• الفهرس
  • عدد النتائج:

فواعده أن يأتيه ليلا ، فجاءه ليلا (١) ومعه أبو نائلة ، وهو أخو كعب من الرّضاعة ، فدعاه من الحصن فنزل إليهم ، فقالت له امرأته : أين تخرج هذه الساعة؟ قال : إنّما هو أخي أبو نائلة ومحمد بن مسلمة ، إنّ الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب ، قال محمد : إنّي إذا ما جاء فإنّي قائل بشعره (٢) فأشمّه ثم أشمّكم ، فإذا رأيتموني أثبت يدي فدونكم. فنزل إليهم متوشّحا ، وهو ينفح منه ريح الطّيب ، فقال محمد : ما رأيت كاليوم ريحا ، أي أطيب ، أتأذن لي أن أشمّ رأسك؟ قال : نعم. فشمّه ثم شمّ أصحابه ، ثم قال : أتأذن لي؟ يعني ثانيا. قال : نعم. فلما استمكن منه قال : دونكم. فضربوه فقتلوه. وأتوا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبروه. أخرجه البخاري (٣).

وقال شعيب بن أبي حمزة ، عن الزّهري [٣٠ أ] عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، أنّ كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا ، وكان يهجو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويحرّض عليه كفّار قريش في شعره. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط ، منهم المسلمون ، ومنهم عبدة الأوثان ، ومنهم اليهود ، وهم أهل الحلقة والحصون ، وهم حلفاء الأوس والخزرج ، فأراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قدم المدينة استصلاحهم كلهم ، وكان الرجل يكون مسلما وأبوه مشرك وأخوه ، وكان المشركون واليهود حين قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة يؤذونه أشدّ الأذى ، فأمر الله رسوله والمسلمين بالصّبر والعفو ، فقال تعالى : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) (٤) ، وقال : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ

__________________

(١) هنا ينتهي الخبر عند عروة في المغازي ١٦٣.

(٢) قائل بشعره : آخذ به ، يقال : قال بيده أهوى بها وقال برأسه أشار ، كلّ ذلك على الاتساع والمجاز ، ويعبّر بها على التهيّؤ للأفعال والاستعداد لها.

(٣) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب قتل كعب بن الأشرف (٥ / ١١٥).

(٤) سورة آل عمران : من الآية ١٨٦.