• الفهرس
  • عدد النتائج:

لما بينا أن هذا الاستحقاق غير حاصل. والثانى أيضا باطل. لأن الجنة دار الثواب ، لا دار التفضل. والدليل عليه : قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) الى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) (المؤمنون ١ ـ ١١)

الشبهة الثانية : تمسكوا بالآيات المشتملة على لفظ الخلود فى وعيد الفساق. كقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ، فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) (النساء ٩٣) قالوا : الخلود هو الدوام. واحتجوا عليه بوجوه :

أحدها : قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ، أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)؟ (الأنبياء ٣٤) ولا شك فى أن من كان قبله ، قد جعل الله لهم لبثا طويلا فى الدنيا. فلو كان الخلود عبارة عن اللبث الطويل فقط ، لم يكن لهذه الآية معنى.

وثانيها : انه يصح تأكيده بلفظ التأبيد. قال تعالى : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (البينة ٨) ونص أهل اللغة على أن قوله (أَبَداً) تأكيد لمعنى الخلود. فلولا أن لفظ الخلود يفيد الدوام ، والا لم يصح تأكيده بما يفيد الدوام.

وثالثها : انه يصح أن يستثنى من الخلود ، أى مقدار ، أريد. فيقال : أنتم خلدون الا كذا وكذا. والدليل عليه : قوله : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ. إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) (هود ١٠٨)

الشبهة الثالثة : قوله تعالى فى صفة الفجار : (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) (الانفطار ١٦) ولو خرجوا من النار ، لصاروا عنها غائبين

والجواب عن الشبهة الأولى : من وجوه :

الأول : انها مبنية على أن المطيع يستحق بطاعته ثوابا ، والمذنب يستحق بذنبه عقابا. ونحن لا نقول بذلك ، فانا لا نوجب على الله شيئا.