ولا يخفى أنه لا حاجة إلى التشبث بذيل كون الحكم أبديا كي يقال من أين أحرزتم الأبدية ، بل يكفينا كون مفاده هو نفي نيل العهد في الاستقبال ، فان نيل العهد مثل دخول الجنة أو شمّ رائحتها في قولهم العاق لا يدخل الجنة أو لا يشمّ ريحها ، فاذا كان عابد الصنم مركبا لهذا النفي في الاستقبال ، وكان الشخص مركبا لعابد الصنم في وقت عبادته ، فقد ركب عليه في ذلك الوقت هذا الأمر الاستقبالي وهو أنه لا ينال العهد.
قوله : الأمر الثاني : أنّ العنوان المذكور في محل النزاع وان كان يعمّ جميع المشتقات إلا أنّه لا بد من تخصيصه بغير اسم المفعول واسم الآلة ... إلخ (١).
الظاهر أنّه لا فرق بين المشتقات ، وأنّ هذا الفرق الذي أبداه قدسسره إنّما هو لأجل أنّه قد أخذ في المبدأ جهة زائدة على أصل المعنى ، وتلك الخصوصية هي لحاظ الانقضاء والمضي في نفس المبدأ ، وحينئذ لا يتصور الانقضاء في اسم الفاعل كما لا يتصور في اسم المفعول ، ويدلك على ذلك أنّه لا يقال هذه المسألة معلومة لزيد فيما إذا علمها ثم جهلها ، وكذلك الحال في مثل قولك هذا الاناء مملوء ماء فيما إذا امتلأ ثم فرغ ، وكذلك الحال في اسم الآلة أعني المفتاح مثلا فانه قد أخذ في مبدئه التهيؤ للفتح وهو بهذا المعنى لا يكون قابلا للانقضاء في اسم الفاعل أعني الفاتح كما هو غير قابل له في اسم الآلة أعني المفتاح ، ويدلك على ذلك أنّ هذا العنوان أعني المفتاح أو الفاتح يصدق على هذه الآلة بمجرد الفراغ من صنعتها وإن لم يتحقق الفتح الفعلي فيها. ومثل ذلك يأتي في اسم المكان
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٢٣ ـ ١٢٤.