وصحت وقلت : الله! الله! الأمان الأمان يا أمير المؤمنين ، اذكر ما كان في خلافة الأول مني حين وثب إليك ، وبعد فاذكر ما كان مني إلى خالد بن الوليد الفاسق بن الفاسق حين أمره الخليفة بقتلك ، وبالله ما شاورني في ذلك فكان مني ما كان حتى شكاني ووقع بيننا العداوة ، واذكر ـ يا أمير المؤمنين ـ ما كان مني في مقامي حين قلت : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فارتاب الناس وصاحوا وقالوا : طعن على صاحبه ، قد عرفت هذا كله ، وبالله إن شيعتك يؤذونني ويشنعون علي ، ولو لا مكانك ـ يا أمير المؤمنين ـ لكنت نكلت بهم ، وأنت تعلم أني لم أتعرض لهم من أجلك وكرامتك ، فاكفف عني هذا الثعبان فإنه يبلعني. فلما سمع هذا المقال مني قال : أيها المسكين لطفت في الكلام ، وإنا أهل بيت (١) نشكر القليل ، ثم ضرب بيده إلى الثعبان وقال : ما تقول؟. قلت : الأمان! الأمان! قد علمت أني لم أقل إلا حقا ، فإذا قوسه في يده وليس هناك ثعبان ولا شيء ، فلم أزل أحذره وأخافه إلى يومي هذا.
قال سلمان : فضحكت وقلت : والله ما سمعت بمثل هذه الأعجوبات.
قال : يا أبا عبد الله! هذا ما رأيته أنا بعيني هاتين ، ولو لا أني قد رفعت الحشمة فيما بيني وبينك ما كنت بالذي أخبرك بهذا.
قال سلمان : فتجاهلت عليه ، فقلت : هل رأيت منه سحرا غير ما أخبرتني به؟. قال : نعم ، لو حدثتك لبقيت منه متحيرا ، ولا تقل ـ يا أبا عبد الله ـ إن هذا السحر هو الذي أظهره ، لا والله ولكن هو وراثة يرثونها. قلت : كيف؟.
قال : أخبرني أبي أنه رأى من أبيه أبي طالب ومن عبد الله سحرا لم يسمع بمثله ، وذكر أبي أن أباه نفيلا أخبره أنه رأى من عبد المطلب سحرا لم يسمع بمثله.
قال سلمان : فقلت : : حدثني بما أخبرك به أبوك؟.
قال : نعم ، أخبرني أبي أنه خرج مع أبي طالب (ع) في سفر يريدون الشام
__________________
(١) لا توجد : بيت ، في (س).