول الحال ، وبعضهم ممدوح ، وبعضهم ضعيف .. ولكن ذكرناهم تبعا للعلاّمة ..

١٠٢

ومنها :

الباقون على منهاج نبيّهم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

من غير تغيير ولا تبديل (١)

ففي العيون (٢) ـ في الحسن ـ عن الفضل بن شاذان : إنّ المأمون سأل علي بن موسى الرضا عليهما السلام أن يكتب له محض الإسلام على [سبيل] الإيجاز والاختصار ، فكتب علي بن موسى عليهما السلام [له] : «إنّ محض الإسلام ..»

__________________

(١) جاء هذا العنوان في وسائل الشيعة ٢٠/٩٠ هكذا : المقبولين من الصحابة الذين مضوا على منهاج نبيّهم عليه الصلاة والسلام ولم يغيّروا ولم يبدّلوا.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢/١٢١ ـ ١٢٧ باب ٣٥ حديث ١ [الطبعة الحجرية : ٢٦٧ ـ ٢٦٩] نقلا بالمعنى مع اختصار في اللفظ ، ولاحظ : العيون أيضا ١/١٢٧ مثله ، وقد عقد العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ١٠/٣٥٢ ـ ٣٦٠ الباب (٢٠) لهذا الغرض ، ونقل الرواية بطولها ، وكرر أكثرها في ٦٨/٢٦١ ـ ٢٦٤ حديث ٢٠ ، ثمّ نقل قطعا منه في مواطن متعددة من موسوعته المباركة ، وجاء الحديث في وسائل الشيعة مقطعا كما في ١/٢٥١ حديث ٦٤٨ ، وصفحة : ٣٩٥ حديث ١٠٣٣ ، وصفحة : ٤٤٠ حديث ١١٦٢ ، و ١٦/١٢٩ حديث ٢١١٥٩ .. ومواطن اخرى منه لاحظتها على الحاسوب ، وكذا مكررا في بحار الأنوار غير ما مرّ.

١٠٣

إلى أن ذكر أنّ الدليل بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم علي .. ثمّ ذكر الأئمّة عن آخرهم بأساميهم .. إلى أن ذكر أنّ البراءة من الذين ظلموا آل محمّد واجبة ، وذكر لعن معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبي موسى الأشعري ، والبراءة ممّن نكثوا بيعة إمامهم ، وأخرجوا المرأة ، وحاربوا أمير المؤمنين عليه السلام ، وقتلوا الشيعة رحمهم اللّه ..

إلى أن قال (١) عليه السلام : «.. والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام والذين مضوا على منهاج نبيّهم [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] ، ولم يغيّروا ولم يبدّلوا ، مثل : سلمان الفارسي ، وأبي ذرّ الغفاري ، و (٢) المقداد بن الأسود ، وعمّار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان (٣) ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وسهل بن حنيف ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيّوب الأنصاري ، وخزيمة بن ثابت ذي (٤) الشهادتين ، وأبي سعيد الخدري .. وأمثالهم رضي اللّه عنهم [ورحمة اللّه عليهم] ، والولاية لأتباعهم وأشياعهم ، والمهتدين بهداهم ، [و] السالكين منهاجهم رضوان اللّه عليهم ورحمته ..»الحديث.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢/١٢٦ باب ٣٥ ، وعنه في بحار الأنوار ١٠/٣٥٨ ذيل حديث ١ من باب ٢٠ ، ومثله عنه فيه ٦٨/٢٦٣.

(٢) في المصدر : أو ، بدل : الواو ، وهو سهو.

(٣) في العيون المطبوع : وحذيفة اليماني.

(٤) في الأصل : وذي .. والواو زائدة ، كما هو واضح.

١٠٤

ومنها :

الاثنا عشر

و [منها :]

السبعون

قد ورد في حقّ جملة من الصحابة أنّهم من الاثني عشر (١) ، ومن السبعين. وفي بعضهم أنّه من السبعين .. دون الاثني عشر. وقد ورد (٢) في عبد اللّه والد جابر أنّه من السبعين ومن الاثني عشر. وفي جابر أنّه من السبعين دون الاثني عشر .. وهكذا ورد نحو ذلك في حقّ جملة منهم (٣).

__________________

(١) في الاثني عشر ثلاثة اصطلاحات :

أحدها : ما ذكره المصنف قدّس سرّه هنا ؛ وهو : الاثنا عشر الذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قبل العقبة.

والثاني : الاثنا عشر منافقا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وسيأتي لا حقا.

والثالث : الاثنا عشر الذين أنكروا على أبي بكر غصبه الخلافة.

وقد ذكر الأخير في بحار الأنوار ٢٨/٢١٤ ، وجاء في كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام : ١٠٨ ـ ١١٣ [الطبعة المحقّقة : ٣٣٥] ، وفصّل القول فيهم العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ٢/٧٩ ـ ٨٤ ، وانظر : التهذيب ٣/٣١٨ حديث ١١.

(٢) كما قاله الكشي في رجاله (اختيار معرفة الرجال) : ٤١ برقم ٨٧ مسندا.

(٣) جاء في بحار الأنوار ٣٣/١٤٧ اسم أربعة من الاثني عشر ، وهم : أبو الهيثمّ بن التيهان ،

١٠٥

والمراد ب‌ : السبعين ؛ السبعون الذين كانوا بايعوا النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في العقبة (١).

وبالاثني عشر الذين بايعوه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قبل ذلك ، فعيّنهم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نقباء للأنصار (٢) ، فلا تذهل (٣).

__________________

ـ وأبو أيوب ، وعمار ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، نقلا عن كتاب الغيبة للشيخ النعماني : ٦٨ ، ومثله في كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢/٧٦٠ (الطبعة المحقّقة).

(١) بعد أن جاؤوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في عقبة مكّة وبايعوه في دار عبد المطلب ليلا ، ويقال لهم : العقبيون. قال في الاستغاثة ٢/٦٩ : .. المعروفون بإجماع أهل الأثر ..

أقول : هناك مصطلح آخر في السبعين ، يقصد به أصحاب الإمام الحسين عليه السلام ، كما جاء في رجال ابن داود : ٩٩ برقم ٢٧٤ في ترجمة : حبيب بن مظاهر [مطهر] حيث قال : .. وكان من السبعين الذين نصروا وصبروا على البلاء حتّى قتلوا بين يديه .. وقد أخذه من رجال الكشي : ٧٨ برقم ١٣٣.

كما أنّ هناك مصطلح آخر فيه يقصد به أصحاب المختار ، حيث ورد في حق عامر ابن واثلة أنّه قال ـ كما في رجال الكشي : ٩٤ ـ ٩٥ برقم ١٤٩ ـ : إنّه خرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة ، وكان يقول : ما بقي من السبعين غيري .. وقد كان من الكيسانية.

(٢) ذكر أبو الفرج الجوزي في كتابه المدهش : ٤٣ نقباء الأنصار ، وعدّهم اثنا عشر أنصاريا ، ونقيبهم : أسعد بن زرارة.

(٣) انظر : الغيبة للشيخ النعماني : ٧٨ ، وكتاب سليم بن قيس : ٣٠٠ ، وغاية المرام ٢/١٠٨ .. وغيرها.

١٠٦

ومنها :

الاثنا عشر منافقا

من أصحاب رسول اللّه بنصّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

ففي مسند أحمد (١) ، عن حذيفة ، عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، قال : «في أصحابي اثنا عشر منافقا ؛ ثمانية (٢) لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط» (٣).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٥/٣٩٠ حديث ٢٣٣٦٧ ، والرواية عن عمار ، ومثله في صحيح مسلم ٤/٢١٤٣ حديث ٢٧٧٩ كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، وفيه ذيل ، فراجعه. وبزيادة وتوضيح جاء في الآحاد والمثاني ٢/٤٦٥ حديث ١٢٧٠ ، وحكاه ابن كثير في تفسيره ٢/٣٨٥ ذيل قوله تعالى : (وَهَمُّوا بِمٰا لَمْ يَنٰالُوا) .. [سورة التوبة (٩) : ٧٤] ، قال : إنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أعلم حذيفة بأعيان أربعة عشر أو خمسة عشر منافقا ، ثمّ قال : وهذا تخصيص لا يقتضي أنّه يتحقق على أسمائهم وأعيانهم كلّهم! ولاحظ ما ذكره ابن كثير أيضا في تفسيره ٣/٣٧٤ حيث أورد أصحاب العقبة وإخبار رسول اللّه (ص) حذيفة عنهم مفصلا.

(٢) في المسند ، وكذا في العمدة : منهم ثمانية ، وفي صحيح مسلم : فيهم ثمانية ..

(٣) وأورده ابن بطريق في العمدة : ٣٣٢ و ٣٣٣ عن مسند أحمد ، ولاحظ : السنن الكبرى للبيهقي ٨/١٩٨ .. وغيره ، وتفسير ابن كثير ٣/٣٧٤ مفصلا ، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٧/١٢٥ مجملا.

١٠٧

وعن الجامع الكبير (١) ، عن أبي الطفيل ، قال : كان بين حذيفة وبين رجل من أهل العقبة ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك اللّه ، كم كان أصحاب العقبة؟ قال أبو موسى الأشعري (٢) : قد كنّا نخبر أنّهم أربعة عشر ، فقال حذيفة : وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر ، أشهد [باللّه] أنّ اثني عشر منهم حرب اللّه (٣) ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (٤).

__________________

(١) الجامع الكبير ؛ كما في كنز العمال ١٤/٨٦ ـ ٨٧ حديث ٣٨٠١١.

وجاء أيضا عن أبي الطفيل ؛ في مسند أحمد بن حنبل ٥/٤٥٣ ـ ٤٥٤ [٥/٣٩٠ حديث ٢٣٣٦٩] مسندا ، ومفصلا في سنن البيهقي الكبرى ٩/٣٣ ، والمصنف لابن أبي شيبة ٧/٤٤٥ [٨/٥٨٨] حديث ٢٧١٠٤ .. وغيرها ، وقريب منه مصحفا في المحلّى لابن حزم ١١/٢٢١ ، ومجمع الزوائد ٦/١٩٥ ، عن عمار.

(٢) لم يورد أحمد بن حنبل في مسنده اسم الخبيث ، وفيه : فقال له القوم : أخبره إذا سألك ، قال : انا كنّا .. وفيه زيادة ولفظ (الرجل) بدلا من أبي موسى الأشعري .. حفظا لحرمة الصحبة ، ووحدت الهدف!!

وهناك عدّة روايات في صحاح العامة ومسانيدهم عن رسول اللّه ينصّ فيها صلوات اللّه عليه وآله بأنّ في أصحابه منافقين ، كما في مسند الطيالسي ١/١٣٨ ، ومثله في تفسير ابن كثير ٢/٣٨٥ ، ومسند أحمد بن حنبل ٤/٨٣ .. وغيرها.

(٣) صحفت الكلمة في بعض المصادر ب‌ : حزب اللّه!

(٤) وأخرجه الهيثمي عن أبي الطفيل في مجمع الزوائد ١/١١٠ في أكثر من حديث ، منها ما رواه عن الطبراني ، وفيه : .. فلمّا كان بعد ذلك نزع بين عمّار وبين رجل منهم شيء

١٠٨

ومنها :

الاثنا عشر الذين أنكروا

على أبي بكر عند غصبه الخلافة

فقد روى الفاضل المجلسي رحمه اللّه في الصفحة الحادية والأربعين المطبوعة من بحار الأنوار (١) ، عن الصدوق رحمه اللّه في الخصال (٢) ، عن

__________________

ـ ما [ممّا] يكون بين الناس ، فقال : أنشدك باللّه [اللّه]! ، كم أصحاب العقبة الذين أرادوا أن يمكروا برسول اللّه [ص]؟ قال : نرى أنّهم أربعة عشر ، قال : فإن كنت فيهم فكانوا خمسة عشر .. ويشهد عمّار أنّ اثني عشر حزبا للّه [كذا ، ولعلّه : حربا] ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .. إلى آخره. ثمّ قال : ورواه الطبراني في الكبير ، ورجاله ثقات.

وقريب منه ما أخرجه مسلم في الصحيح ٤/٢١٤٤ ، وبتقديم وتأخير واختلاف يسير أورده ابن بطريق في العمدة : ٣٣٣ و ٣٣٤ ، بعدّة أسانيد.

أقول : جاء في كتاب المحبّر لأبي جعفر محمّد بن حبيب الهاشمي البغدادي (المتوفّى سنة ٢٤٥ ه‌) : ٤٦٧ ـ ٤٧٠ : أسماء المنافقين ، وقال : وهم ستة وثلاثون رجلا .. إلاّ أنّه عدّ ثماني وثلاثين اسما! وذكر من الأوس جمعا ومن الخزرج آخرين.

(١) المجلّد الثامن من الطبعة الحجرية للبحار : ٤١ ـ ٤٢ ، الطبعة الحروفية ٢٨/٢٠٨ ـ ٢١٤ حديث ٧.

(٢) الخصال ٢/٤٦١ ـ ٤٦٥ حديث ٤ أبواب الاثني عشر ، باب الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدمه على علي بن أبي طالب عليه السلام اثنا عشر .. مع اختصار

١٠٩

ابن البرقي (١) ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النهيكي ، عن خلف بن سالم ، عن محمّد ابن جعفر ، عن شعبة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب ، قال : كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على علي بن أبي طالب عليه السلام اثنا عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ..

__________________

في الإسناد ، وقد أشرنا إلى غالب الإختلافات.

أقول : وذكر البرقي في آخر رجاله : ٦٣ ـ ٦٦ فصل : في ذكر أسماء المنكرين على أبي بكر ، قال : وهم اثنا عشر رجلا ـ على ترتيب قيامهم أمام القوم ـ ستّة من المهاجرين ، وستّة من الأنصار .. وفيه اختلاف كثير في الألفاظ ، وتقارب في المعاني ووحدة في الترتيب ..

وعقد البياضي في الصراط المستقيم ٢/٧٩ ـ ٨٣ الفصل (١٥) في ذلك ، وقال : ولا خفاء ولا تناكر بين الشيعة أنّ اثني عشر رجلا من المهاجرين الأنصار أنكروا على أبي بكر مجلسه ..

ثمّ قال : وقد أسنده الحسين بن جبر في كتاب إبطال الاختيار إلى أبان بن عثمان ، قال : قلت للصادق عليه السلام : هل كان في أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أنكر على أبي بكر جلوسه .. إلى آخره.

وفيه اختلاف في الألفاظ ، وتقارب في المعاني وزيادة ، ولم نطبق ما هنا عليه.

ولاحظ : اليقين لابن طاوس : ٣٣٧ وما بعدها [من الطبعة المحقّقة] وسيأتي ، وأشار له ابن طاوس في بناء المقالة الفاطمية : ٣٥٨ ، وكتاب الأربعين لمحمّد بن طاهر القمي الشيرازي : ٢٣٨ ـ ٢٤٤ ، ونهج الإيمان لابن جبير : ٥٧٨ ـ ٥٨٦ ، ورجال السيّد بحر العلوم ١/٤٦٦ ـ ٤٦٩ ، و ٢/٣٣٢ ـ ٣٣٤ .. وغيرها.

(١) هو : علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، كما سيأتي في رجاله : ٦٣ بعنوان : أسماء المنكرين على أبي بكر.

١١٠

كان من المهاجرين : خالد بن سعيد (*) العاص (* *) ، والمقداد بن الأسود ، وأبّي بن كعب ، وعمّار بن ياسر ، وأبو ذرّ الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وعبد اللّه ابن مسعود (١) ، وبريدة الأسلمي.

وكان من الأنصار : زيد بن ثابت (٢) ذو الشهادتين ،

__________________

(*) الظاهر : ابن العاص. [منه (قدّس سرّه)].

أقول : كذا في طبعة بحار الأنوار الحروفية والخصال والصراط المستقيم ، إلاّ أنّ في الاحتجاج : عمرو بن سعيد ، وكذا في اليقين بزيادة : ابن العاص ، وهو الأظهر ؛ إذ أنّ خالدا حين ذاك كان عاملا على اليمن ، كما ذكره ابن الأثير وغيره ، وإن كان يحتمل أن يكون قد جاء في هذا الوقت إلى المدينة.

وذكر في كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام : ١٠٨ : عمرو بن سعيد ، بدلا من : خالد بن سعيد ، وعلى كلّ ؛ فهما أخوان من بني أمية أسلما بمكة وهاجرا إلى الحبشة ، وهو محتمل أيضا ، وإن جعله البعض أظهر .. ولعلّه كذلك.

(* *) كان من بني أميّة. [منه (قدّس سرّه)].

(١) لم يرد في اليقين : عبد اللّه بن مسعود .. وعدّ أبيّ بن كعب من الأنصار ، وذكر في الأنصار عثمان بن حنيف أيضا ، وعدم كون عبد اللّه بن مسعود بين هؤلاء أظهر وأوفق بسائر ما نقل في أحواله ، كما أفاده شيخنا المجلسي أعلى اللّه مقامه في بحار الأنوار ٢٨/٢١٧ ، إذ كان في ابتداء أمره عثمانيا.

ولاحظ ما ذكره الكشي في رجاله : ٣٨ عن الفضل بن شاذان في أنّ : ابن مسعود خلط ووالى القوم ، ومال معهم ، وقال بهم ..

وانظر ما جاء في طبقات ابن سعد ٣/٤٣ ، ومستدرك الصحيحين ٣/٩٧ ، ومجمع الزوائد ٩/٨٨ ، وتاريخ الخلفاء : ٦٠ .. وغيرها.

(٢) كذا ، وفي طبعتي بحار الأنوار وكذا الخصال ورجال البرقي : خزيمة بن ثابت ،

١١١

وابن حنيف (١) ، وأبو أيّوب الأنصاري (٢) ، وأبو الهيثم بن التيهان .. وغيرهم (٣).

فلمّا صعد المنبر ، تشاوروا بينهم في أمره ، فقال بعضهم : هلاّ نأتيه فننزله عن منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وقال [آخرون] (٤) : إن فعلتم ذلك ، أعنتم على أنفسكم ، وقد (٥) قال اللّه تعالى (١) : (وَلاٰ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٧) ، ولكن أمضوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام نستشيره ، ونستطلع أمره ..

فأتوا عليّا عليه السلام فقالوا : يا أمير المؤمنين! ضيّعت نفسك ،

__________________

ـ وهو الصحيح كما سيأتي ، وما هنا غلط قطعا.

(١) في الطبعة الحجرية من بحار الأنوار : سهل بن حنيف ، وفي اليقين : وسهل وعثمان ابنا حنيف.

(٢) في اليقين : وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري.

(٣) لا معنى لكلمة (وغيرهم) بعد كونهم ستّة ؛ خامسهم : أبيّ بن كعب ، وسادسهم : قيس ابن سعد بن عبادة الخزرجي ، إلاّ أن لا يكون للعدد مفهوما ، وهو الذي يظهر من كلام البياضي في الصراط ، بقوله : وعدّ منهم .. وما عن الخصال من قوله في آخر كلامه : وقام جماعة بعده فتكلّموا بنحو هذا ..

(٤) الزيادة من طبعتي بحار الأنوار.

(٥) لا توجد : قد ، في الخصال.

(٣) في بحار الأنوار ـ بطبعتيه ـ والخصال : عزّ وجلّ ، بدلا من : تعالى.

(٧) سورة البقرة (٢) : ١٩٥.

١١٢

وتركت حقّا أنت أولى به ..! وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن الحقّ حقّك ، وأنت أولى بالأمر منه .. فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك.

فقال لهم علي عليه السلام : «لو فعلتم ذلك ما كنتم إلاّ حربا لهم ، ولا كنتم إلاّ كالكحل في العين ، أو كالملح في الزاد. وقد اتّفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيّها ، والكاذبة على ربّها. ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي .. فأبوا إلاّ السكوت ؛ لما يعلمون (١) من وغر صدور (٢) القوم ، أبعضهم (٣) للّه عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّه [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] ، وأنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة.

واللّه! لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتّى قهروني وغلبوني على نفسي ، ويسبّوني (٤) ، وقالوا لي : بايع وإلاّ قتلناك ..

__________________

(١) في الخصال : لما تعلمون.

(٢) يقال : وغرّ صدره على فلان : توقّد عليه من الغيظ. انظر : الصحاح ٢/٨٤٦ ، والنهاية ٥/٢٠٨ .. وغيرهما.

(٣) كذا ، وفي بحار الأنوار والخصال : وبغضهم .. وهو الظاهر.

(٤) في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار والخصال : ولبّبوني ، وهي بمعنى أخذهم له سلام اللّه عليه بتلابيبه وجرّهم له.

قال الجوهري في الصحاح ١/٢١٦ : لببّت الرجل تلبيبا : إذا جمعت ثيابه عند صدره

١١٣

فلم أجد حيلة إلاّ أن أدفع القوم عن نفسي ، وذلك (١) أنّي ذكرت قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «يا علي! إنّ القوم نقضوا (٢) أمرك ، واستبدّوا بها دونك ، وعصوني فيك ، فعليك بالصّبر حتّى ينزّل اللّه الأمر ، [إلاّ] (٣) وإنّهم سيغدرون بك لا محالة ، فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذ لالك وسفك دمك ؛ فإنّ الأمة ستغدر بك بعدي ، كذلك أخبرني جبرئيل عليه السلام عن (٤) ربّي تبارك وتعالى» ، ولكن أئتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيّكم ، ولا تدعوه في الشبهة من أمره ، ليكون ذلك أعظم للحجّة عليه ، وأبلغ في عقوبته إذا أتى ربّه وقد عصى نبيّه ، وخالف أمره ..».

قال : فانطلقوا حتّى حفّوا بمنبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم جمعة ، فقالوا للمهاجرين : إنّ اللّه عزّ وجلّ بدأ بكم في القرآن ، فقال : و (٥) (لَقَدْ تٰابَ اللّٰهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهٰاجِرِينَ وَالْأَنْصٰارِ ..) (٦) فبكم بدأ.

__________________

ونحره في الخصومة ثمّ جررته. وانظر النهاية ٤/٢٢٣ ، والقاموس المحيط ١/١٢٦ ـ ١٢٧ .. وغيرهما.

(١) في الخصال والحروفية من البحار : وذاك ، وهي نسخة في الحجرية من بحار الأنوار.

(٢) كذا ، والظاهر : إنّ نقضوا ..

(٣) الزيادة من الخصال.

(٤) في بحار الأنوار : من ، بدلا من : عن.

(٥) لا توجد الواو في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار.

(٦) سورة التوبة (٩) : ١١٧.

١١٤

فكان أوّل من بدأ وقام خالد بن سعيد العاص (*) ، بإدلاله (* *) ببني أميّة ، فقال : يا أبا بكر! اتّق اللّه ، فقد علمت ما تقدّم لعلي (ع) من رسول اللّه (ص) ، ألا تعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لنا ـ ونحن محتوشوه في يوم بني قريظة ، وقد أقبل على رجال منّا ذوي قدر ، فقال ـ : «معاشر (١) لمهاجرين والأنصار! أوصيكم بوصيّة فاحفظوها ، وإنّي مؤدّ إليكم أمرا فاقبلوه ، ألا إنّ عليّا (ع) أميركم من بعدي ، وخليفتي فيكم ، أوصاني بذلك ربّي وربّكم ، وإنّكم إن لم تحفظوا وصيّتي فيه وتؤدوه (٢) وتنصروه اختلفتم في أحكامكم ، واضطرب عليكم أمر دينكم ، وولّى عليكم الأمر شراركم .. ألا وإنّ أهل بيتي هم الوارثون أمري ، القائمون (٣) بأمر أمتي. اللّهم فمن حفظ فيهم

__________________

(*) الظاهر : ابن العاص. [منه (قدّس سرّه)].

أقول : كذا جاء في جميع المصادر من بحار الأنوار ـ بطبعتيه ـ والخصال ، والظاهر : عمرو بن سعيد بن العاص ، كما سلف.

(* *) من الدلال. [منه (قدّس سرّه)].

أقول : يقال : هي تدلّ عليه .. أي تجتري عليه ، ويأتي بمعنى الهدى ، والسمت ، والسكينة ، والوقار ، وحسن المنظر ، والشمائل ، والسيرة.

انظر : النهاية ٢/١٣١ والصحاح ٤/١٦٩٨ ، وتاج العروس ٧/٣٢٤ ، المصباح المنير ١/٢٧٠ .. وغيرها.

(١) في الخصال : يا معاشر ..

(٢) كذا ، وفي المصادر جميعا : وتؤوه ، وهو الظاهر.

(٣) في الخصال : القائلون.

١١٥

وصيّتي فاحشره في زمرتي ، واجعل له من مرافقتي نصيبا .. يدرك به فوز الآخرة. اللّهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنّة التي عرضها السماوات والأرض».

فقال له عمر بن الخطاب : أسكت يا خالد! فلست من أهل الشورى ، ولا ممّن يرضى بقوله ..!

فقال خالد : بل أسكت أنت يا بن الخطاب! فو اللّه إنّك لتعلم أنّك لتنطق (١) بغير لسانك ، وتعتصم بغير أركانك ، واللّه! إنّ قريشا لتعلم (٢) أنّك ألأمها (٣) حسبا ، وأقلّها أدبا ، وأخملها ذكرا ، وأقلّها غناء (٤) عن اللّه عزّ وجلّ وعن رسوله ، وإنّك لجبان عند الحرب ، بخيل في الجدب ، لئيم العنصر ، ما لك في قريش مفخر ..

قال : فأسكته خالد .. فجلس (٥).

ثمّ قام أبو ذرّ رحمة اللّه عليه ؛ فقال ـ بعد أن حمد اللّه ، واثنى عليه ـ : أمّا بعد ؛

__________________

(١) في الخصال : تنطق.

(٢) هنا زيادة في الخصال جاءت نسخة بدل وضعت ما بين معقوفين ، وهي : أني أعلاها حسبا ، وأقواها أدبا ، وأجملها ذكرا ، وأقلّها غنى من اللّه ورسوله و..

(٣) في الطبعة الحجرية من البحار : لألأمها. وعليها نسخة وهي : لئمهم.

(٤) لا توجد : غناء ، في الخصال ، ولا يتم المعنى إلاّ بها.

(٥) جاء كلام خالد بن سعيد بن العاص في رجال البرقي : ٦٣ ـ ٦٤ مختصرا عمّا جاء هنا مع إضافات قليلة واختلافات كثيرة.

١١٦

يا معاشر المهاجرين والأنصار! لقد علمتم ـ وعلم خياركم ـ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «الأمر لعلي [عليه السلام] بعدي ، ثمّ للحسن والحسين ، ثمّ في أهل بيتي من ولد الحسين (عليهم السلام)» فأطرحتم قول نبيّكم ، وتناسيتم ما أوعز إليكم ، واتّبعتم الدنيا ، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا يهدم بنيانها ، ولا يزول نعيمها ، ولا يحزن أهلها ، ولا يموت سكانها ، وكذلك الأمم التي كفرت بعد أنبيائها ، بدلت وغيّرت ، فحاذيتموها حذو القذة بالقذة ، والنّعل بالنّعل (١). فعمّا قليل تذوقون وبال أمركم ، وما اللّه بظلام للعبيد (٢).

ثمّ قام سلمان الفارسي رضي اللّه عنه ؛ فقال : يا أبا بكر! إلى من تسند أمرك

__________________

(١) قال في لسان العرب ٣/٥٠٣ ، وحكى هذا عن الأوّل وفسّر القذّة.

قال في النهاية لابن الأثير ٤/٢٨ : يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان ، وقد تكرر ذكرها في الحديث مفردة ومجموعة.

وجاء في فرائد اللآل : ١٦١ : .. ومثله حذو النعل بالنعل. ولعل القذّة من القذ ، وهو القطع.

وانظر : مجمع الأمثال ١/١٩٥ برقم ١٠٣٠.

(٢) وجاء بألفاظ مقاربة معنا مختلفة لفظا في رجال البرقي : ٦٤.

أقول : وروي عنه رضوان اللّه عليه كما في رسالة الملا باسو ـ عن كتاب المناقب لابن مردويه ـ وحكاه عنه في كتاب البياض الإبراهيمي ٢/٣٨٥ ـ قولته عند مرض موته ووصيته لأمير المؤمنين عليه السلام ، وعبّر عنه ب‌ : الشيخ المظلوم الذين غصبوا حقه .. وانظر : نهج الإيمان لابن جبير : ٤٧٢ ، وكشف الغمة للإربلي ١/٣٥٣ .. وغيرهما.

ويشهد لكره أبي ذر رحمه اللّه لخلافة القوم وفعلتهم ما رواه الهندي في كنز العمال ٥/٦٢٣ حديث ١٤٠٩٨ من أنّه أقام ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر ..

١١٧

إذا نزل بك القضاء؟ وإلى من تفزع إذا سئلت عمّا لا تعلم ، وفي القوم من هو أعلم منك ، وأكثر في الخير أعلاما ومناقبا منك ، وأقرب من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قرابة وقدمة في حياته؟! و (١) قد أو عز إليكم فتركتم قوله ، وتناسيتم وصيّته ، فعمّا قليل يصفو لك الأمر حين تزور القبور .. وقد أثقلت ظهرك من الأوزار .. لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدّمت ، فلو راجعت الحقّ (٢) وأنصفت أهله لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك ، وتفرد في حفرتك بذنوبك (٣) ، وقد سمعت كما سمعنا ، ورأيت كما رأينا ، فلم يردعك ذلك عمّا أنت له فاعل ، فاللّه .. اللّه في نفسك ، فقد أعذر من أنذر (٤).

ثمّ قام المقداد بن الأسود ؛ فقال : يا أبا بكر! اربع على نفسك (٥) ،

__________________

(١) حذفت الواو في مطبوع الخصال.

(٢) في الخصال : إلى الحق.

(٣) هنا زيادة في طبعة الخصال : عمّا أنت فاعل ، ولعلّها غلط ، حيث كررت بعد ذلك.

(٤) جاء في رجال البرقي : ٦٤ : يا أبا بكر! ارجع على غمّك ، ويسّر يسرك بعسرك ..

أقول : ويؤيد ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٢/٤٩ من قوله بعد البيعة (أصبتم الخبرة وأخطأتم المعدن) و (أصبتم ذا السنّ منكم ، واخطأتم أهل بيت نبيكم ، أما لو جعلتموها فيهم ما اختلف عليكم اثنان ، ولأكلتموها رغدا) .. إلى آخره. وباختلاف يسير جاء أيضا ، وفيه : أصبتم الخير ولكن اخطأتم المعدن .. في الشرح المزبور ٦/٤٣.

(٥) تعدّ هذه القولة من الأمثال ، وكذا الذي يليها ، بمعنى توقّف واقتصر على حدك.

قال الجوهري : ربع الرجل يربع .. إذا وقف وتحبس ، كما جاء في الصحاح ٣/١٢١٢ ، ثمّ قال : ومنه قولهم : أربع على نفسك ، وأربع على ظلعك .. والمراد ارفق بنفسك وكف ـ

١١٨

وقس شبرك بفترك ، وألزم بيتك ، وابك على خطيئتك ، فإنّ ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك ، وردّ هذا الأمر إلى حيث جعله اللّه عزّ وجلّ ورسوله [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] ولا تركن إلى الدنيا ، ولا يغرّنك من قد ترى من أوغادها ، فعمّا قليل تضمحلّ عنك (١) دنياك ، ثمّ تصير إلى ربّك فيجزيك بعملك ، وقد علمت أنّ هذا الأمر لعلي ، وهو صاحبه بعد رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] .. وقد نصحتك إن قبلت نصحي (٢).

ثمّ قام بريدة الأسلمي ، فقال : يا أبا بكر! نسيت أم تناسيت ، أم خدعتك (٣) نفسك ، أما تذكر إذ أمرنا رسول اللّه (ص) ، وسلّمنا (٤) على علي بإمرة المؤمنين ـ

__________________

ولا تحمل عليها أكثر ممّا تطيق.

وقال في أساس البلاغة : ٢١٧ : واربع على نفسك : تمكّث وانتظر.

والمثل قد يأتي : اربع على ظلعك .. أي : ابق على غمزك .. يضرب في النهي عن التحمل فوق الطاقة ، كما قاله في المستقصى ١/١٣٨ برقم ٥٣٣.

وذكر له ابن الأثير في النهاية ٢/١٨٧ تأويلان ووجوه ، فراجعها.

(١) لا توجد : عنك ، في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار.

(٢) وللمقداد طاب ثراه مواقف رائعة أمام العصبة الغاصبة ؛ منها ما قاله حين أبعد القوم أبي ذر إلى الربذة ـ كما أورده مفصلا المسعودي في مروج الذهب ٢/٣٤٣ ـ وقوله : لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي إيّاهم مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم بدر .. ولاحظ ما أورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٩/٢١ عنه رحمه اللّه .. وغيره.

(٣) في الخصال ـ وعنه في بحار الأنوار ـ : خادعتك.

(٤) في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار والخصال : فسلمنا.

١١٩

نبيّنا بين أظهرنا ـ فاتّق اللّه ربّك ، وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها ، وأنقذها من هلكتها ، ودع هذا الأمر وكله (١) إلى من هو أحقّ به منك ، ولا تماد في غيّك ، وارجع وأنت تستطيع الرجوع ، وقد منحتك نصحي (٢) ، وبذلت لك ما عندي. وإن قبلت وفّقت ورشدت (٣).

ثمّ قام عبد اللّه بن مسعود (٤) ؛ فقال : يا معشر قريش! قد علمتم ـ وعلم خياركم ـ أنّ أهل بيت نبيّكم أقرب إلى رسول اللّه (ص) منكم ، وإن كنتم إنّما تدعون هذا الأمر بقرابة رسول اللّه (ص) ، وتقولون إنّ السابقة لنا ، فأهل بيت نبيّكم أقرب إلى رسول اللّه (ص) منكم ، وأقدم سابقة منكم .. وعلي بن أبي طالب (ع) صاحب هذا الأمر بعد نبيّكم ، فأعطوه ما جعله اللّه له ، ولا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (٥).

__________________

(١) في الخصال زيادة واو هنا ، ولا مانع منها.

(٢) في الخصال : فقد نصحتك.

(٣) ويشهد لانكار بريدة خلافة القوم وكونه كارها ، ما رواه في روضة الصفا ٢/٥٩٧ .. وحكاه عنه في كتاب البياض الإبراهيمي ٢/٣٩٠ ـ ٣٩١ ، فراجع.

(٤) لم يرد عبد اللّه بن مسعود في ما رواه البرقي في رجاله ، وهو الظاهر إذ لازمه أن يكونوا ثلاثة عشر ، وإن يقال : سبعة من المهاجرين ، فتدبّر.

(٥) قيل : كان يرى بطلان خلافة القوم ؛ كما يظهر ممّا رواه الشبلي الحنفي في كتابه : آكام المرجان في أحكام الجان : ٨١ ـ ٨٢ .. وغيره ، إلاّ أنّ روايته فضيلة في حق أمير المؤمنين

١٢٠