الحال غير مأمور بها كما صرّح بذلك في تقريب الإشكال بقوله : لأنّ ما أتى بها وإن صحّت وتمّت ، إلاّ أنها ليست بمأمور بها. وقولِه : إن قلت : كيف يحكم بصحّتها مع عدم الأمر بها. وقولِه في أثناء الجواب : وإنّما لم يؤمر بها لأجل أنّه أُمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتمّ الخ (١). هذا كلّه على تقدير كون اعتبار الاجهار من قبيل الواجب في ضمن واجب.
وإن لم يكن كذلك ، بل كانت المصلحة توجب تقيّد الصلاة المذكورة به ، فهو وإن أوجب بطلان الصلاة بدونه مطلقاً ، ومقتضاه لزوم الاعادة سواء كان تركه عن جهل أو علم ، لكن يمكن أن يقال في توجيه عدم الاعادة في خصوص صورة الجهل : بأنّ الفاقد لذلك القيد وإن لم يكن مأموراً به ، لكنّه كان وجوده موجباً لفوات المصلحة ، على وجه لا يمكن استيفاؤها بالاتيان ثانياً بالواجد لذلك القيد ، بخلاف ما لو أتى بالفاقد لذلك القيد في حال العلم ، لامكان الخصوصية للجهل الموجبة لسقوط المصلحة وارتفاعها بالفاقد ، بحيث لا يكون الاتيان بذلك الفاقد في حال العلم كذلك ، وبناءً على ذلك لا داعي للالتزام بكون الفاقد في حال الجهل مشتملاً على شيء من المصلحة ، بل يمكن الالتزام بأنّه لا مصلحة فيه ويكون موجباً لفوات أصل المصلحة ، بمعنى عدم التمكّن من استيفائها ، فيكون من قبيل إعدام الموضوع ، نظير ما لو أُمر بتجهيز الميّت فأحاله غازاً أو نحوه ممّا لا يمكن معه التجهيز. وكأنّه قدسسره إنّما التزم بكون الفاقد في ذلك الحال واجداً لمقدار من المصلحة ، لكنّه معه لا يمكن استيفاء المصلحة الكاملة بالاتيان بالواجد لينطبق عليه قوله عليهالسلام : « تمّت صلاته ولا يعيد » (٢) بدعوى أنّ اشتماله على مقدار من
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٥٢١ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١ ، وراجع أيضاً الباب ١٧ ، وراجع أيضاً وسائل الشيعة ٦ : ٨٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١.