ونحن ندع له إنشاء
هذا اللفظ لينحلّ له ذلك المعنى الغير المتصوّر كرامة له وكراهة للمنازعة معه.
وقد ذكر هذا
الأستاذ في بعض كلامه : أنه لا يمكن استعمال اللفظ في معنيين إلاّ إذا كان
المستعمل أحول العينين . وما هذا إلاّ خطابة حسنة ، ولكن أحسن منها أن يقال : إنه
يكفي في ذلك أن لا يكون ذا عين واحدة فإذا كان ذا عينين أمكنه استعمال العين في
معنيين.
واعلم ، أنّ أقوى
أدلّة الإمكان وأسدّها الوقوع ، وهذا النحو من الاستعمال واقع كثيرا ، وهو في كثير
من المواقع حسن جيّد جدّاً.
وعليه تدور رحى
عدّة من نكات البديع كبراعة الجواب والتورية وأحسن أقسام التوشيع ، فانظر ـ إذا
شئت ـ إلى قول القائل في مدح النبيّ الأكرم والحبيب الأعظم صلّى الله عليه وآله ،
من البسيط :
المرتمي في دجى
، والمبتلى بعمى
|
|
والمشتكي ظمأ ،
والمبتغي دينا
|
يأتون سدّته من
كل ناحية
|
|
ويستفيدون من
نعمائه عينا
|
تراه قد استعمل
الكلمة الأخيرة من البيت الثاني في معان أربعة يوضّحها البيت الأوّل.
وإلى قول القائل في جواب السائل ، من الكامل :
أيّ المكان تروم
ثمّ من الّذي
|
|
تمضي له فأجبته
المعشوقا
|
أراد بالكلمة
الأخيرة معناه الاشتقاقي ، وقصرا كان للمتوكّل بسامراء.
وقول المشتكي طول
ليلته ودماميل في جسده : « وما لليلتي وما لها فجر ».
ولا أدري ما ذا
يقول المانع في هذه الأبيات الثلاثة ونظائرها الكثيرة ، فهل
__________________