وهو الذي تراضى به الخصمان ليحكم بينهما مع وجود قاض منصوب من قبل الإمام عليه‌السلام وذلك في حال حضوره (١) فإن حكمه ماض عليهما ، وإن لم يستجمع جميع هذه الشرائط (٢).

هذا مقتضى العبارة ، ولكن ليس المراد أنه يجوز خلوه منها أجمع ، فإن استجماعه لشرائط الفتوى شرط إجماعا ، وكذا بلوغه ، وعقله ، وطهارة مولده ، وغلبه حفظه ، وعدالته ، وإنما يقع الاشتباه في الباقي (٣) ، والمصنف في الدروس قطع بأن شروط قاضي التحكيم هي شروط القاضي المنصوب أجمع من غير استثناء ، وكذلك قطع به المحقق في الشرائع ، والعلامة في كتبه وولده فخر المحققين في الشرح ، فإنه قال فيه (٤) : التحكيم الشرعي هو أن يحكّم الخصمان

______________________________________________________

ـ الأكثرون). والأصحاب طبقوا هذا الفرع على أصولنا أيضا ، ولكن بناء عليه لا يجري النزاع عندنا في قاضي التحكيم في حال الغيبة بعد اشتراط رجوع المتخاصمين إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى ، وذلك لأن البحث في قاضي التحكيم هو البحث في نفوذ حكم الفقيه غير المأذون بالقضاء من قبل المعصوم مع أن كل فقيه عندنا مأذون بالقضاء من قبل المعصوم لأدلة التنصيب المتقدمة.

ولذا قال الشارح في المسالك : (واعلم أن الاتفاق واقع على أن قاضي التحكيم يشترط فيه ما يشترط في القاضي المنصوص من الشرائط التي من جملتها كونه مجتهدا ، وعلى هذا فقاضي التحكيم مختص بحال حضور الإمام ليفرق بينه وبين غيره من القضاة ، بكون القاضي منصوبا وهذا غير منصوب من غير الخصمين ، أما في حال الغيبة فسيأتي أن المجتهد ينفذ قضاؤه لعموم الإذن ، وغيره لا يصح حكمه فلا يتصور حالتها ـ حالة الغيبة ـ قاضي التحكيم) انتهى. بل إن البحث في قاضي التحكيم على النزاع المتقدم مختص بحال بسط يد المعصوم وأنه هو الحاكم وقد نصّب في كل بلدة قاضيا ، وأما حال الحضور مع عدم بسط يده فكل مجتهد ينفذ قضاؤه لعموم الإذن وعليه فلا يتصور قاضي التحكيم مع عدم البسط والنفوذ.

(١) حضور المعصوم عليه‌السلام.

(٢) بل هو مستجمع لجميع الشرائط المعتبرة إلا إذن المعصوم بالقضاء.

(٣) من الحرية والنطق والسمع والبصر وهي محل شك في القاضي المنصوب أيضا بل الدليل على عدم اشتراطها.

(٤) أي في شرح القواعد.