أقول : قد يناقش في جواز التمسّك بالسّيرة في المقام من حيث عدم العلم بتحقّقها من المتديّنين ، مضافا إلى عدم العلم بتحقّق شرائط كشفها عن تقرير المعصوم عليهالسلام كيف؟ ويكفي في الردع أخبار التوقف والاحتياط فلا يتم الاستناد إليها ، إلا بعد منع دلالتها ، ولا خلاف في البراءة على التقدير المذكور.
وأمّا القول : بأن بناء الشرع على تبليغ المحرّمات دون المباحات وليس ذلك إلاّ من جهة عدم حاجة الإباحة إلى البيان ، وكفاية عدم العلم بالتحريم في الحكم بالرخصة ، سيّما بملاحظة ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجّة الوداع (١).
فهو كما ترى ؛ إذ يتوجّه عليه ـ مضافا إلى أن بناء الشرع على تبليغ جميع الأحكام من غير فرق بين التحريم والإباحة ـ : أنّ ذلك إنما يفيد فيما لو كان عدم
__________________
فإن ما استند اليه في التفصيل بين الأزمنة من الخبر الوارد في انّ لكلّ واقعة حكما ، لا يختصّ بزمان دون زمان ، بل هو ثابت في كلّ الأزمنة. وأمّا ما في خطبة حجّة الوداع ، فلعمري إنه على الاخباري لا له ؛ فإن مقتضاه حصر المحرّم في ما نهى عنه وبلّغ ، وما سواه مباح ، ومع الغض عن ذلك ينتج جوابه تسليم السيرة في حياة النبي ٦ ، وإنكار ذلك في بعض أزمنة حياته ٦ وتمام الأزمنة المتأخرة ، وهل يرضى الأخباري بهذه الموهومات الموهونات؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار إنتهى.
حاشية رحمة الله على الفرائد : ٢٠٣.
(١) الكافي الشريف : ج ٢ / ٧٤ باب « الطاعة والتقوى » ـ ح ٢ ، عنه وسائل الشيعة : ج ١٧ / ٤٥ باب « استحباب الاجمال في طلب الرزق » ـ ح ٢.