ناحية أُخرى كالإخلال بالموالاة في الوضوء ، فهل يكون الرِّياء المتحقق في جزء منه كغسل اليد اليمنى مثلاً موجباً لبطلانه وإن ندم وأتى به مرّة أُخرى بداعٍ قربي لأن الشيء لا ينقلب عما وقع عليه ، فالوضوء ممّا تحقق الرِّياء في أثنائه سواء ندم بعد ذلك وأتى بالجزء ثانياً أم لم يندم عليه ، أو أنه لا يوجب البطلان؟ وجهان بل قولان.
قد يقال ببطلان العمل بذلك تمسكاً بإطلاقات الأخبار الواردة في المقام ، لأنه يصدق أنه عمل لله ولغيره فهو لغيره ، أو كمن عمله لغيره (١) وهو مما أدخل فيه رضا أحد من الناس (٢) إلى غير ذلك من الإطلاقات.
إلاّ أنّ الصحيح عدم بطلان العبادة بذلك ، والوجه فيه أن الشركة إنما تتحقّق فيما إذا كان العمل واحداً وأتى به لله ولغيره ، فمثله يحسب من شريكه في العبادة ولا يحسب من الله لأنه خير شريك ، وأما مع التعدّد والإتيان ببعضه لله والاشتراك في بعضه فلا معنى للشركة فيما أتى به لله ، وإنما الشركة في ذلك الجزء الذي أتى به أوّلاً بداعي غيره تعالى فهو محسوب لذلك الغير ، فإذا لم يقتصر عليه بل أتى به ثانياً بداع قربي إلهي فيصدق حقيقة أنه عمل أتى به بأجمعه لله وبالداعي الإلهي القربي ، فحيث إن ما أتى به بداعي الله سبحانه من غسل الوجه والمسح وغسل اليد اليمنى ثانياً مثلاً مما لا اشتراك فيه فلا موجب لاحتسابه للغير الذي هو مضمون رواية البرقي (٣) وهي العمدة في المقام ، وكذلك الحال في بقيّة الأخبار ، لأنّ إتيان العمل له ولغيره إنما يتحقق مع وحدة العمل حتى يقع فيه الاشتراك ، وأمّا مع التعدّد وكون بعضه خالصاً له تعالى فلا معنى للاشتراك في ذلك البعض فلا موجب لبطلانه ، وإنما الباطل هو الجزء الذي أتى به اشتراكا.
__________________
(١) هذا مضمون صحيحة هشام بن سالم التي رواها البرقي وتقدّمت في ص ٧.
(٢) هذه الجملة وردت في رواية زرارة وحمران عن أبي جعفر عليهالسلام ، الوسائل ١ : ٦٧ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١١ ح ١١.
(٣) المتقدّمة في ص ٧.