من التزاحم الآمري فيجمع بينهما في مقام الاثبات بتقديم الخاص على العام ، سواء كان الأمر وجوبيا أو كان استحبابيا ، وسواء كان عمومه بدليا أو كان شموليا.
وأمّا القسم الثالث وهو النافلة المبتدأة في الأوقات المكروهة فبعين ما تقدّم ، غير أنّ السابق كان متعلّق النهي هو أين الفعل وفي هذا القسم يكون المنهي عنه هو زمانه المعبّر عنه بمقولة متى ، وغاية الفرق بينهما أنّ العموم هناك بدلي وهنا شمولي ، فلو كان النهي تحريميا لزم تخصيص الأمر بما عدا مورد النهي لما شرحناه فيما تقدّم ، وإن كان النهي تنزيهيا لم يكن مزاحما للأمر لعدم كونه مانعا لزوميا من امتثاله. نعم لا يتأتّى ذلك فيما لو كان الأمر وجوبيا ، لكونه مانعا لزوميا عن امتثال النهي.
هذا ما أمكنني تقريبه فيما تخيّلته من ابتناء مسألة الكراهة في العبادة على التركّب الانضمامي.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ النهي لم يكن متعلّقا بنفس مقولة الأين أو متى بالنسبة إلى الشخص ، بمعنى أنّ وجود نفس شخص المكلّف في ذلك المكان أو الزمان كان مكروها ، بل إنّما المكروه هو وجود الفعل أعني تلك العبادة في ذلك المكان ، بمعنى أنّ المكروه هو إيجاد المكلف تلك العبادة في المكان أو الزمان المذكورين ، فيكون المنهي عنه هو العبادة الموجودة في ذلك الظرف لا نفس الكون فيه.
وهذا وإن أمكن الجواب عنه بأنّ المنهي عنه ليس هو نفس العبادة بل إنّ المنهي عنه هو نفس الأين المتعلّق بها ، إلاّ أنّ فيه إشكالا آخر وهو مختصّ بالقسم الثالث ، أعني ما يكون عموم الأمر فيه شموليا مثل النوافل المبتدأة ومثل قراءة الجنب ، فإنّ الخصوصية الزمانية تكون فيه عين الفرد أو من لوازمه الدائمة ، ولا