(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧) قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)) (١) (٢) (٣) (٤) [القصص : ٢٨ / ٧٦ ـ ٧٨].
كان قارون الثّري المترف ابن عم موسى عليهالسلام ، وهو رجل من بني إسرائيل ، كان ممن آمن بموسى ، وحفظ التّوراة ، وكان من أقرأ الناس لها ، وكان عند موسى عليهالسلام من عبّاد المؤمنين ، ثم لحقه الزهوّ والإعجاب ، فبغى على قومه بأنواع البغي ، من ذلك كفره بموسى واستخفافه به ، ومطالبته له بأن يجعل له شيئا من المكانة والنفوذ والمشاركة في شؤون السلطة على الناس ، وتجاوز الحدّ في بغيه ، حتى إنه حاول التشهير بموسى ، بامرأة مومس فاجرة ذات جمال ، تدّعي أمام الملأ من بني إسرائيل أن موسى يتعرض لها في نفسها ، ويكافئها على ذلك ، وتستنجد به ، فلما وقفت بين الملأ ، أحدث الله لها توبة ، وفضحت قارون في محاولاته تلك. وقد آتى الله قارون أموالا نقدية وعينية كثيرة ، يثقل بحمل مفاتيح خزائنها الجماعة أولو البأس والقوة ، فنصحه الناس بخمس مواعظ :
ـ قال له قومه الإسرائيليون : لا تبطر ولا تتبختر بمالك ، فإن الله يكره البطرين الأشرين. إنهم نهوه عن الفرح المطغي الذي هو انهماك وانحلال نفس ، وأشر وإعجاب ، مؤدّ به إلى المهالك.
ـ ثم وصّوه بأن يطلب بماله رضا الله وآخرته ، وإنفاق بعض المال في وجوه الخير
__________________
(١) ظلمهم.
(٢) لتثقل الجماعة الكثيرة.
(٣) لا تبطر بكثرة المال.
(٤) من الأمم.