المولى بالاتيان بالماء على نحو الاطلاق وكان غرضه منه غسل الثوب به ، ومن المعلوم أنّه لا فرق في كونه ماءً حاراً أو بارداً أو ما شاكل ذلك ، ثمّ أمر بالاتيان بالماء البارد لأجل الشرب ، فلا شبهة في أنّهما واجبان مستقلان. هذا بحسب مقام الثبوت.
وأمّا بحسب مقام الاثبات فالاحتمال الثاني من هذه المحتملات خلاف الظاهر جداً فلا يمكن الأخذ به ، لما عرفت من ظهور الأمر في الوجوب وحمله على الندب خلاف هذا الظهور فيحتاج إلى دليل ، ولا دليل في المقام عليه وبدونه فلا يمكن.
وأمّا الاحتمال الثالث : فالظاهر أنّ المقام ليس من هذا القبيل ، أي من قبيل الواجب في الواجب كما هو الحال في مورد النذر أو العهد أو الشرط في ضمن العقد المتعلق بحصة خاصة من الواجب ، والوجه في ذلك : هو أنّ الأوامر المتعلقة بالقيودات والخصوصيات في باب العبادات والمعاملات ظاهرة في الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية ، وليست ظاهرةً في المولوية وإن كانت بأنفسها كذلك ، إلاّ أنّ لخصوصية في المقام تنقلب ظهورها من المولوية إلى الارشاد ، كما أنّ النواهي المتعلقة بها ظاهرة في الارشاد إلى المانعية من جهة تلك الخصوصية.
ومن هنا يكون المتفاهم العرفي من مثل قوله عليهالسلام : « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه » (١) هو الارشاد إلى مانعية لبسه في الصلاة ، وكذا الحال في المعاملات مثل قوله « نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الغرر » (٢)
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ( نقل بالمضمون ).
(٢) الوسائل ١٧ : ٤٤٨ / أبواب آداب التجارة ب ٤٠ ح ٣ ( باختلاف يسير ).