حكمنا بطهارته مما يشك في نجاسته تقديماً للظاهر على الأصل ، وقال جمع بطهارتها وأن حال غسالة الحمّام حال بقية الأُمور التي يشك في طهارتها ونجاستها لقوله عليهالسلام : « كلّ شيء نظيف ... ». وليعلم أن محل البحث والكلام إنما هو صورة الشك في طهارة الغسالة ونجاستها ، وأما مع العلم بحكمها كما قد يتفق في الحمّامات المعمولة في البيوت ، حيث يحصل العلم في بعض الموارد بملاقاتها مع العين النجسة أو بعدم ملاقاتها فهي خارجة عن محل البحث وهو ظاهر.
وقد استدلّ للقول بنجاستها بجملة من الأخبار الواردة في المنع عن الاغتسال بماء الحمّام أو بغسالته (١) لأنه سواء أُريد من الاغتسال في تلك الروايات معناه المصطلح عليه الذي هو في مقابل الوضوء أم أُريد به معناه اللغوي أعني إزالة الوسخ لا وجه للنهي عنه إلاّ نجاستها. هذا ولا يخفى أن تلك الروايات لا دلالة لها على نجاسة الغسالة بوجه ، لأن النهي فيها معلّل بعلل غير مناسبة لنجاسة الغسالة ، ففي بعضها : « فإنه يغتسل فيه من الزّنا ويغتسل فيه ولد الزّنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم » ، وفي آخر « إن فيها تجتمع غسالة اليهودي والنصارى والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم » وغيرهما من العلل ، ومن الظاهر أن بدن الجنب مطلقاً وكذا ولد الزنا والجنب من الحرام كلّها محكوم بطهارته. نعم ، وقع الكلام في نجاسة عرق الجنب من الحرام وقد مرّ أنّ الحق طهارته ، كما أنّ نجاسة اليهود والنصارى ليست متسالماً عليها في الشريعة المقدّسة ، وما هذا شأنه كيف يصلح أن يعلل به نجاسة غسالة الحمّام.
على أنها قد عللت في بعض أخبارها بأن ولد الزنا لا يطهر إلى سبعة آباء ، وهذه قرينة قطعية على أنّ النهي عن الاغتسال في غسالة الحمّام غير مستند إلى نجاستها بالمعنى المصطلح عليه ، لعدم نجاسة ولد الزّنا في نفسه فضلاً عن أبنائه إلى سبعة أبطن والناصب لأهل البيت عليهمالسلام وإن قلنا بنجاسته إلاّ أنه ليس بهذه الرواية لما عرفت ما فيها من القصور ، فانّ غير الناصب ممّن ذكر معه في الرواية إما نقطع
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٨ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ١ ٥.