موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٧

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي

موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: أضواء الحوزة ـ لبنان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٠

وفي هذه السنة توفيت سكينة (أُميمة) بنت الحسين عليه‌السلام ومولى الحسن بن علي : سعيد بن يسار ، بالمدينة. وقتادة بن دعامة بواسط بالعراق.

وفي السنة التالية (١١٨ ه‍) مات علي بن عبد الله بن العباس بالشام (وله اثنان وعشرون ولداً).

وفيها غزا مروان بن محمّد بلدان أرمينية وملكهم يُدعى ورتنيس وله قلعة قصدها محمّد بن مروان من جهات ثلاث ، فترك ورتنيس قلعته إلى الخزر في خُمرين ، فنصب المسلمون المجانيق على قلعته ، وخافه أهل خُمرين فقتلوا ورتنيس وبعثوا برأسه إلى مروان بن محمّد ، فنصبه مروان لأهل قلعته ، فاستسلموا له ، فقتل مقاتلتهم وسبى ذريتهم!

وفي السنة التالية (١١٩ ه‍) خرج مروان من أرض اللان إلى الخزر فمرّ ببلنجر وسمندر يقصد القلعة البيضاء التي فيها خاقانهم فهرب. فقصد هزار طرخان وأصحابه فقاتلهم وقتلهم (١).

وخزي المخزوميّ الناصبي :

كان للإمام السجاد عليه‌السلام خمسة عشر من الأولاد أربعة إناث وأحد عشر ذكراً : محمّد الأكبر الباقر عليه‌السلام ومحمّد الأصغر وعبد الله والحسن والحسين الأكبر والحسين الأصغر وعبد الرحمن وسليمان وزيد وعمر وعلي أصغر أبنائه بل أولاده ، والباقر وعبد الله الباهر لفاطمة بنت الحسن عليه‌السلام وما عداهما لأُمّهات أولاد (٢).

__________________

(١) تاريخ خليفة : ٢٢٥ ـ ٢٢٧.

(٢) الإرشاد ٢ : ١٥٥.

٨١

وكان الحسين بن علي بن الحسين فاضلاً ورعاً وروى حديثاً كثيراً عن أبيه وأخيه الباقر عليهما‌السلام ، وممّا رواه عنه حفيده يحيى بن سليمان عن عمّه إبراهيم بن الحسين عن أبيه الحسين قال : كان إبراهيم بن هشام المخزومي والي المدينة يجمعنا يوم الجمعة قريباً من المنبر ، فيقع في علي يشتمه! (بعد منع عمر بن عبد العزيز!) قال : فحضرت يوماً وقد امتلأ ذلك المكان فلصقت بالمنبر فأُغفيت ، فرأيت رجلاً عليه ثياب بيض انفرج له القبر فخرج منه وقال لي : يا أبا عبد الله! ألا يحزنك ما يقول هذا؟ قلت : بلى والله! قال : فانظر ما يصنع الله به! فنظرت فإذا به ذكر علياً ، فرُمى به من فوق المنبر ، فمات (١) سنة (١١٥ ه‍) (٢).

وأمر هشام بقتل جابر الجعفي :

وقبل وفاة الإمام الباقر عليه‌السلام علينا أن نقف على آخر ما روى عنه عليه‌السلام لجابر بن يزيد الجعفي الكوفي حفاظاً على حياته من جور هشام الشام :

ما رواه الكليني بسنده عن النعمان بن بشير الكوفي قال : كنت مزاملاً لجابر بن يزيد الجعفي في المدينة فدخل على أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فودّعه ، وخرج وهو مسرور. ثمّ ارتحلنا إلى الكوفة على قلعة فيد حتّى وردنا الاخيرجة أول منزل يوم الجمعة فصلينا الزوال ، ثمّ ارتحلنا رواحلنا فإذا برجل طوال آدم معه كتاب ناوله جابراً فتناوله وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد ، وعليه طين أسود رطب ، فقبّله ووضعه على عينيه وقال له : متى عهدك بسيدي؟ قال الساعة بعد الصلاة

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ١٧٤.

(٢) الأعلام للزركلي ١ : ٧٨ ، كذا هنا ، وقد نقلوا فيه أنّه عُزل وغُرّم ثمّ مات. وشتمُ الإمام علي عليه‌السلام علناً بعد أكثر من عشرين عاماً من منع ابن عبد العزيز ، ممّا يُبعد صحة هذا الخبر.

٨٢

ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره. فما رأيته ضاحكاً ولا مسروراً حتّى وافينا الكوفة. فبتّ ليلتي فلما أصبحت أتيته إعظاماً له فخرج عليَّ وقد علّق في عنقه كعاباً وركب قصبة ويقول : أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور (١) فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له ، واجتمع علينا الصبيان والناس وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جُنّ جابر جُنّ جابر!

فوالله ما مضَت الأيام حتّى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه (خالد بن عبد الله القسري البجلي) : أن انظر رجلاً يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه! فسأل جلساءه عنه فقالوا له : أصلحك الله كان رجلاً له علم وفضل وحديث ، وحجّ فجُنّ ، فهو ذا في الرحبة على القصب يلعب مع الصبيان! فأشرف الوالي عليه فإذا هو كذلك فقال : الحمد لله الذي عافاني من قتله (٢)!

ثمّ عاد بعد هذا إلى رشده ، وسيأتي خبر عنه عن سقوط بني أُمية وقيام العباسيين.

وفاة الإمام الباقر عليه‌السلام :

اتفقت روايتا الجهضمي (٢٥٠ ه‍) والفاريابي (بعد ٣٠٠ ه‍) في تاريخ

__________________

(١) منصور بن جمهور الكلبي الشامي ، لما ولي الخلافة يزيد بن الوليد الأموي افتعل عنه كتاباً بولايته على العراق فوليها أربعين يوماً ثمّ عُزل فرحل إلى السند وبنى بها مدينة المنصورية منسوبة إليه ، كما في تاريخ خليفة : ٢٤١ ، ولذا كان جابر يقول عنه : أمير غير مأمور! وستأتي أخباره.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٩٦ ، الحديث ٧.

٨٣

وفاة الإمام الباقر عليه‌السلام على (١١٤ ه‍) (١) فوافقهما الكليني (٢) والمفيد (٣) وتبعه الطبرسي (٤) ومن بَعده.

هذا وقد روى الكليني وعنه المفيد ـ بسنده عن الصادق عليه‌السلام قال : لمّا حضرت أبي الوفاة قال : ادع لي شهوداً ، فدعوت له أربعة شهود من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر (٥) وقال فيه ابن قتيبة : هلك سنة (١١٧ ه‍) (٦). ولذا قال في وفاة الباقر عليه‌السلام : سنة (١١٧ ه‍) (٧). وهي رواية الواقدي (٨) وقول اليعقوبي (٩) والطبري في «ذيل المذيّل» (١٠) ولم يذكر خبر وفاته عليه‌السلام في تاريخه إلّاأ نّه ذكر خبراً عن عمر بن علي (بن الحسين) قال : مشيت مع (أخي) محمّد بن علي إلى داره فقلت له : إنّه قد طال ملك هشام وسلطانه حتّى قرب من العشرين (١١). هذا وقد اتفقوا على أنّ هشاماً إنّما تخلّف سنة (١٠٥ ه‍) فلا أقلّ من اقتراب الوفاة من العشرين بعد المئة.

__________________

(١) تاريخ أهل البيت عليهم‌السلام : ٧٩ و ٨٠.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٤٦٩.

(٣) الإرشاد ٢ : ١٥٨ ولم يذكره في مسارّه.

(٤) إعلام الورى ٢ : ٤٩٨.

(٥) أُصول الكافي ١ : ٣٠٧ ، الحديث ٨.

(٦) المعارف : ٤٦٠ ونافع : هو من أهل أبرشهر / نيشابور.

(٧) المعارف : ٢١٥.

(٨) الطبقات ٥ : ٣٢٤.

(٩) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠.

(١٠) ذيل المذيّل : ٦٤١ ـ ٦٤٢.

(١١) تاريخ الطبري ٧ : ٢٠٨.

٨٤

وقد نقل الدينوري : أنّ هشاماً قال لزيد بن علي : ما فعل أخوك البقرة؟! فقال زيد : سمّاه رسول الله «باقر العلم» وأنت تسمّيه بقرة! لقد اختلفتما إذاً (١) ولقاء زيد بهشام في الشام إنّما كان قبل قتله بسنتين على الأكثر ولا أقلّ منها ، وظاهر لفظه : ما فعل أخوك .. السؤال عن حاله حيّاً وليس بعد وفاته بأكثر من خمس سنين.

ولعلّه لذا نجد نقلاً وقولاً آخر بوفاته في (١١٨ ه‍) لدى ابن سعد (٢) ثمّ ابن الخيّاط (٣) وعنه لدى ابن عساكر وعن ابن المديني والهيثم بن عدي والقاسم بن سلّام وأبي عمر الضرير ويحيى بن مَعين (٤).

بل في «فرق الشيعة» : قال بعضهم : إنّه توفي في سنة تسع عشرة ومئة ، وهو ابن ثلاث وستين سنة .. وكانت إمامته أربعاً وعشرين سنة (٥).

__________________

(١) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢١٢ وعنه في إعلام الورى ١ : ٤٩٤ ومناقب الحلبي ٤ : ٢١٣ وعنه في بحار الأنوار ٤٦ : ١٩٦.

(٢) الطبقات ٥ : ٣٣٤.

(٣) تاريخ خليفة : ٢٢٦.

(٤) ترجمته عليه‌السلام في تاريخ دمشق : ١٢٨ و ١٦٦ بأرقام : ٥ و ٧ و ٨١ إلى ٨٦. وفي روضة الواعظين ١ : ٢٤٨ ، : قبض في ذي الحجة. وزاد الكفعمي في المصباح : سابع ذي الحجة ، كما عنه في بحار الأنوار ٤٦ : ٢١٧ ، وفيه : سمّه هشام بن عبد الملك! وإنّما جاء خبر السمّ في السرج الذي سمّه وقدمه له زيد بن الحسن فأخبره الباقر عليه‌السلام بفعله ومع ذلك ركبه ونزل متورماً وعاش ثلاثاً ثمّ مضى ، في خبر الخرائج والجرائح ١ : ٦٠٤ ، الحديث ١١ وفيه أنّ ذلك كان في زمان عبد الملك! فهو من الإفك!

وفي مناقب الحلبي ٤ : ٢٢٨ : قال ابن بابويه : سمّه إبراهيم بن الوليد بن يزيد! وإنّما ولي سنة (١٢٧ ه‍).

(٥) فرق الشيعة : ٦١ للنوبختي (ق ٣ ه‍).

٨٥
٨٦

عهد

الإمام الصادق عليه‌السلام

٨٧
٨٨

زيد ، الوليد الشهيد ، والإمامة :

روى الزيدي أبو الفرج الإصفهاني الأموي بسنده عن خالد مولى آل الزبير قال : كنّا عند علي بن الحسين عليه‌السلام فدعا زيداً ، ابناً له ، فأتاه وعثر فكبا لوجهه ونزف دمه فأخذ يمسح دمه ويقول له : أُعيذك بالله أن تكون زيداً المصلوب بالكُناسة!

ويوماً آخر روى لمن حضره عن أبيه عن جدّه علي عليه‌السلام قال : يخرج بظهر الكوفة (الكُناسة) رجل يقال له : زيد ، في ابّهة (الملك) لا يسبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون إلّامن عمل بمثل عمله! يخرج يوم القيامة وأصحابه ومعهم شبه الطوامير حتّى يتخطّوا أعناق الخلائق ، تتلقّاهم الملائكة تقول : هؤلاء حلفاء الحقّ ودعاة الخلق! ويستقبلهم رسول الله فيقول : «يا بَنيَّ! قد عملتم ما امرتم به فادخلوا الجنة بغير حساب» (١).

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٨٨ ـ ٨٩. وفي فرحة الغري : ٥١ عن ابن عقدة عن أبي حمزة الثمالي مثل الأوّل وفي موسم الحج ، وعنه في بحار الأنوار ٤٦ : ١٨٣.

٨٩

ولو لم يعلم زيد بذلك يومئذ لصغره فقد نقل الكشي بسنده عن أبي الجارود الذي أصبح بعد ذلك رأس الزيدية قال : كنت عند أبي جعفر الباقر عليه‌السلام إذ أقبل زيد بن علي ، فلمّا نظر إليه أبو جعفر قال : هذا سيّد أهل بيتي (١) وبطريق الصدوق عنه صحّحه قال : هذا سيّد من أهل بيته! والطالب بأوتارهم ، لقد أنجبت امّ ولدتك يا زيد (٢).

وهذه الجملة الأخيرة جاء بها الإصفهاني في خبر عن سعيد بن خيثم الهلالي العامري : أنّ أبا جعفر عليه‌السلام لمّا نظر إلى أخيه زيد تمثّل قائلاً :

لعمرك ما إن أبو مالك

بوان ، ولا بضعيف قواه

ولا بالألدّي في قوله

يعادي الحكيم إذا ما نهاه!

ولكنّه سيّد بارع

كريم الطباع وحلو ثناه

إذا سدته سدت مطواعة!

ومهما وكلت إليه كفاه

أبو مالك قاصر فقره

على نفسه ، ومُشيع غناه

ثمّ قال له : لقد أنجبت أُمّ ولدتك يا زيد! اللهم اشدد أزري بزيد (٣).

والصدوق بطريق آخر عن جابر الجعفي قال : كنت عند الباقر عليه‌السلام وعنده أخوه زيد إذ دخل عليه معروف بن خرّبوذ المكّي (وكان يتعاطى الشعر) فقال له عليه‌السلام : أنشدني من طرائف ما عندك. فأنشدها له ، فوضع الباقر يده على كتفي زيد وقال له : هذه صفتك يا أبا الحسين (٤)! ولعلّه عليه‌السلام كان يتمثل بها بعد هذا لمّا يرى زيداً.

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٣١ ، الحديث ٤١٩.

(٢) أمالي الصدوق : ٤١٥ ، الحديث ٥٤٤ ، وامّه أمة سندية كما في مثالب العرب للكلبي : ١٠٧ من هدية المختار كما في مقاتل الطالبيين : ٦٨.

(٣) الأغاني ٢٠ : ١٤٧ ، وعنه في قاموس الرجال ٤ : ٥٧٨ ، والشعر للمتنخّل العبدي في رثاء أبيه أبي مالك.

(٤) أمالي الصدوق : ٩٤ ، الحديث ٧٣ ، وفي العيون ملحقاً بالباب ٤٧ : ٤٨٠ ، الحديث ١٩١.

٩٠

وروى الراوندي مرسلاً عن محمّد بن أبي حازم (؟) ولعلّه ابن أبي حمزة الثمالي (١) قال : كنت عند أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فمرّ بنا زيد بن علي فقال أبو جعفر : أما والله ليخرجنّ بالكوفة وليُقتلنّ وليطافنّ برأسه ، ثمّ يؤتى به فيُنصب على قصبة في هذا الموضع. وأشار إلى موضع صلب فيه. وفي رواية قال : سيخرج زيد أخي بعد موتي يدعو الناس إلى نفسه (٢).

بل يظهر من خبر أنّ جمعاً من الشيعة كانوا يزعمون أنّ زيداً صاحب الأمر منذ عصر الباقر عليه‌السلام ، ذلك ما حكي عن ابن أبي عياش بسنده عن محمّد بن مسلم الثقفي : أنّ قوماً كانوا يزعمون أنّ زيداً صاحب الأمر ، فدخلت عليه وقلت له ذلك فقال : لا ، ولكنّي من «العترة». ثمّ دخلت على الباقر عليه‌السلام.

وعنه في خبر آخر يقرّ بصاحب الأمر في عصره ومن بعده لابنه يحيى قال : سألت أبي عن الأئمة؟ فقال : الأئمة اثنا عشر ، أربعة من الماضين وثمانية باقون. أمّا الماضون :

فعليّ والحسن والحسين وعلي بن الحسين ، والباقون : أخي الباقر وبعده جعفر الصادق (٣).

وفي آخر عنه قبل قيامه في عهد الصادق عليه‌السلام ، عن عُمارة بن زيد الأنصاري قال : سألت زيد بن علي : أنت صاحب الأمر؟ قال : لا ، ولكنّي من «العترة» فقلت له : فبمن تأمرنا؟ فأشار إلى الصادق جعفر عليه‌السلام (٤).

وفي آخر عن سليمان بن خالد قال : انتهيت إلى زيد وهو يقول : جعفر إمامنا في الحلال والحرام (٥).

__________________

(١) انظر قاموس الرجال ٩ : ٦٣٠٤ وروى عنه ابن أبي عمير.

(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٢٧٨ ، الحديث ٩.

(٣) انظر قاموس الرجال ٤ : ٥٧٤ ـ ٥٧٥ عن المقتضب ، ونحسب الصواب : كفاية الأثر.

(٤) المصدر السابق : ٥٦٧ كذلك أيضاً.

(٥) اختيار معرفة الرجال : ٣٦١ ، الحديث ٦٦٨.

٩١

وفي آخر : أنّ سورة بن كُليب كان من أصحاب الباقر عليه‌السلام ، وكأنّه لم يتعيّن الصادق عليه‌السلام بعده ، فأخذ يسأل بعض أهل البيت مسائله وفيهم زيد فيجيبوه عن بعضها وليس كلّها حتّى وجد الصادق عليه‌السلام يجيبه كأبيه ، وعرفه زيد بذلك فسأله : كيف علمتم أنّ صاحبكم (الصادق) على ما تذكرونه؟ قال سورة : فقلت له : على الخبير سقطت ؛ كنّا نأتي أخاك محمّد بن علي نسأله فيقول : قال الله عزوجل في كتابه وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا مضى أخوك أتيناكم آل محمّد وأنتم فيمن أتينا فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكلّ الذي نسألكم عنه! حتّى أتينا ابن أخيك جعفر فقال لنا كما كان قال أبوه. فتبسّم زيد وقال : إنّ قلت هذا فوالله إن كتب عليّ عليه‌السلام عنده (١).

وطبيعي أنّ الصادق عليه‌السلام يحبّ لعمّه زيد النصر بالفعل وليس الفشل والقتل ، فلمّا نظر إليه يوماً ومعه امّه قال له : يا عمّ اعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكُناسة! ولعلّ امّ زيد لم تسمع ذلك من أبيه السجّاد وأخيه الباقر عليهما‌السلام فقالت له بقِصر معرفتها به : والله ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني!

فقال عليه‌السلام : يا ليته حسدٌ! يا ليته حسد! يا ليته حسدٌ! (بل) حدّثني أبي عن جدّي أنّه قال : يخرج من ولده رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويُصلب بالكناسة! تفتح لروحه أبواب السماء ويبتهج به أهل السماوات ... ويسرح من الجنة حيث يشاء (٢).

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ٣٧٦ ، الحديث ٧٠٦.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٤٨٠ ، الحديث ١٩٠ الباب ٤٧ وفي أماليه : ٩٤ ، الحديث ٧٢ ، وفيه : تُجعل روحه في حوصلة طير أخضر! وهذا المعنى إنّما هو من أخبار غير الشيعة ، وناقشها البلاغي في مقدّمة تفسيره : آلاء الرحمن. وأيضاً فيه : يخرج من قبره! وقد أحرقوه وذرّوا رماده. فلعلّ ذلك من علائم افتعال الخبر ، والله العالم.

٩٢

فالإمام عليه‌السلام لا يحبّ له القتل ولكنّه يبشره بمقام الشهادة حديثاً عن جدّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ويناسب ذلك التخيير شرعاً ، ونجد هذا فيما رواه الكشي بسنده عن زرارة بن أعين الفقيه : أنّه كان عند الصادق عليه‌السلام وعنده عمّه زيد فقال له زيد : يا فتى ما تقول في رجل من آل محمّد استنصرك؟ قال : فقلت له : إن كان مفروض الطاعة نصرته ، وإن كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل! فخرج زيد ، وقال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : أخذته والله من بين يديه ومن خلفه وما تركت له مخرجاً (١) فهو تقرير من الإمام لفقه زرارة حكم المسألة.

ويظهر من الخبر أنّ استنصار زيد كان قد بدأ يومئذ في المدينة قبل خروجه منها إلى الشام والعراق ، ولكنّه إنّما على عهد الصادق بعد أبيه الباقر عليهما‌السلام وليس على عهده.

وعليه فلا يصحّ ما أرسله الكليني عن موسى بن بكر عن من حدّثه عن أبي جعفر الجواد عليه‌السلام :

أنّ زيد بن علي دخل على أبي جعفر محمّد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج إليهم! فقال له أبو جعفر : هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال : بل ابتداء من القوم ؛ لمعرفتهم بحقّنا وبقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودّتنا وفرض طاعتنا (كذا)! فقال له أبو جعفر : المودّة للجميع والطاعة لواحد منّا! (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَايُوقِنُونَ (٢)) فلا تعجل ولا تسبقنّ الله فتعجزك البلية فتصرعك!

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ١٥٢ ، الحديث ٢٤٨.

(٢) الروم : ٦٠.

٩٣

فعند ذلك غضب زيد وقال : ليس الإمام منّا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد! ولكنّ الإمام منّا من جاهد في الله حقّ جهاده ومنع حوزته ودفع عن رعيّته وذبّ عن حريمه ... (١) هذا ، ولا شاهد له من التاريخ والحديث ، بل الشواهد كلّها عليه وليست له ولا واحد ، كما رأيت وترى.

خوارج العراق على خالد :

خالد بن عبد الله القسري البجلي اليمني الشامي النصراني المسلم (٢) كانت له يد على الوليد بن عبد الملك قبل ملكه وقد مرّ خبره ، فلمّا ملك الوليد ملّك خالداً على مكّة سنة (٨٩ ه‍) فلم يزل والياً عليها حتّى مات الوليد سنة (٩٦ ه‍) (٣) وولي سليمان فأقرّ خالداً ثمّ عزله (٤) ثمّ ولي هشام فولّى خالداً العراقين سنة (١٠٦ ه‍) (٥).

وفي سنة (١١٩ ه‍) آخر سنة من إمارة القسري أمدّه هشام برجل من بني القَين معه ستمئة من فرسان الشام مدداً لعسكر الكوفة في ثغر الهند ، وقدموا الحيرة ، إذ خرج من الموصل على خالد بهلول بن بشر الملقّب بكُثارة ، وكان مشهوراً بالبأس عند هشام بن عبد الملك.

وكان قد حجّ بهلول في ذلك العام ، وفي طريقه في قرية صُريفين من قرى السواد اشترى غلامه خلاًّ فاعطي خمراً فاستقال فما أقالوه فشكاه إلى عامل خالد

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٥٦ ، الباب ٨١ ، الحديث ١٦.

(٢) الأعلام للزركلي ٢ : ٢٩٧.

(٣) تاريخ خليفة : ١٩٧ و ١٩٨.

(٤) تاريخ خليفة : ٢٠٣.

(٥) تاريخ خليفة : ٢١٦ و ٢٢٧.

٩٤

على القرية فلم يجب إلى ذلك بل قال له : الخمر خير منك ومن قومك! فلمّا عاد من الحج جمع حوله أربعين رجلاً أمّروه عليهم ، وتظاهروا بأ نّهم من قبل هشام إلى خالد القسري ، وأخذوا من دوابّ البريد ، حتّى مرّوا بتلك القرية فبدأ بعاملها فقتله ، فهرب أهلها إلى الطرق وخرج البريد إلى خالد بخبرهم وكان في واسط.

وقال مَن معه في وصف خالد : الذي يهدم المساجد ويبني البيع والكنائس! ويولّي المجوس (ومنهم عامل القرية) على المسلمين! وينكح المسلمات لأهل الذمّة! فنريد أن يريحنا الله منه.

فخرج خالد من واسط إلى الحيرة إلى القائد القينيّ الشامي وقال له : اخرجوا إلى هؤلاء الخوارج (الأربعين) فمن قتل منهم أحداً أعفيته من الخروج إلى الهند وأعطيته ضعف عطائه من الشام! فخرجوا إليهم فالتقوا بهم على الفرات ، وخرج بهلول إليه وعرف مكانه فطعنه في شقّ درعه فقتله! وولّى جيشه منهزمين حتّى باب الكوفة! وتبعهم الخوارج يقتلون منهم ، ثمّ عادوا نحو الموصل.

فأرسل القسري خلفهم قائداً من بني شيبان ومعه من عسكر الكوفة ، فالتقوا بهم فحمل البهلول على قائدهم فاستجار به فكفّ عنه ، وانهزم أصحابه إلى خالد بالحيرة! وارتحل البهلول إلى الموصل ، ثمّ توجّه إلى هشام بالشام ، وبلغه ذلك فوجّه إليه هشام جنداً من الشام ، وجنّد له عامل الجزيرة جنداً منها ، وجنّد له خالد جنداً من العراق حتّى صاروا عشرين ألفاً! واجتمعوا بالكُحيل بين الموصل والجزيرة ، وكان البهلول في سبعين ، فخلّف عليهم دعامة الشيباني وقاتلهم حتّى قُتل أكثر أصحابه وقُتل ، فلمّا أصبحوا هرب بهم الشيباني.

ثمّ خرج على خالد صاحب الأشهب الغزي في ستّين فارساً ، فوجّه إليهم خالد القسري : السمط البجلي في أربعة آلاف! فهزم الخوارج نحو الكوفة فتلقّاهم الناس بالحجارة حتّى قتلوهم.

٩٥

ثمّ خرج عليه وزير السختياني بالحيرة حتّى غلب على بيت مالها ، وجعل لا يمرّ بأحد إلّاقتله ولا بقرية إلّاأحرقها! فأخرج خالد إليه قائداً ومعه شرطة الكوفة فقاتلوهم حتّى أسروا الوزير وهزم جمعه ، واستبقاه خالد فكتب إليه هشام بإحراقه ومن مَعه ، فأخرجهم إلى المسجد وشدّهم في أطنان القصب وصبّ عليهم النفط ، ثمّ أخرجهم إلى الرحبة ورماهم بالنار فاضطربوا حتّى احترقوا وماتوا (١). وفي السنة ذاتها : (١١٩ ه‍) وبالطريقة نفسها ترخّص فأحرق بياناً ومولاه المغيرة وهما :

بيان النهدي والمغيرة البجلي :

لمّا توفّي محمّد بن الحنفية سنة (٨١ ه‍) وقد ادّعيت له المهدوية ، قال ابن كرب من أصحابه بغيبته ورجعته ، وممّن تبعه رجل من البربر في المدينة يدعى حمزة بن عُمارة البربري ، ثمّ فارقه وقال بالوهية ابن الحنفية! وأ نّه هو رسوله أو الإمام وأ نّه ستنزل عليه أسباب من السماء يملك بهنّ الأرض! وتبعه على ذلك ناس من المدينة والكوفة!

وقال لهم حمزة : من عرف الإمام فليصنع ما شاء فلا إثم عليه! وأحلّ لهم جميع المحارم! وهو نكح ابنته (٢)! وكان ذلك على عهد الباقر عليه‌السلام فكان يدّعي لأصحابه : أنّ أبا جعفر يأتيه في كلّ ليلة! وكان يصدّقه بعضهم أنّه أراه إيّاه! فنقل ذلك بريد بن معاوية العجلي إلى الباقر عليه‌السلام فقال : كذب ، عليه لعنة الله! وما يقدر الشيطان أن يتمثّل في صورة نبيّ ولا وصيّ نبي (٣). فكذّبه وبرئ منه فبرئت الشيعة

__________________

(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٣٠ ـ ١٣٤.

(٢) فرق الشيعة : ٢٧ و ٢٨ ، والمقالات والفرق : ٣٢.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ٣٠٤ ، الحديث ٥٤٨ ، و : ٣٠٠ ، الحديث ٥٣٧ في تكذيبه عن الصادق عليه‌السلام كذلك.

٩٦

منه. وتبعه على رأيه رجلان من نهد من بني تميم ، يقال لأحدهما : صائد وللآخر بيان ، وكان تبّاناً يبيع التبن بالكوفة ، ثمّ ادّعى هذا أنّ الباقر عليه‌السلام أوصى إليه (١).

وكان بيان يفتري الكذب على السجّاد عليه‌السلام وبلغ ذلك إلى الباقر عليه‌السلام فأعلن لعنه وقال : أشهد أنّ أبي كان عبداً صالحاً ، وأنّ بناناً لعنه الله كان يكذب على أبي (٢) وجاء في خبر أنّ هشام بن الحكم حكى للصادق عليه‌السلام نموذجاً من شرك بيان وكفره وغلوّه قال : كان بيان يتأوّل قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) : أنّ إله السماء غير إله الأرض ، وأنّ آلهة الأرض يعرفون فضل إله السماء ويعظّمونه! فقال عليه‌السلام : كذب بيان عليه لعنة الله! لقد صغّر عظمة الله عزوجل (٣).

ولعلّه بلغه أنّ الباقر عليه‌السلام كذّبه وبرئ منه ولعنه فادّعى النبوة عن أبي هاشم بن الحنفية وكتب إليه يدعوه إلى الإقرار بنبوّته ويقول له : «أسلم تَسلم! وترتقي في سلّم! وتنجُ وتغنم! فإنّك لا تدري و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (٤))! و (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ (٥)) وقد أعذر من أنذر ، وكان اسم رسوله بكتابه إليه عمرو بن عفيف الأزدي! فأمر أبو جعفر عليه‌السلام رسول بيان فأكل قِرطاسه الذي جاء به» (٦).

__________________

(١) فرق الشيعة : ٢٨ والمقالات والفرق : ٣٣.

(٢) اختيار معرفة الرجال : ٣٠١ ، الحديث ٥٤١. وكذا في خبرين آخرين عن الصادق عليه‌السلام : ٣٠٥ ، الحديث ٥٤٩ وعن الرضا عليه‌السلام : ٣٠٢ ، الحديث ٥٤٤.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ٣٠٤ ، الحديث ٥٤٧. والآية ٨٤ من سورة الزخرف.

(٤) الأنعام : ١٢٤.

(٥) المائدة : ٩٩.

(٦) فرق الشيعة : ٣٤ ، وفي المقالات والفرق : ٣٧ ، وجاءت دعوته الباقر عليه‌السلام في ميزان الاعتدال والملل والنحل : ١٥٣.

٩٧

وبلغ خبره إلى خالد القسري فطلبه وأصحابه فظفر به وخمسة عشر رجلاً من أصحابه ، فأخذهم إلى مسجد الكوفة وشدّهم فيه بأطنان القصب وصبّ عليهم النفط وألهب فيهم النار! وأفلت رجل منهم فخرج يشتد ، ثمّ التفت فرأى أصحابه تأخذهم النار فكرّ بنفسه راجعاً حتّى ألقى بنفسه فيهم فاحترق معهم (١).

وروى الطبري خبراً عن مولى عمرو بن حريث المخزومي : سعيد بن مرداد بند : أنّ خالد القسري أمر بسريره فاخرج إلى المسجد الجامع بالكوفة ، وأمر بأطنان قصب ونفط فأُحضرا ، ثمّ أُتي ببيان (التبّان التميمي النهدي) والمغيرة بن سعيد (مولى خالد البجلي) في ستّة رهط أو سبعة ، فأمر المغيرة أن يحتضن طناً من القصب فتأنّى فضربوا رأسه بالسياط فاحتضن الطنّ فشدّ به ، ثمّ صبّ عليه وعلى القصب نفط ثمّ الهب فيه النار فاحترق! ثمّ أمر رهطه كذلك فاحترقوا ، ثمّ أمر بياناً آخرهم فبادر إلى ذلك فأحرقه. وزعم أنّ مالك بن أعيَن الجهني منهم ولكنّه صدقه عن نفسه فأطلقه.

وروى عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (قاضي الكوفة قبل ذلك) : أنّ رجلاً من أهل البصرة كان قد قدم علينا يطلب العلم ، فانطلقت معه يوماً إلى المغيرة بن سعيد (البجلي) وكنت قد أمرت جاريتي أن تشتري لنا سمكاً بدرهمين ، فأخبرني بذلك المغيرة! فنهضنا عنه. وكان قد نظر في السحر (٢).

__________________

(١) فرق الشيعة : ٢٨ ، وفي المقالات والفرق : ٣٣ وكأنّ الأشعري شعر بتهافت ما جاء هنا في فرق الشيعة من حرقهم مع ما جاء فيه قبل من قتل بيان وصلبه ؛ فحذفه هناك ، اللهمّ إلّاأن نقول بحرق أصحابه وقتله وصلبه هو فقط ، بعيداً.

(٢) تاريخ الطبري ٧ : ١٢٨ و ١٢٩.

٩٨

وفي خبر الكشيّ أنّ الصادق عليه‌السلام قال : لعن الله يهودية كان يختلف إليها يتعلّم منها السحر والشعبذة والمخاريق ، وكان يكذب على أبي ، فسلبه الله الإيمان (١).

ومن خبر آخر عن الباقر عليه‌السلام يعلم أنّه كان قد اوتي علماً : قال سلمان الكناني : قال لي الباقر عليه‌السلام : إنّ مَثَل المغيرة مَثَل بلعم! قلت : ومَن بلعم؟ قال : الذي قال الله عزوجل فيه : (الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (٢)).

وكان أصحابه متستّرين بأصحاب الباقر عليه‌السلام ، فكان المغيرة يأمرهم فيأخذون من أصحاب الباقر عليه‌السلام كتبهم فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدسّ فيها الغلوّ والكفر والزندقة (والتناسخ) ويسندها إلى الباقر عليه‌السلام! ثمّ يدفعها إلى أصحابه ويأمرهم أن يبثّوها في «الشيعة» فقال فيه الصادق عليه‌السلام : «كلّ ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلوّ فذلك ممّا دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم» (٣).

وجاء التلميح إلى نماذج من غلوّه فيهم في قوله عليه‌السلام : لعن الله المغيرة بن سعيد إنّه كان يكذب على أبي! لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، لعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وبيده نواصينا وإليه مآبنا ومعادنا (٤).

وعنه عليه‌السلام قال : إنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي! إنّا إذا حدّثنا قلنا : قال الله عزوجل وقال

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٥ ، الحديث ٤٠٣.

(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٧ ، الحديث ٤٠٦ ، والآية من الأعراف : ١٧٥.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٥ ، الحديث ٤٠٢.

(٤) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٣ ، الحديث ٤٠٠.

٩٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا وسنّة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ... لا تقبلوا علينا حديثاً إلّاما وافق القرآن والسنة ، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة (١).

وعليه فهذا هو سبب صدور هذه الأخبار عنهم في عرض المرويات عنهم على الشواهد لها من الكتاب أو من السنة أو من سائر أحاديثهم عليهم‌السلام ، وإلّا فتردّ ولا تُقبل.

ولم يكن كفره من قبيل التحلّل من الفرائض بل الزيادة فيها : قال بنقض الوضوء بالرعاف والقيء ونتف شعر الإبط (٢) وبقضاء الحائض لما فاتها من الصلاة (٣) وحدّث بذلك عن الباقر عليه‌السلام : أنّ نساء آل محمّد إذا حضن قضين الصلاة (٤).

ونقل المعتزلي عن النوفلي : أنّه قال للباقر عليه‌السلام : أَخبِر الناس أنّي أعلم الغيب! واطعمك العراق! فأسمعه الباقر ما كره وزجره زجراً شديداً! وقال مثلها لأبي هاشم ابن الحنفية فأشفى به على الموت ضرباً! فتعالج حتّى برئ ، ثمّ قال لمحمّد بن عبد الله بن الحسن نحوها فلم يجبه فطمع فيه ، فادّعى أنّ علي بن الحسين عليه‌السلام أوصى إلى محمّد ذي النفس الزكية ، ثمّ قدم بها إلى الكوفة وبثّ بها في أصحابه (٥).

وطبّق عليه حديث النبيّ في القائم المهدي : «يواطئ اسمه اسمي» وزاد عليه : «واسم أبيه اسم أبي». فهو أوّل من زاد هذا لذلك!

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٤ ، الحديث ٤٠٠.

(٢) التهذيب ١ : ٣٤٩.

(٣) فروع الكافي ٣ : ١٠٥.

(٤) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٧ ، الحديث ٤٠٧.

(٥) شرح النهج للمعتزلي ٨ : ١٢١.

١٠٠