(وفي كراهة طلب المشتري من بعض الطالبين الترك له نظر) من عدم (١) صدق الدخول في السوم من حيث الطلب منه ، ومن مساواته (٢) له في المعنى حيث أراد أن يحرمه مطلوبه ، والظاهر القطع بعدم التحريم على القول به في السّوم ، وإنما الشك في الكراهة ، (ولا كراهية في ترك الملتمس منه) ، لأنه (٣) قضاء حاجة لأخيه ، وربما استحبت إجابته لو كان مؤمنا ، ويحتمل الكراهة لو قلنا بكراهة طلبه ، لإعانته له على فعل المكروه ، وهذه الفروع من خواص الكتاب.

التاسع عشر ـ (ترك توكل حاضر لباد (٤) وهو الغريب الجالب للبلد وإن كان قرويا ، قال النبي (ص) : «لا يتوكل حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ، وحمل بعضهم النهي على التحريم وهو حسن لو صح الحديث ، وإلا فالكراهة أوجه ، للتسامح في دليلها ، وشرطه (٥) ابتداء الحضري به (٦) ، فلو التمسه منه الغريب فلا بأس به ، وجهل (٧) الغريب بسعر البلد ، فلو علم به لم يكره ، بل كانت مساعدته محض الخير ، ولو باع مع النهي انعقد وإن

______________________________________________________

(١) وجه عدم الكراهة.

(٢) أي مساواة الطلب للدخول في سوم الغير ، وهو وجه الكراهة.

(٣) أي الترك.

(٤) المراد بالبادي الغريب الجالب للبلد ، والمعنى أن يحمل الغريب متاعا إلى بلد فيأتيه البلدي ويقول : أنا أبيعه لك بأعلى مما تبيعه به ، قبل أن يعرف السعر لخبر عروة بن عبد الله عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث : لا يبيع حاضر لباد ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض) (١) وخبر جابر (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يبيع حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) (٢).

وظاهر النهي التحريم ولذا ذهب الشيخ وابنا إدريس والبراج والعلامة في المنتهى إلى الحرمة ، والمشهور على الكراهة لقصور الخبرين مسندا.

(٥) أي وشرط الحكم بالكراهة.

(٦) بأن يعرض البلدي التوكل على الغريب ، فلو التمس الغريب ذلك لم يكن به بأس.

(٧) عطف على (ابتداء الحضري).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب آداب التجارة حديث ١ و ٣.