واذكر أيها النّبي للمشركين مرة أخرى يوم يناديهم الله بواسطة ، لأن الله تعالى لا يكلم الكفار كما رجح القرطبي ، فيقول : أين الشركاء الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركائي في الألوهية ، ليخلّصوكم مما أنتم فيه؟ وقد كرّر الله تعالى هذا المعنى إبلاغا وتحذيرا ، وتوجيه هذا النداء يقصد به توبيخ الكفار وتقريعهم. وأكّد الله ذلك بالإشهاد عليهم ، ليعلم أن التقصير منهم ، والإشهاد : أن يخرج الله من كل أمّة شهودا عليهم : وهم الرّسل الكرام ، فكل رسول يشهد على قومه بأعمالهم في الدنيا ، ويشهد نبيّنا صلىاللهعليهوسلم على الأنبياء جميعا. ويقال للمقصّرين : أحضروا برهانكم على صحة ادّعائكم أن لله شريكا ، فلم يتمكنوا ولم يجيبوا ، فعلموا أن الحقّ في الألوهية لله وحده ، وتاه عنهم وتبدّد كل ما يفترونه ويكذّبونه من نسبة الشريك لله تعالى.
قصة قارون
ـ ١ ـ
فتنة المال وتأثيره على الإنسان
أورد الله تعالى تفصيلا واضحا لقصة قارون الذي كان من قوم موسى ، فاغتر بماله وثرواته ، وزعم أنه أوتي ذلك بذكائه ومهارته ، وأنه لا حقّ لأحد له فيه ، فجاءه التوجيه الإلهي إلى ضرورة استعمال المال والانتفاع به فيما يحقّق له النفع في الآخرة ، وإصلاح شؤون الدنيا ، والإحسان في تثميره وتنميته وإنفاقه ، وتجنّب كل مهاوي الفساد والإفساد به في الأرض ، ولكنه لم يستجب لهذا التوجيه ، وبطر في عيشه وتبختر ، فحقّ عليه الهلاك والدّمار ، قال الله تعالى واصفا قصة قارون :