وجوبها ، كان حاله حال الشك في المسقط فيجري فيها الاستصحاب بلا مانع.
قوله : نعم تمتاز صيغة افعل عن سائر الأفعال في الدلالة على الاختيارية من وجهين ... إلخ (١).
الانصاف أن هذين الوجهين خصوصا الثاني منهما من أقوى أدلة القول بأنّ مقتضى الأصل اللفظي هو العبادية كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٢) ، لأنّ الغرض إذا كان هو جعل الداعي وكان ذلك موجبا لتقيد الفعل به كان ذلك عبارة اخرى عن تعلق الارادة به بداعي الأمر ويكون التقيد بذلك تقيدا قهريا. أمّا الأمر الأول فهو وإن لم يقتض إلاّ الحسن الفاعلي المتوقف على القصد إلاّ أن القصد لمّا لم يكن قابلا لتعلق الأمر به كان الوصول إلى تحققه منحصرا بايجاد الداعي ، فيرجع الأول إلى الثاني ، هذا.
ولكن الذي ينبغي هو خروج الوجوب التعبدي عن هذا البحث ، إذ لا إشكال في أنّ مقتضى عباديته هو اعتبار القصد فيه وزيادة قصد القربة أو كونه بداعي الأمر. نعم مع قطع النظر عن هذه الجهات يمكننا القول في هذا المقام بعين ما قلناه في المباشرة ، وأن الظاهر إطلاق مفاد الصيغة وتعلقها بالمادة. وإن شئت فقل : الظاهر من إطلاق النسبة البعثية والتحريكية هو دخول القصد في المبعوث إليه على وجه يكون الاكتفاء بنفس المادة العارية عن القصد محتاجا إلى مئونة زائدة على أصل النسبة البعثية إلى المادة ، وحيث لم تتحقق تلك العناية يكون اللازم في الاكتفاء وتسديد حساب الآمر هو تقيدها بالقصد ، هذا من ناحية الأصل اللفظي.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٣.
(٢) في صفحة : ٤٦٦ وما بعدها.