قلت : الأولى هو ما تقدم من أن الداعي على البعث الذي هو إلقاء الصيغة إن كان هو الانبعاث كان ذلك مصداقا للطلب الجدي. والمطلب بعد وضوح المراد سهل فتأمل ، وإلاّ فكيف يمكن أن يكون تحقق الطلب في عالم التشريع غاية لايجاد البعث المفروض عدم ترتبه عليه إلاّ مع قصده منه ، فيكون الحاصل أن فعل البعث بداعي ترتيب الطلب عليه يتوقف على كونه مترتبا على ذلك البعث ، وترتبه عليه يتوقف على قصده منه الذي هو فعله بداعي الطلب.
قوله : فإنّ الارادة باتفاق الكل عبارة عن الكيف النفساني القائم بالنفس ، وأمّا الطلب فهو موضوع لتصدي تحصيل شيء في الخارج ... إلخ (١).
قلت : قد يقال إنّها أعني الارادة من مقولة الفعل ، ولعل النزاع المذكور ، أعني كونها من مقولة الكيف أو من مقولة الفعل لفظي ، فمن يدعي أنّها من مقولة الكيف عنى بها الشوق المؤكد ، ومن يدعي أنها من مقولة الفعل عنى بها الاختيار نفسه الذي هو المقدمة الأخيرة المتوسطة بين الفعل والشوق المؤكد ، ولا ريب أنّه أعني الاختيار الذي عبّرنا عنه بالطلب من مقولة الفعل ، ولا أظن أحدا يدعي أنّ ذلك الاختيار من مقولة الكيف ، كما أني لا أظن أحدا يدعي أنّ الشوق المؤكد من مقولة الفعل.
ثم إن اندفاع الجبر بما تقدم أو سيأتي تفصيله (٢) واضح إذا كان تقريبه بأن الفعل معلول للارادة وهي غير اختيارية ، لما عرفت من أنّه غير
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٣٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) لم يتعرض قدسسره فيما تقدم أو ما سيأتي لشبهة الجبر بالتفصيل ، وإنما أشار إلى ذلك في طيّات هذه المباحث ، فراجع صفحة ٣٢٨ ، ٣٣٧ ، ٣٤٣ وما بعدها.