الزمان قليلاً جداً. ومن الطبيعي أنّه إذا جاز الفصل بين صدور الخطاب من المتكلم وبين قصده تفهيم المخاطب بزمان لم يفرق بين الزمان القليل والكثير ، فاذا جاز في القليل جاز في الكثير أيضاً. وعليه فلا مانع من أن يكون المقصود بالتفهيم من الخطابات الواردة في الكتاب والسنّة جميع البشر إلى يوم القيامة ، يعني كل من وصلت إليه تلك الخطابات فهو مقصود به كما هو كذلك. وكيف ما كان فلا إشكال في إمكان ذلك أصلاً.
وقد تحصّل من مجموع ما ذكرناه : أنّ النزاع في هذا الوجه أيضاً لا يرجع إلى معنىً محصّل.
فالذي ينبغي أن يكون محلاً للنزاع هو الوجه الأخير ، وهو أنّ أدوات الخطاب هل هي موضوعة للدلالة على الخطاب الحقيقي أو الانشائي ، فعلى الأوّل لا يمكن شموله للغائبين فضلاً عن المعدومين ، بل لا يمكن شموله للحاضر في المجلس إذا كان غافلاً عنه فما ظنك بالغائب والمعدوم كما أشرنا إليه آنفاً ، وعلى الثاني فلا مانع من شموله للمعدومين والغائبين حيث إنّ مفادها حينئذ إظهار توجيه الكلام نحو مدخولها بداعٍ من الدواعي ، فلا مانع عندئذ من شمولها للغائب بل المعدوم بعد فرضه بمنزلة الموجود كما هو لازم كون القضية حقيقية ، هذا.
والظاهر أنّها موضوعة للدلالة على الخطاب الانشائي ، فانّ المتفاهم العرفي من أدوات الخطاب هو إظهار توجيه الكلام نحو مدخولها بداعٍ من الدواعي. ومن الواضح أنّ الخطابات بهذا المعنى تشمل المعدومين بعد فرضهم منزلة الموجودين فضلاً عن الغائبين. هذا مضافاً إلى أنّ لازم القول بكون هذه الأدوات مستعملةً في الخطاب الحقيقي في موارد استعمالاتها في الخطابات الشرعية هو اختصاص تلك الخطابات بالحاضرين في مجلس التخاطب وعدم