إلى عدم تعقل التخيير بين الأقل والأكثر على ما ذكرناه ، كما هو واضح.
ونتيجة هذا البحث في عدّة خطوط :
الأوّل : أنّ القول في المسألة بأنّ الواجب هو ما يختاره المكلف في مقام الامتثال دون غيره ، باطل جداً وغير مطابق للواقع قطعاً ، وقد دلّت على بطلانه وجوه أربعة : ١ ـ أنّه مخالف لظاهر الدليل. ٢ ـ أنّه منافٍ لقاعدة الاشتراك في التكليف. ٣ ـ أنّه يستلزم عدم الوجوب في الواقع عند عدم اختيار المكلف أحدهما في مقام الامتثال. ٤ ـ أنّه إذا لم يكن شيء واجباً حال عدم الامتثال لم يكن واجباً حال الامتثال أيضاً.
الثاني : أنّ شيخنا المحقق قدسسره (١) قد وجّه القول بأنّ كلاً منهما واجب تعييناً ، غاية الأمر أنّ وجوب كل منهما يسقط باتيان الآخر بتوجيهين :١ ـ أن يفرض قيام مصلحة لزومية بكل منهما ، ولأجل ذلك أوجب الشارع الجميع ، ولكن مصلحة التسهيل تقتضي جواز ترك كل منهما إلى بدل. ٢ ـ أن يفرض أنّ المصلحة المترتبة على كل منهما وإن كانت واحدة بالنوع ، إلاّ أنّ الالزامي من تلك المصلحة وجود واحد ، وبما أنّ نسبته إلى الجميع على حد سواء ، فلذا أوجب الجميع ، وقد ناقشنا في كلا هذين التوجيهين بشكل واضح وقدّمنا ما يدل على عدم صحّتهما كما سبق.
الثالث : أنّ ما اختاره المحقق صاحب الكفاية قدسسره من أنّ الغرض إن كان واحداً فالواجب هو الجامع بين الفعلين أو الأفعال ، ويكون التخيير بينهما عقلياً ، وإن كان متعدداً فالواجب هو كل منهما مشروطاً بعدم الاتيان بالآخر ، لا يمكن المساعدة عليه ، فانّ الفرض الأوّل يرتكز على أن يكون المقام
__________________
(١) تقدّم ذكر المصدر في ص ٢٠٩