محرزا للواقع نافيا كان أو مثبتا ، وباحراز الواقع يرتفع الحكم الثاني الذي هو طريقي محض.
أما النحو الثاني فلمّا كان حكما واحدا واقعيا وكان موضوعه هو عدم العلم ، كان الشك وعدم العلم كافيا في تحققه سواء صادف الواقع أو لم يصادفه ، ولازم ذلك أنه لا تجري في مورده الأمارات والاصول الاحرازية سواء كانت مطابقة لذلك الحكم العقلي أو كانت مخالفة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن حكم العقل بلزوم التعلم فيما نحن فيه لا يدور مدار الواقع ، بل يدور مدار احتمال توجه التكليف فيما بعد ، فيكون لزوم التعلم حكما عقليا واقعيا وموضوعه احتمال توجه التكليف فيما بعد ، سواء صادف الواقع أو لم يصادف ، وحينئذ لا تجري في مورده الأمارات والاصول الاحرازية ، انتهى.
قلت : لا يقال كيف قلتم إن حكم العقل بوجوب التعلم حكم واقعي وقد تقدم منكم أنه طريقي ، وبالجملة : أن مقتضى ما تقدم منكم من أن وجوب التعلم طريقي أن يكون حكم العقل بلزوم التعلم من النحو الأوّل دون النحو الثاني.
لأنا نقول : مرادنا ممّا تقدم من كون حكم العقل طريقيا أنه طريق إلى التكليف الشرعي فلا ينافي كونه واقعيا في نفسه. وبالجملة أن الطريقية التي ذكرناها في النحو الأوّل إنما هي الطريقية إلى حكم العقل وليست هي الطريقية إلى الحكم الشرعي ، ومن الواضح أن حكم العقل بلزوم التعلم لم يكن طريقيا إلى حكم عقلي بل إنما كان طريقيا إلى الحكم الشرعي ، وذلك أعني كونه طريقا إلى الحكم الشرعي لا يوجب كونه من النحو الأوّل بل هو