وبالجملة : أنّ الاطاعة التفصيلية وإن كان وجوبها مقيّداً بالتمكّن ، إلاّ أن المراد بالتمكّن هو التمكّن منه في حدّ نفسه ، نظير باقي ما يعتبر في الصلاة ممّا يكون مقيّداً بالتمكّن ، كما لو اتّفق أنّه لا يمكنه إتمام الصلاة قائماً ، فإنّه لا ينتقل إلى الجلوس باعتبار أنّه غير متمكّن من القيام بواسطة حرمة الابطال.
والحاصل : أنّ حرمة الابطال لا تحقّق عدم التمكّن بالنسبة إلى كلّ ما يعتبر في الصلاة ولو كان هو مقيّداً بالتمكّن ، فالتمكّن في حرمة الابطال في طول التمكّن من باقي الأجزاء أو الشرائط الأصلية ، والتي هي تابعة لقصد القربة ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الوجه في بطلان التخيير ، وهو ما ذكره في تحرير السيّد سلّمه الله بقوله : مع الغفلة عن أنّ التخيير بين الحكمين المتزاحمين إنّما يكون مع كونهما في مرتبة واحدة لا في مثل المقام على ما عرفت تفصيله (١).
وأمّا ما أجاب به في هذا التحرير بقوله : فلأنّ الحكم الخ (٢) ، فكأنّه أجنبي عن المطلب ، لأنّ التزاحم بين حرمة الابطال ووجوب الاطاعة التفصيلية ليس من قبيل تزاحم القيود ، ولعلّه لذلك أمر بالتأمّل ، فتأمّل.
وما اشتمل عليه المطبوع من تقريرات درس المرحوم الأُستاذ العراقي قدسسره (٣) من الايراد على ما اشتمل عليه هذا التحرير من الجواب عن القول بالتخيير في محلّه ، إلاّ أنه كان عليه أن ينظر إلى ما اشتمل عليه تحرير السيّد سلّمه الله ، وبه يتمّ إبطال القول بالتخيير الذي اختاره في التقرير المزبور ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٥٥٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٧٦.
(٣) نهاية الأفكار ٣ : ٤٦٨.