ثمّ لو سلّمنا أنّ مفاده هو رفع الجزء المنسي ليكون محصّله هو رفع جزئيته إذا كان متعلّقاً للنسيان ، ويكون وزانه وزان التقييد لدليل الجزئية ، لم يكن ذلك موجباً لرفع الجزئية بمطلق النسيان ، بل يمكن أن يكون الموجب لرفع الجزئية هو نسيان الجزء بقول مطلق ، أعني به نسيانه في تمام الوقت ، وبهذا الأخير نجيب لو أرجعنا نسيان الجزء إلى عدم القدرة عليه ، وأدخلنا المسألة في « ما لا يطيقون » ، فإنّه لا يبعد أن يكون ما هو مطاق في بعض الوقت خارجاً عن عموم ما لا يطيقون وإن كان غير مطاق في بعض الوقت.
ثمّ لو أغضينا النظر عن ذلك لكان لنا أن نجيب ثالثاً بأنّ مثل رفع النسيان ورفع ما لا يطيقون ورفع ما اضطرّوا إليه ، لا يكون موجباً لسقوط التكليف خطاباً وملاكاً ، وإلاّ لكانت جميع التكاليف مشروطة بالقدرة الشرعية ، بل أقصى ما في هذه العناوين هو أنّها توجب سقوط الخطاب فقط دون الملاك ، فلا يكون حالها إلاّ حال القدرة العقلية ، التي قد عرفت أنّ انتفاءها لا يوجب انحصار التكليف بموردها خطاباً وملاكاً.
وحينئذ فلا يكون رفع النسيان ولا رفع ما لا يطيقون إلاّكحكم العقل بعدم صحّة تكليف العاجز مع بقاء ملاك التكليف بالنسبة إليه بحاله ، وأنّه إن كان مستوعباً للوقت كان موجباً لسقوط التكليف بالمركّب خطاباً ، وإن لم يكن مستوعباً للوقت كان موجباً لانحصار المكلّف به فيما يكون بعد ارتفاع العذر.
ولعلّ هذه المراتب الثلاث التي ذكرناها هي المراد بما أفاده الأُستاذ قدسسره ، ونحن معاشر المحرّرين حرّرناها على الوجه السالف الذكر الذي قد عرفت توجّه الإشكال عليه ، فراجع وتأمّل.