أمّا أوّلها (١) : فلأنّ مجرّد مزيّة اختصاص معنى بفرد لا يوجب انصرافه (٢) إليه عند الإطلاق.
ثمّ إنّه على تقدير تسليمه لا يوجب إرادة كون الشرط سببا للجزاء ، بأن يكون الكلام بمنزلة قوله : هذا سبب له ، حتّى يؤخذ بإطلاقه ويثبت به السببية المنحصرة ، بل غاية ما يفيده ثبوت وصف السببية له في الجملة.
وأمّا ثانيها (٣) : فيتّجه عليه أنّ الخطابات إنّما تحمل على مجاري (٤) العادات ، بحيث لو كان بعض مداليلها على خلاف العادة لا تحمل عليه جدّاً ، ومن المعلوم أنّ وجود السبب المذكور في القضية الشرطية بدون شيء آخر معه في العالم على خلاف العادة إن لم نقل بامتناعه ، فالقضيّة الشرطيّة [ ليست ] على الإطلاق بالنسبة إليه ، بل تنصرف على طبق العادة (٥) ، وهو وجوده مع شيء آخر ، ويحمل عليه ، ومعه لا يثبت كون الشرط المذكور في القضية هو السبب للجزاء ، لعدم منافاتها حينئذ لاشتراكهما في العلّة ، ولا يكون المسبب هو الجزاء لصدق لزوم الجزاء للشرط على تقدير اشتراكهما في العلّة ، إذ لم يؤخذ في معنى اللزوم كون الملزوم مؤثّرا في اللازم ، وكذا على تقدير كون الجزاء هو المسبب إذا كان الشيء الآخر الموجود مع الشرط سببا لوجود الجزاء واقعا ، ومع تسليم ذلك فيتّجه عليه ما مرّ في الطريق السابق ـ من عدم اقتضاء ذلك لإرادة كون الشرط سببا حتّى يؤخذ بإطلاقه ـ في إثبات انحصار السبب.
وأمّا ثالثها : وهو الأصل ، فيتّجه عليه :
__________________
(١) وهو الطريق الرابع الّذي اختاره صاحب الفصول انظر : ١٥٣.
(٢) وهو عبارة عن الطريق الّذي ذكره ، انظر : ١٥٣.
(٣) في النسخة المستنسخة : فلا فيتجه.
(٤) الكلمة في النسخة المستنسخة غير واضحة ، فأثبتناها استظهارا.
(٥) كذا في النسخة المستنسخة ، والأصحّ في العبارة هكذا : بل تنصرف إلى ما هو على طبق العادة ...