إكرام جميع العلماء بشتى أنواعهم وأفرادهم كالعدول والفسّاق ونحوهما ، ثمّ إذا ورد خاص كقولنا : لا تكرم فسّاقهم فهو يكشف عن أنّ مراده الجدي هو الخاص دون العام بعمومه ، ضرورة أنّ الاهمال في الواقع غير معقول ، وعليه فبطبيعة الحال يكون مراده فيه إمّا مطلقاً أو مقيداً ، ولا ثالث لهما ، وحيث إنّه لا يمكن أن يكون هو المطلق ، لفرض وجود المقيد والمخصص في البين ، فلا محالة يكون هو المقيد ، يعني أنّ موضوع العام يكون مقيداً بقيد عدمي ، ففي المثال المتقدم يكون موضوع وجوب الاكرام هو العالم الذي لا يكون فاسقاً ، لا مطلق العالم ولو كان فاسقاً ، وعلى ضوء هذا البيان فاذا شك في عالم أنّه فاسق أو ليس بفاسق فكما أنّ صدق عنوان المخصص عليه غير معلوم فكذلك صدق موضوع العام ، فالصغرى في كليهما غير محرزة. فاذن لا محالة يكون التمسك بالعام بالاضافة إليه من التمسك به في الشبهات المصداقية ، كما أنّ التمسك بالخاص بالاضافة إليه كذلك.
وإن شئت فقل : إنّ التمسك بالعام إنّما هو من ناحية أنّه حجة وكاشف عن المراد الجدي ، لا من ناحية أنّه مستعمل في العموم ، إذ لا أثر له ما لم يكن المعنى المستعمل فيه مراداً جدّاً وواقعاً ، والمفروض أنّ المراد الجدي هنا غير المراد الاستعمالي ، حيث إنّ المراد الجدي مقيّد بعدم الفسق في المثال دون المراد الاستعمالي ، وعليه فاذا شك في عالم أنّه فاسق أو لا فبطبيعة الحال شك في انطباق موضوع العام عليه وعدم انطباقه كما هو الحال بالاضافة إلى الخاص ، يعني أنّ نسبة هذا الفرد المشكوك بالاضافة إلى كل من العام بما هو حجة والخاص نسبة واحدة فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، فكما لا يمكن التمسك بالخاص بالاضافة إلى هذا الفرد ، فكذلك لايمكن التمسك بالعام بالاضافة إليه ، ومن هنا يظهر أنّ قياس المقام بالمسألة المتقدمة ـ وهي ما إذا كان