المعاملة بالقياس إلى ما بيدنا من العموم ، وتحكيم ذلك النهي على ذلك العموم وجعله مخصّصا له ، فإن كان المنهي عنه عبادة كان ذلك التخصيص موجبا لفسادها ، لا من باب أصالة عدم الأمر وعدم المشروعية ، بل من باب كون ذلك النهي مخصّصا لعمومات المشروعية ، أيّة كانت تلك العمومات ولو مثل عموم أوامر العبادة ، وأيّا كان ذلك النهي ، سواء كان نهيا تحريميا ـ نفسيا كان أو غيريا أو تبعيا ـ أو كان نهيا تنزيهيا ، وحينئذ يكون هذا البحث بالنسبة إلى العبادات من توابع باب التعارض والتخصيص ، فلا وجه لعقده بحثا مستقلا ، بل هو حينئذ من الثمرات الفقهية المترتّبة على التخصيص.
أمّا المعاملة فلا يكون النهي فيها مخصّصا لعمومات أصل مشروعيتها ونفوذها ، بل يكون مخصّصا لحديث السلطنة (١) ، فتفسد المعاملة بذلك ، وذلك مختصّ بالنهي التحريمي دون التنزيهي. أمّا الغيري والتبعي فيمكن القول بالحاقه بالنهي التحريمي النفسي في كونه سالبا للسلطنة ، ويكون موجبا لفساد المعاملة ، على تأمّل في ذلك.
وعلى أي يكون محصّل البحث في النهي عن المعاملة هو : أنّ النهي عنها هل يكون موجبا لسلب السلطنة عليها أو لا ، ولا يكون من ثمرات تخصيص العموم الوارد في باب المعاملة ، بل يكون نزاعا صغرويا في كونه سالبا للسلطنة ليكون واردا أو حاكما على حديث الناس مسلّطون ، فتأمّل.
ولمزيد التوضيح نقول : إنّ فساد العبادة يكون له مراحل ثلاثة مترتّبة :
الأولى : الفساد في مقام الثبوت والواقع بواسطة تعلّق النهي أو التحريم بها ، وفي هذه المرحلة لا عموم ولا تخصيص ، حيث إنّها مرحلة واقعية ثبوتية في
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢ / ٧.