بطهارته أو أن نجاسته وقعت محلا للخلاف ، وإنما حكمنا بنجاسة الناصب لما ورد في موثقة ابن أبي يعفور من « أن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وأن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » (١).
وعلى الجملة أنّ هذه الأخبار مما لا إشعار فيه بنجاسة الغسالة فضلاً عن أن تدلّ عليها ، ومن هنا لا بد من حملها على استحباب التنزه عن الغسالة لتقذرها بالقذارة المعنوية لأنها مسّت اليهودي والنصارى والجنب وولد الزنا وغيرهم ممن لا تخلو من القذارة معنى ، هذا بل ورد النهي عن الاغتسال بما قد اغتسل فيه وإن كان المغتسل في غاية النظافة والورع ، حيث ورد : « من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (٢).
ومما يدلنا على أن النهي عن الاغتسال في غسالة الحمّام تنزيهي صحيحة محمد بن مسلم ، قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الحمّام يغتسل فيه الجنب وغيره اغتسل من مائه؟ قال : نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه وجئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلاّ بما لزق بهما من التراب » (٣) وصحيحته الثانية قال : « رأيت أبا جعفر عليهالسلام جائياً من الحمّام وبينه وبين داره قذر فقال : لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ، ولا يجنب ( ولا يخبث ) ماء الحمّام » (٤) وموثقة زرارة « رأيت أبا جعفر عليهالسلام يخرج من الحمّام فيمضي كما هو ، لا يغسل رجليه حتى يصلِّي » (٥) فانّ هذه الأخبار دلّتنا على طهارة غسالة الحمّام لأنه عليهالسلام لم يغسل رجليه مع القطع باصابتهما الغسالة ، إما لأنه عليهالسلام بنفسه قد اغتسل في الحمّام كما هو مقتضى الصحيحة الأُولى فاصابة الغسالة برجليه عليهالسلام واضحة ، وإما لأن رجليه وقعتا على أرض الحمّام يقيناً كما أن الغسالة أصابت الأرض قطعاً فقد أصابتهما
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٢٢٠ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥ ، ٢.
(٣) الوسائل ١ : ٢١١ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٣.
(٤) الوسائل ١ : ١٤٩ / أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٣ وفي بعض النسخ ( ما غسلت رجلي ولا نحيت ( ولا تجنبت ) ماء الحمّام ).
(٥) الوسائل ١ : ٢١١ / أبواب الماء المضاف ٩ : ٢.