ومن بين يديه رجل آخر من الأسرى واقف ، فقال أنا مولاك يا أمير المؤمنين.
فقال : مولاي يخرج عليّ ، ومع موسى سكين ، فقال : والله لأقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا.
قال : وغلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم مات ، وسلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه.
* * *
فحدثني أحمد بن عبيد الله بن عمّار ، قال : قال أحمد بن الحارث (١) ، عن عمر بن خلف الباهلي ، عن بعض الطالبيين ، قال :
لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة ، وأمر الناس بالوقيعة (٢) على آل أبي طالب ، فجعل الناس يوقعون عليهم حتى لم يبق أحد ، فقال بقي أحد.
قيل له : موسى بن عبد الله. وأقبل موسى بن عبد الله على أثر ذلك ، وعليه مدرعة وإزار غليظ ، وفي رجليه نعلان من جلود الإبل ، وهو أشعث أغبر حتى قعد مع الناس ولم يسلم عليه ، وإلى جنبه السري بن عبد الله من ولد الحرث بن العباس بن عبد المطلب ، فقال لموسى بن عيسى : دعني أكشف عليه باله ، وأعرفه نفسه.
قال : أخافه عليك. قال : دعني ، فأذن له فقال له : يا موسى.
قال : أسمعت فقل.
قال : كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم.
فقال موسى أقول في ذلك :
بني عمّنا ردوا فضول دمائنا |
| ينم ليلكم أو لا يلمنا اللّوائم (٣) |
فإنا وإيّاكم وما كان بيننا |
| كذي الدين يقضي دينه وهو راغم |
فقال السري : والله ما يزيدكم البغي إلّا ذلّة ، ولو كنتم مثل بني عمكم سلمتم ـ يعني موسى بن جعفر ـ وكنتم مثله ، فقد عرف حق بني عمّه وفضّلهم عليه ، فهو لا يطلب ما ليس له.
__________________
(١) في ط وق «ابن الحارث الحوار وحدثني محمد بن الأزهر ، عن عمر».
(٢) في ط وق «بالرفيعة ... يرفعون عليهم».
(٣) في ط وق «بنوا عمنا ... تنم ... كذا الدين».