الطف ، وزيد بن علي يوم السبخة ، ويحيى بن زيد يوم الجوزجان ، ونحن اليوم.
فتطيرت له من تمثّله بأبيات لم يتمثل بها أحد إلّا قتل.
ثم سرنا إلى باخمري ، فلما قرب منها أتاه نعي أخيه محمد ، فتغيّر لونه ، وجرض بريقه ، ثم أجهش باكيا وقال :
اللهم إن كنت تعلم أن محمدا خرج يطلب مرضاتك ، ويبتغي طاعتك ، ويؤثر أن تكون كلمتك العليا ، وأمرك المتبع المطاع ، فاغفر له ، وارحمه ، وارض عنه ، واجعل ما نقلته إليه من الآخرة خيرا له مما نقلته عنه من الدنيا.
ثم انفجر باكيا وتمثل بقول الشاعر (١) :
أبا المنازل يا خير الفوارس من |
| يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا |
الله يعلم أني لو خشيتهم |
| أو آنس القلب من خوف لهم فزعا |
لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم |
| حتى نعيش جميعا أو نموت معا |
قال [المفضل] : فجعلت أعزيه وأعاتبه على ما ظهر من جزعه ، فقال : إني والله في هذا كما قال دريد بن الصّمّة (٢) :
تقول ألا تبكي أخاك! وقد أرى |
| مكان البكاء لكن بنيت على الصبر |
لمقتل عبد الله والهالك الذي |
| على الشّرف الأعلى قتيل أبي بكر |
وعبد يغوث أو نديمي خالد |
| وجلّ مصابا حثو قبر على قبر |
أبى القتل إلّا آل صمّة إنهم |
| أبوا غيره والقدر يجري على القدر |
فإمّا ترينا ما تزال دماؤنا |
| لدى واتر يشقى بها آخر الدهر |
فإنّا للحم السيف غير نكيرة |
| ونلحمه طورا وليس بذي نكر |
يغار علينا واترين فيشتفى |
| بنا إن أصبنا. أو نغير على وتر |
بذاك قسمنا الدّهر شطرين بيننا |
| فما ينقضي إلّا ونحن على شطر |
قال : ثم ظهرت لنا جيوش أبي جعفر مثل الجراد ، فتمثل [إبراهيم] بهذه الأبيات :
__________________
(١ ، ٢) راجع صفحة ٢٩٢.