الأوامر الحقيقية حيث إنّه لا يمكن جعلها مع علم الآمر بانتفاء شرطها وعدم تحققه في الخارج ، ولا يفرق في ذلك بين القضية الحقيقية والخارجية ، فكما أنّ جعل الحكم مع علم الآمر بانتفاء شرط فعليته وامتثاله في الخارج في القضية الحقيقية من اللغو الواضح ، كذلك جعله مع علمه بانتفاء شرط امتثاله في الخارج في القضية الخارجية.
وعلى الجملة : فجعل الأوامر الحقيقية التي يكون الغرض من جعلها إيجاد الداعي للمكلف نحو الفعل والاتيان بالمأمور به مع علم الآمر بانتفاء شرط فعليتها وامتثالها في الخارج ، لا محالة يكون لغواً فلا يصدر من المولى الحكيم الملتفت إلى ذلك ، هذا.
وقد أورد عليه شيخنا الاستاذ قدسسره بما إليك نصه : ولكنّ التحقيق أنّ ما ذكروه في المقام إنّما نشأ من عدم تمييز أحكام القضايا الخارجية من أحكام القضايا الحقيقية ، وذلك لأنّ الحكم المجعول لو كان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الخارجية لصحّ ما ذكروه ، وأمّا إذاكان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الحقيقية الثابتة للموضوعات المقدّر وجودها في الخارج ـ كما هو الحال في أحكام الشريعة المقدسة ـ فلا مانع من نسخها بعد جعلها ولو كان ذلك في زمان قليل كيوم واحد أو أقل ، لأنّه لا يشترط في صحة جعله وجود الموضوع له أصلاً ، إذ المفروض أنّه جعل على موضوع مقدّر الوجود.
نعم ، إذا كان الحكم المجعول في القضية الحقيقية من قبيل الموقتات كوجوب الصوم في شهر رمضان المجعول على نحو القضية الحقيقية ، كان نسخه قبل حضور وقت العمل به كنسخ الحكم المجعول في القضايا الخارجية قبل وقت العمل به ، فلا محالة يكون النسخ كاشفاً عن عدم كون الحكم المنشأ أوّلاً حكماً مولوياً مجعولاً بداعي البعث أو الزجر.