النجاسة في أثناء الصلاة إلاّ أن صحيحة زرارة (١) دلتنا على أن من علم بنجاسة سابقة في أثناء الصلاة يقطع صلاته وهي باطلة إلاّ أن يحتمل طروها في أثنائها فإنه يقطع صلاته ويغسله ثم يبني عليها ، وحيث إن الصحيحة أخص من الموثقة فلا محالة تخصصها ومعه يحكم بوجوب إزالة النجاسة السابقة على الصلاة فإنها مانعة عن صحتها. ثم إنه ورد على هذا المخصص مخصص آخر وهو أدلة العفو عما دون الدرهم من الدم لدلالتها على عدم بطلان الصلاة فيه ولو كان سابقاً على الصلاة وصلّى فيه متعمداً ، وهذا هو القدر المتيقن من التخصيص في صحيحة زرارة وغيرها مما دلّ على مانعية النجاسة السابقة على الصلاة ، وبهذا المقدار تخرج عن عموم أدلة المانعية أو إطلاقها. وأما الدم الزائد على مقدار الدرهم أو ما هو بقدره متفرقاً فخروجه عنها غير معلوم وعموم أدلة المانعية أو إطلاقها محكّم فيه.
فتحصل إلى هنا أنه لا فرق فيما هو بقدر الدرهم فما زاد بين كونه مجتمعاً وكونه متفرقاً ، هذا إذا كان الدم في الثوب ، وكذلك الحال فيما إذا كان في البدن لما مر من عدم الفرق بين الثوب والبدن. وعدم ذكر البدن في الأخبار من جهة أن الغالب إصابة الدم الثوب لأنه مستور به ، وعليه لو فرضنا أن في ثوبه وبدنه دماً لا يبلغ كل منهما مقدار الدرهم بنفسه إلاّ أنهما على تقدير اجتماعهما يبلغان مقدار الدرهم فما زاد فلا محالة تجب إزالته وهو مانع عن الصلاة.
بقي شيء وهو أن للمصلي إذا كان أثواب متعددة كما هو المتعارف في الأعصار المتأخرة ، وكان الدم في كل واحد منها أقل من مقدار الدرهم إلاّ أن مجموعة بقدره فما زاد فهل تجب إزالته وهو مانع من الصلاة؟ التحقيق لا ، وذلك لأن الأخبار الواردة في المسألة إنما موردها الثوب وقد دلت على أن الدم الكائن فيه إذا كان بمقدار الدرهم فما زاد مجتمعاً بالفعل أو بالتقدير وجبت إزالته ، كما أنه إذا كان أقل من ذلك يعفى عنه في الصلاة ، فإذا فرضنا أن الدم في كل واحد من الأثواب أقل من مقدار الدرهم فهو موضوع مستقل للعفو وتشمله أدلته إذ يصدق أنه ثوب والدم الكائن فيه أقل من
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٨٢ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ١.