ومع ملازمة وجود الحرام معها خارجاً لا يكون صدورها حسناً ـ فلا نقول به في المقام ، وذلك لأنّ المانع عن الحكم بالصحة إنّما هو الحرمة الواقعية من جهة أحد هذين الأمرين ، والمفروض أنّها قد سقطت من ناحية الاضطرار أو نحوه واقعاً ، لفرض أنّه رافع للتكليف واقعاً لا ظاهراً ، فإذن لا مانع من الصحة أصلاً.
ومن هنا قلنا بصحة العبادة على القول بالامتناع في صورة النسيان أو نحوه بعين هذا الملاك ، وهو أنّه رافع للتكليف واقعاً ، فإذا كانت الحرمة مرفوعة واقعاً من جهة النسيان أو نحوه لا مانع عندئذ من الحكم بالصحة أصلاً. وكيف كان ، فلا إشكال في صحة العبادة في المقام ولو قلنا بفسادها على القول بالجواز في المسألة ، وسيأتي بيان ذلك (١) بشكل واضح إن شاء الله تعالى.
وأمّا المقام الثالث : وهو ما إذا كان المأمور به متحداً مع المنهي عنه في الخارج ، فهل يصحّ الاتيان بالعبادة المضطر إليها المتحدة مع الحرام خارجاً أم لا؟
وجهان بل قولان ، المعروف والمشهور بين الأصحاب هو القول الأوّل ، ولكن اختار جماعة منهم شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) القول الثاني.
وقد استدلّ للمشهور : بأنّ الموجب لتقييد إطلاق المأمور به بغير الحصة المنهي عنها إنّما هو حرمة تلك الحصة ، وإلاّ فلا مقتضي لتقييده أصلاً ، والمفروض في المقام أنّ حرمتها قد سقطت من ناحية الاضطرار أو نحوه واقعاً ، فلا حرمة بحسب الواقع ونفس الأمر ، ومن المعلوم أنّه مع سقوطها كذلك
__________________
(١) في ص ٥٤ وتقدّم أيضاً في المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٤٤١ ، ٤٩٩.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٨١ وما بعدها.