قلت : لا يخفى أنّ كلام الشيخ والفارابي في تلك المسألة لم يكن بعد الفراغ عن اعتبار حالية الوصف العنواني وإلاّ لانحصر كلامهما في العرفية العامة أو المشروطة العامة دون باقي القضايا ، مع أنّه لو كان كلامهما بعد الفراغ عن ذلك لورد عليهما أنه حينئذ لا معنى للتكلم في كفاية ثبوت العنوان بالامكان أو بالفعل بمعنى وقوعه في أحد الأزمنة الثلاثة مثلا ، فإنّ اعتبار حالية الوصف العنواني أضيق من كلا القولين. وعليك بمراجعة الأمر الرابع من الامور التي ذكرها في الرسالة الثانية في المشتق (١) المطبوعة مع رسالة التسامح في أدلة السنن تجده وافيا بالمقصود في هذا المقام إن شاء الله تعالى.
ولا بأس بنقل كلامه برمّته ليتّضح لك ذلك ، قال : الرابع : الظاهر أنّ هذا النزاع من الأبحاث اللفظية المتعلقة بتعيين مدلول المشتق لفظا كما يظهر من ملاحظة كلماتهم وأمثلتهم ، واستدلال الطرفين بالتبادر وصحة السلب ونحوها. فلا تنافي بين الذهاب إلى أنّ المشتق ظاهر في الفعلية بالمعنى المتقدم ، وبين ما هو المعروف من علماء الميزان من أنّ الوصف العنواني في الموضوع في القضايا المتعارفة في المحاورات هل يكفي فيه مجرد إمكان اتصاف ذات الموضوع به كما هو المنسوب إلى الفارابي أو يجب فيه تحقق النسبة في أحد الأزمنة الثلاثة التي يعبّر عنه بالفعلية التي تؤخذ جهة في قبال الامكان والضرورة والدوام كما هو المنسوب إلى الشيخ حيث إن القول بالامكان في تلك المسألة ينافي اعتبار الفعلية بالمعنى المذكور هناك ، فكيف بالمعنى المراد في المقام.
__________________
(١) المنسوبة إلى المجدد الشيرازي قدسسره.