تسميته ، وقد عرفت في حقيقة الوضع أنّ أصله هو هذا النحو من الخلق والايجاد ، أعني إيجاد المعنى بايجاد هذا اللفظ على وجه يتخيّل الواضع أعني المخترع الأول أنه أوجد المعنى بايجاد مثله وخلق مناسبه ، فهل يخرج ذلك الاختراع بأول وجوده عن كون اللفظ حاكيا عن المعنى حكاية المثل عن مثله.
وعلى أيّ تتم أجزاء القضية اللفظية والذهنية وهي الموضوع والمحمول والنسبة ، ويكون مجموع هذه القضية اللفظية أو هاتيك القضية الذهنية وجودا مثاليا للقضية الواقعية التي هي عبارة عن واقع السير والبصرة والنسبة الابتدائية بينهما ، فإن كان إيجاد وخلق فهو منطبق على مجموع القضية ، وإن كان حكاية ولو بالمماثل فهو أيضا منطبق على مجموعها ولا خصوصية لمفاد الهيئة في ذلك ، ولعلّ النزاع يعود لفظيا ، فلاحظ وتأمل.
قوله : فإنّه كما يمتنع حقيقة اجتماع النقيضين ، كذلك يمتنع حضور مفهومه في الذهن أيضا ، بداهة عدم إمكان تصور الوجود والعدم في آن واحد ، بل ينتزع العقل مفهوم الاجتماع من اجتماع زيد وعمرو مثلا ، ثم يتصور كلا من الوجود والعدم ويضيف مفهوم الاجتماع إليهما ... إلخ (١).
لا يخفى أنّ الوجود والعدم بالقياس إلى فعل واحد كما لا يمكن اجتماعهما في الخارج فكذلك لا يمكن اجتماعهما في الذهن ، بمعنى أنّه لا يعقل أن يكون الشيء موجودا في الذهن ومعدوما فيه ، وهذا واضح لا غبار عليه.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٠ ـ ٣١.