تخصيص العموم بذات النهي يتأتّى فيه ، ولازمه عدم الاكتفاء بما وقع منهيا عنه ، لكونه خارجا عن عموم ذلك الأمر ، فلا يكتفى به في سقوط الأمر إلاّ إذا قام الدليل على السقوط بأحد الوجوه المذكورة ، وحينئذ يمكن الحكم بفسادها من ناحية التخصيص ودلالة النهي على انحصار ذي الأثر فيما عداه ، ولا أقل من أصالة عدم ترتّب الأثر ، لكنّه مع ذلك خارج عن العبادات وداخل في المعاملات بالمعنى الأعمّ حسبما عرفت فيما تقدّم (١).
قوله : المقدّمة الرابعة : أنّ التقابل بين الصحّة والفساد ليس تقابل الايجاب والسلب يقينا ، بداهة أنّه لا يكون إلاّ في العدم والوجود المحموليين اللذين لا يخلو منهما ماهية من الماهيات ، ومن الواضح أنّ الصحّة والفساد ليسا كذلك ، بل يحتاج صدقهما إلى فرض محلّ قابل لهما ... الخ (٢).
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : إنّ تقابل الصحّة والفساد من قبيل تقابل العدم والملكة ، لا من قبيل تقابل النقيضين أعني الايجاب والسلب ، ولا من قبيل تقابل الضدّين الوجوديين.
أمّا الثاني ـ أعني أنّ تقابلهما ليس من قبيل تقابل الضدّين الوجوديين ـ فلأنّ الصحّة وإن كانت أمرا وجوديا إلاّ أنّ الفساد ليس بأمر وجودي ، لعدم توقّفه على إفاضة وجود ، بل يكفي فيه عدم تحقّق موجب الصحّة ، فيكون أمرا عدميا.
وأمّا الأوّل ـ أعني أنّه ليس تقابلهما من قبيل تقابل النقيضين أعني الايجاب
__________________
(١) في الحاشية السابقة.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].