الظّن القويّ من أيّ سبب حصل دون الظّن الضّعيف ، وهذا لا ينافي كون الحجّة الظّن الشّخصي ، كما أنّه لا خصوصيّة للمورد والسّبب ، وهذا وإن كان أمرا واضحا لاسترة فيه أصلا ، إلاّ أن الدّاعي للتّعرض له أنّا رأينا في كلام بعض أهل العصر الاعتراض على ما أفاده شيخنا قدسسره من المواضع للتّكلّم في الكليّة والتّخصيص والإهمال في النّتيجة من حيث القصور والغفلة عن مرامه ، بل عن المطلب الواضح فتأمّل حتّى لا تقع في الاشتباه فيما ذكرنا من عدم التّلازم في حكم المواضع.
الفرق بين العمل بالظّنّ بعنوان الحجّيّة
وبعنوان التبعيض في الاحتياط
ثمّ إنّه لمّا كان مبنى ما أفاده قدسسره : من عدم التّعميم بحسب المرتبة ولزوم الاقتصار في مخالفة الاحتياط الكلّي ، على الظّن القوي بخلاف الحكم الإلزامي على اندفاع الجرح بمخالفة الاحتياط فيما لو اقتصر عليه ، فيوجّه عليه سؤال بيّنه بقوله قدسسره : « فإن ثبت (١) أنّ العمل بالاحتياط ... إلى آخره » (٢).
فإنّه يتعيّن في حكم العقل فيما فرضه التّبعيض في الاحتياط بما ذكره ؛ فإنّه أبعد عن مخالفة الواقع المعلوم بالإجمال بخلاف ما لو عكس الأمر وخالف الاحتياط في مظنونات التّكليف ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى العمل بالظّن في موارد وجوده مطلقا سواء قام على التّكليف أو على خلافه وإلى الأصول في
__________________
(١) كذا وفي الكتاب : « فإن قلت : ... إلى آخره » وهو الصحيح.
(٢) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٠٦.