بالعلم التفصيلي كأن يعلم بوجوب صلاة الظهر ، أو كان بالأمارة أو الاستصحاب القائمين على وجوب صلاة الظهر ، أو كان بالعلم الاجمالي كما في مورد العلم بوجوب أحد شيئين عليه أحدهما صلاة الظهر ، أو كان ذلك من قبيل الاحتمال في الشبهة الحكمية قبل الفحص ، فإنّ حكم العقل في جميع هذه الموارد بلزوم الاتيان بصلاة الظهر إنّما هو من باب حكمه بلزوم الاطاعة وقبح المعصية ، بمعنى أنّ مثل هذه الأُمور تكون حجّة على اشتغال الذمّة الموجب لحكم العقل بلزوم تفريغها.
الحكم الثاني للعقل : هو الحكم بلزوم الفراغ اليقيني بعد إحراز تنجّز التكليف بأحد الطرق السابقة.
وملاك الحكم الأوّل هو لزوم الطاعة بعد إحراز تنجّز التكليف في قبال عدم الطاعة رأساً ، وملاك الحكم الثاني هو لزوم اليقين بالفراغ عمّا كان قد تنجّز في قبال الاكتفاء باحتمال الفراغ.
وحينئذ نقول : إنّه لو علم تفصيلاً بوجوب صلاة الظهر عليه وشكّ في أنّه أتى بها ، فمع قطع النظر عن الاستصحاب يكون العقل حاكماً بلزوم الاتيان بها ، لكن ذلك من قبيل النحو الثاني ، وبالنظر إلى الاستصحاب يكون العقل أيضاً حاكماً بلزوم الاتيان بها ، لكن ذلك من قبيل النحو الأوّل ، لأنّ استصحاب بقاء التكليف يحرز بقاء اشتغال ذمّته فيتبعه حكم العقل بتفريغها ، ويترتّب على ذلك أنّه مع قطع النظر عن الاستصحاب يأتي بها بعنوان الاحتمال والاحتياط ، بخلاف نتيجة الاستصحاب فإنّه يأتي بها بداعي أمرها المحرز البقاء.
وبالجملة : أنّ الاستصحاب في مثل ذلك يسقط موضوع حكم العقل بالاشتغال وطرد الاكتفاء بالاحتمال ، بل إنّه يولّد حكماً آخر أعلى من ذلك ، وهو