قال سلمان : قلت : بئس ما قلت يا عبد الله؟. فقال : ويحك! اقبل مني ما أقوله فو الله ما علم أحد بهذا الكلام ولا أحد عرف خبر هذا المال غيري ، فمن أين علم؟ وما علم هو إلا من السحر ، وقد ظهر لي من سحره غير هذا؟. قال سلمان : فتجاهلت عليه ، فقلت : بالله ظهر لك منه غير هذا؟. قال : إي والله يا أبا عبد الله؟. قلت : فأخبرني ببعضه. قال : إذا والله أصدقك ولا أحرف قليلا ولا كثيرا مما رأيته منه ، لأني أحب أن أطلعك على سحر صاحبك حتى تجتنبه وتفارقه ، فو الله ما في شرقها وغربها أحد أسحر منه ، ثم احمرت عيناه وقام وقعد ، وقال : يا أبا عبد الله! إني لمشفق عليك ومحب لك ، على أنك قد اعتزلتنا ولزمت ابن أبي طالب ، فلو ملت إلينا وكنت في جماعتنا لآثرناك وشاركناك في هذه الأموال ، فاحذر ابن أبي طالب ولا يغرنك ما ترى من سحره! فقلت : فأخبرني ببعضه. قال : نعم ، خلوت ذات يوم أنا وابن أبي طالب (ع) في شيء من أمر الخمس ، فقطع حديثي وقال لي : مكانك حتى أعود إليك ، فقد عرضت لي حاجة ، فخرج ، فما (١) كان بأسرع أن انصرف وعلى عمامته وثيابه غبار كثيرة ، فقلت : ما شأنك يا أمير المؤمنين؟. قال : أقبلت على عساكر من الملائكة وفيهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يريدون بالمشرق مدينة يقال لها : صحور ، فخرجت لأسلم عليه ، فهذه الغبرة من ذلك ، فضحكت تعجبا من قوله ، وقلت : يا أبا الحسن! رجل قد بلي في قبره وأنت تزعم أنك لقيته الساعة وسلمت عليه ، هذا ما لا يكون أبدا. فغضب من قولي ، ثم نظر إلي فقال : أتكذبني؟!. قلت : لا تغضب فإن هذا ما لا يكون. قال : فإن عرضته عليك حتى لا تنكر منه شيئا تحدث لله توبة مما أنت عليه؟. قلت : لعمر الله. فاعرضه علي ، فقال : قم ، فخرجت معه إلى طرف المدينة ، فقال لي : يا شاك غمض عينيك ، فغمضتها فمسحهما ثم قال : يا غافل افتحهما ، ففتحتهما فإذا أنا والله ـ يا أبا عبد الله ـ برسول
__________________
(١) في (س) : فيما.