أمام المجتمع ، وزجرهم بما يستحقون ، وتهديدهم بالعقاب المناسب ، قال الله تعالى مبينا فرضية الحجاب الشرعي بحدوده المعتدلة وحكم أهل النفاق :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢)) [الأحزاب : ٣٣ / ٥٩ ـ ٦٢].
يأمر الله النبي بتبليغ زوجاته وبناته ونساء المؤمنين بإرخاء الستر عليهن وتغطيتهن بالحجاب الشرعي : وهو الجلباب ، أي الرداء الساتر لجميع الجسد ما عدا الوجه والكفين ، وهو أدب حسن يبعد المرأة عن مظان التهمة والريبة ، ويحميها من أذى الفساق ، ويميز الحرائر عن الإماء كما كان في الماضي ، وكان الله وما يزال واسع المغفرة لما سلف من إهمال التستر ، عظيم الرحمة بعباده ، حيث أرشدهم إلى هذا الأدب الرفيع فقد كانت عادة العربيات في الجاهلية التبذل في الستر ، وكشف مواطن الزينة ، فبدل الإسلام بالتبرج : الصون والستر المناسب.
روي أنه كان في المدينة قوم يجلسون على الصّعدات (١) (كالمصاطب) لرؤية النساء ومعارضتهن ومراودتهن ، فنزلت الآية بسبب ذلك.
ثم توعد الله المنافقين (الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر) فلئن لم يكفوا عما هم عليه من النفاق فلنسلطنك عليهم ، هم والذين في قلوبهم مرض (وهو شك وريبة في أمر الدين وحب الزنا) وأهل الإرجاف في المدينة (وهم قوم من المنافقين كانوا يتحدثون بغزو العرب المدينة ، بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيغلب ،
__________________
(١) جمع صعدة وهي القناة المستوية المستقيمة.