الوثوق والاطمئنان. ثانيهما كون ذلك التكليف ممّا تعم به البلوى ، وأنه ما لم يكن في البين أحد الأمرين لا يكون التعلم واجبا. وحيث تنقّح عندنا الآن أن وجوب التعلم طريقي كوجوب الفحص يدور مدار احتمال التكليف واقعا ، كان وجوب التعلم عندنا ممّا يحكم به العقل بمجرد احتمال توجه التكليف فيما بعد وإن لم يكن معلوما أو مما تعم به البلوى. فلا بد لنا من تغيير ما كنا رسمناه في رسائلنا العملية من اشتراط وجوب التعلم بأحد الأمرين المذكورين ، وقد تقدم أن استصحاب عدم حصول الشرط فيما بعد لا ينفع في رفع ذلك الحكم العقلي ، لما حققناه في محلّه من أن الحكم العقلي يكون على نحوين :
أحدهما : ما نصطلح عليه بأنه ذو الحكمين كقبح الظلم فانه ذو حكمين : أحدهما واقعي وهو حكم العقل بقبح ما يكون ظلما واقعا ، ثانيهما طريقي وهو حكم العقل بقبح ما يحتمل كونه ظلما واقعا تحرزا من الوقوع في الظلم الواقعي ، ولأجل ذلك كان الأصل في باب الدماء والفروج والأموال هو لزوم الاجتناب.
النحو الثاني من الحكم العقلي : ما نصطلح عليه بأنه ذو الحكم الواحد كحكم العقل بقبح القول بما لا يعلم ، فانّ مجرد احتمال عدم المطابقة للواقع كاف في الحكم العقلي بالقبح سواء كان في الواقع مطابقا للواقع أم لم يكن ، فلا يكون في البين إلاّ حكم واحد عقلي وموضوعه هو عدم العلم.
والنحو الأوّل من الأحكام العقلية تجري في مورده الأمارات والاصول الاحرازية كالاستصحاب لأن المدار فيه على الواقع ، فينفع فيه ما يكون