وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل : كلّما حقّقناه في مقتضى صيغة النهي ـ المتعلّقة بالعبادات أو المعاملات ـ جار في مادّة [ النهي ] المتعلّقة بواحدة منهما ، وكذا في الحرمة المتعلّقة بواحدة منهما المستفادة من غيرهما من الأدلّة اللبّيّة ، لاتّحاد المناط في الكل ، فإنّ الفساد في الكلّ إنّما هو ملازم لحرمتها ، لا لحرمتها الثابتة بالصيغة ، أو بمطلق اللفظ الشامل للمادّة ، فإذا حرمت تكون فاسدة مطلقا ، أو معاملة فكذلك إذا كانت الحرمة متعلّقة بآثارها ، أو بترتيب تلك الآثار عليها ، فتدبّر.
الثاني : كلّما ذكرنا إلى هنا إنّما هو على تقدير كون النهي نفسيا ، فهل يجري في الغيريّ أيضا ما جرى فيه؟
ألحق ، نعم :
أمّا في العبادات : فواضح ، حيث إنّ صحّتها متوقّفة على انعقادها عبادة ، وذلك يتوقّف على الأمر ، ومع وجود النهي لا يعقل بقاء الأمر واجتماعه معه ولو كان النهي غيريا ، والقائلون بجواز الاجتماع بينهما إنّما يجوّزونه فيما إذا تعدّدت جهتاهما ، وأمّا مع اتّحادها ـ كما هو الحال فيما نحن فيه ـ فهم أيضا مانعون عنه ولو كان النهي غيريّا ، فإذا انتفى الأمر ينتفي (١) الجهة المصحّحة لها ، كما في صورة تعلّق النهي النفسيّ بها.
وأمّا في المعاملات : فلأنّه إذا تعلّق بنفس الأسباب فهو لا يزيد على النفسيّ ، فلا يقتضي الفساد جدّاً ، وأمّا إذا تعلّق بالمسبّبات أو بترتيبها فهو كالنفسي مقتض له البتّة ، فإنّ ثبوت تلك المسبّبات إنّما هو بأمر الشارع وإمضائه ، ومع ردّه ولو غيريّا لا يعقل ثبوتها ، وعدمه يكفي في ثبوت الفساد. هذا.
نعم بناء على كفاية الجهة في انعقاد الفعل عبادة من دون توقّف على وجود
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : فينتفي.