بعد الاضطرار إليه بسوء اختياره واجب بوجوب غيري ومطلوب للشارع ، فكذلك الخروج بعد الدخول ، غاية الأمر أنّ المقدمة التي بها اضطر المكلف إلى شرب الخمر لحفظ النفس المحترمة سائغة في نفسها ، ولكنها صارت محرّمة من ناحية التسبيب والمقدمية ، والمقدمة التي بها اضطرّ إلى الخروج محرّمة في نفسها مع قطع النظر عن كونها مفضية إلى ارتكاب محرّم آخر ومقدمة له ، ولكن من المعلوم أنّه لا دخل لذلك فيما نحن فيه أصلاً ، بداهة أنّه لا فرق في وقوع شرب الخمر مطلوباً في هذا الحال بين كون المقدمة التي توجب اضطرار المكلف إليه سائغة في نفسها أو محرّمة كذلك ، غاية الأمر على الثاني يكون العقاب من ناحيتين : من ناحية حرمتها النفسية ، ومن ناحية التسبيب بها إلى ارتكاب محرّم آخر.
فالنتيجة : هي أنّ الخروج إمّا أن يكون ملحقاً بالقسم الأوّل ، وعلى هذا فيكون واجباً في نفسه ومطلوباً لذاته ولا يكون محرّماً أبداً ، بمعنى أنّ التصرف في أرض الغير بالدخول والبقاء فيها محرّم لا مطلقاً ولو كان بالخروج ، فانّه واجب باعتبار كونه مصداقاً للتخلية بين المال ومالكه ، وإمّا أن يكون ملحقاً بالقسم الثاني ، وعلى هذا فيكون واجباً غيرياً باعتبار أنّه مقدمة لواجب أهم ، وإن كان محرّماً في نفسه من ناحية أنّه تصرف في مال الغير وهو محرّم مطلقاً على الفرض ، وكيف كان فهو على كلا التقديرين غير داخل في موضوع قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار.
ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده قدسسره وهي أنّ تلك الحركات ـ أعني الحركات التي هي مقدمة للكون في خارج الدار ـ خارجة عن كلا البابين ، فكما أنّها ليست من صغريات الباب الأوّل ، فكذلك ليست من صغريات هذا الباب ، والوجه في ذلك : ما تقدم من أنّ تلك الحركات بقيت على ما هي عليه