يعلمك بها ، فإنها من المغيبات المختصة بالله تعالى ، وربما توجد في وقت قريب. وهذا تهديد للمستعجلين ، وتوبيخ لأهل التعنت والتهكم والاختبار. وقوله تعالى : (تَكُونُ قَرِيباً) القريب : لفظة واحد ، تطلق على الجمع والإفراد والتذكير والتأنيث.
ثم توعد الله الكافرين بعذاب لا ولي لهم فيه ولا ناصر ، ومضمونه : إن الله تعالى طرد الكافرين وأبعدهم عن رحمته ، وهيّأ لهم في الآخرة نارا شديدة الاستعار والإحراق. وهم في نار جهنم وعذابها خالدون مخلّدون ، ماكثون فيه على الدوام ، ولا يجدون من يواليهم ويناصرهم وينقذهم أو يخلّصهم من ذلك العذاب.
وأما أوصاف العذاب : فهي رهيبة جدا ، إن الكافرين يجرّون في النار على وجوههم ، ويتقلّبون فيها كاللحم المشوي على النار ، ويظهرون أشد الندامة قائلين : يا ليتنا أطعنا الله ورسوله فيما أمر ونهى. كما جاء في آية أخرى : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) [القمر : ٥٤ / ٤٨]. وقال سبحانه : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) [الفرقان : ٢٥ / ٢٧].
ثم أعلن الكافرون سبب انحراف اعتقادهم ، ولاذوا بالتشكي من كبرائهم في أنهم أضلوهم ، فقالوا وهم في عذاب جهنم : يا ربنا لقد أطعنا في الشرك والكفر رؤساءنا وقادتنا وعظماءنا وعلماءنا ، وخالفنا الرسل ، فأضلونا عن طريق الهدى بما زيّنوا لنا من الكفر بالله ورسوله. يا ربنا عذبهم عذابا مضاعفا : عذاب الكفر ، وعذاب إضلال غيرهم وإغوائهم إيانا ، أي عذبهم عن أنفسهم وعمن أضلوا ، وأبعدهم عن رحمتك بعدا كبيرا. وإضلال السبيل : يراد به سبيل الإيمان والهدى ، واللعن الكبير : أي العنهم مرات كثيرة.
إذا كان هذا هو مصير الضالين والمضلين في الآخرة ، فلم لا يبادر الفريقان إلى