أو بعضا ، ولكن لم يعلم أنّ أحكامه هل هي ما أخبر به الجميع ، أو واحدا ، أو اثنان.
فإن كان الجميع متساويين من جميع الوجوه فلو عمل بقول واحد معيّن منهم من حيث هو قوله كان ترجيحا بلا مرجّح وموردا للقبح. ولكن لو كان الظّن الحاصل من قول أحدهم أقوى ، أو ضمّ معه مكتوب متضمّن للأخذ بقوله من السّلطان أو الوزير من غير أن يفيد العلم ولا أن يكون دليل على حجيّة ذلك المكتوب ، فلو أخذ بقوله وعمل به ، لم يلزم ترجيح بلا مرجّح ولا قبح فيه عقلا ولا عرفا. نعم ، لا يجوز له الحكم بأنّ الواجب أخذه إلاّ مع حجّة عليه.
ومن هذا القبيل لو حضر طعامان عند أحد أحدهما ألذّ من الآخر فلو أكل هذا الشخص الألذ لم يرتكب ترجيحا بلا مرجّح وإن لم يلزم أكل الألذّ ولكن لو حكم بلزوم أكله لا بدّ من تحقّق دليل عليه ولا يكفي مجرّد الألذّية. نعم ، لو كان أحدهما مضرّا يصحّ الحكم له باللّزوم.
ومن ذلك القبيل أيضا من أراد المسافرة إلى بلد كان له طريقان متساويان من جميع الوجوه ولكن سافر بعض أحبّائه من أحدهما فلو اختار هو أيضا المسافرة من ذلك الطّريق لم يرتكب ترجيحا بلا مرجّح ، ولكن لو حكم بتعيين هذا الطّريق للسّلوك احتاج إلى دليل.
وبالجملة : جميع الموارد كذلك ، والحكم بلا دليل غير التّرجيح بلا مرجّح ، وشتان ما بينهما. فالمرجّح غير الدّليل ، والأوّل يكون في مقام الميل والعمل والثّاني في مقام التّصديق والحكم.
وإذ عرفت تلك المقدّمة فنقول : ليس مراد المورد أنّه يجب العمل بالظّن المظنون حجيّته ، وأنّه الظّن الّذي يجب العمل به بعد سدّ باب العلم ، بل غرضه أنّ