نعم هو على الوجه الثاني من الأمور الجعليّة ، فإنّ رفع الأمر من باب التفضّل عين إسقاط القضاء ، ومن المعلوم أنّ رفعه بجعله ووضعه ، لكنّه لا يمكن المصير إليه.
فتحقّق أنّ إسقاط القضاء في المثال المذكور من الأحكام العقلية.
وهذا الّذي ذكرنا ـ من أنّ صلاة الناسي للأجزاء الغير الركنيّة إنّما هي مسقطة للقضاء ، لكونها منطبقة على الغرض المقصود من المأمور به الواقعي مع عدم تعلّق أمر بها ـ إنّما هو مقتضى الجمع بين مقدّمات ثلاث لا محيص عن واحدة منها :
إحداها : كون تلك الصلاة مجزئة ومسقطة للقضاء إجماعا.
وثانيها : أنّه لا يعقل كونها مأمورا بها ، كما حقّق في محلّه.
وثالثها : أنّه لا يعقل أن يكون الإسقاط من باب التفضّل المحض ، لما عرفت ، والجمع بين تلك المقدّمات لا يمكن إلاّ على الوجه الّذي حقّقناه ، فتدبّر.
ثمّ إنّه بعد الإغماض عن بطلان الوجه الثاني وإن كان الإسقاط من أحكام الوضع لكن الفعل لا يتّصف بكونه مجزيا ، لأنّ الإجزاء غير مستند إليه بوجه ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّا قد أشرنا سابقا إلى أنّ النزاع في المقام إنّما هو في الأمور القابلة للاتّصاف بالصحّة والفساد بحسب نوعها وإن لم يكن هناك عموم أو إطلاق من الشارع يقتضيان صحّة المنهيّ عنه مع قطع النّظر عن النهي.
لكن يظهر من المحقّق القمّيّ (١) ـ قدّس سرّه ـ تخصيصه لمورد النزاع بما إذا كان هناك أحد الأمرين المقتضيين لصحّته مع قطع النّظر عن النهي ، حيث قال : النزاع فيما وصل له جهة صحّة من الشارع ، وعلّله [ بأنّه ] إن
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ ـ ١٥٥ ، والنصّ منقول بالمضمون.